الاعتداء على الندوات السياسية .. رهان الديموقراطية الخاسر.. ضوابط الممارسة

 

الخرطوم: نجدة بشارة     12 اغسطس 2022م 

أكد مسؤول بمسجل شؤون الأحزاب رفض الإفصاح عن اسمه أن هنالك ضوابط ولوائح للمؤتمرات والندوات السياسية، التي تقيمها الأحزاب السياسية المسجلة لدى تنظيمات الأحزاب، وقال  لـ(الصيحة) إن اللوائح  تقيِّد الأحزاب بمخاطبة مسجل الأحزاب قبل قيام الندوة وتسجيل وقت ومكان الندوة، حتى يتمكَّن المسجل من مخاطبة السلطات وتأمين المؤتمر أو الندوة السياسية من أي سلوك عنف أو اعتداء، وأكد أن -حالياً- هنالك  107 أحزاب سياسية مسجلة بصورة رسمية لدى شؤون الأحزاب .

فيما أوضح أن الاعتداء على ندوة المحاميين شأن يخص نقابتهم، ولا تنطبق على المنظم أي لائحة تنظيمية خاصة بالأحزاب حتى في ظل مشاركة الأحزاب بالندوة نسبة إلى أن الجهة المنظمة للفعالية هي نقابة المحامين.

اعتداء وإدانة

وكانت مجموعات بزي مدني قد أعتدت  بحسب إفادات شهود عيان على ورشة الدستور التي أقامتها اللجنة التسيرية لنقابة المحامين بدار نقابة المحامين السودانيين بالعمارات أمس الأول .

ووفقاً لبيان صدر عن محامي الطوارئ عن هجوم مجموعات بزي مدني ومن ضمنهم محامون ينتمون لحزب المؤتمر الوطني المحلول .

وحسب البيان فإن المجموعة استخدمت العصي والهراوات والحجارة في مواجهة المشاركين في الورشة والمحامين  .

وأدانت قطاعات سياسية ونقابية واسعة  هذا السلوك العنفي بأشد العبارات فيما توعد المحامون بمباشرة ومتابعة كافة الإجراءات القانونية في مواجهة المتورطين في هذا السلوك .

جريمة جنائية

أكد القيادي بالحزب الشيوعي، والخبير القانوني صالح محمود لـ(الصيحة) إن أي اعتداء على نشاط سياسي استهدف أشخاصاً وممتلكات تعتبر جريمة جنائية يحاسب عليها القانون الجنائي لسنة 1991م، وبالتالي محاسبة المنتهكين وفق نص القانون، وأشار إلى الاعتداء على ورشة صناعة الدستور ظاهرة مرفوضة، وتعبِّر عن الفوضى وغياب القانون، وزاد هذه الممارسات من شأنها أن تهدد الاستقرار والسلم  الاجتماعي، وتقوض الديموقراطية، وأضاف : حتى إذا لم يكن لدينا دستور حالي في السودان لكن نحن محكومين بالآليات الدولية والإقليمية، مثل الميثاق الافريقي لحقوق الإنسان، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهود الدولية.

تهديد الديموقراطية

وأوضح صالح أن مثل هذه السلوك والعنف مهدِّد للديموقراطية في السودان، وقال: من حق أي فرد أن يكون له حرية المعتقد والانتماء، وحق التعبير، وأن  التنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني يحق لها ممارسة أنشطتها السياسية بالطرق والأساليب التي تراها مناسبة وهي حق دستوري مكفول، وأن أي محاولة لإجهاض الممارسة يعتبر تهديداً للديموقراطية.

والشاهد أن الاعتداء على ندوة المحامين لم تكن المرة الأولى التي يحدث فيها فض وتخريب لندوة سياسية، حيث تم فض ندوة للحرية والتغيير بميدان الرابطة شمبات قبل ديسمبر 2021 م، ثم حدث اعتداء على ندوة نظمها الحزب الشيوعي.

في المقابل، تساءل مراقبون عن مَن المستفيد من الفراغ السياسي وشيطنة الأحزاب السياسية وإخراجها خارج دائرة الحدث وتصويرها أنها غير مرغوب فيها من قبل الشارع؟ وهل المخرِّبون من المدنيين والأحزاب المناوئة، وزادوا: بأن نهاية الممارسة السياسية المدنية ستكتب بيد الأحزاب السياسية التي تغتال بعضها البعض، فيما أجمعوا على أن قبول الآخر المُختلف معه ركيزة أساسية لبناء الدولة المدنية والتحوُّل الديموقراطي والتداول السلمي للسلطة.

من اعتدى على الندوة؟

قال وزير شؤون الوزراء السابق والقيادي بقوى الحرية والتغيير، خالد عمر يوسف، إن من هجموا على الندوة هم من أسماهم الفلول، ووصف ما حدث دليل ضعفٍ وإفلاسٍ وقلّة حيلة.

جاء ذلك في تدوينة على صفحته الرسمية بالفيسبوك.

قال خالد عمر يوسف، إنّ مشاركتهم في الورشة ستستمر، وإنّ كلّ أشكال البلطجة لن تثنيهم عن المضي قدمًا لمحاصرة السلطة الانقلابية ومن شايعها.

وأردف: ”سنمضي إلى الأمام عبر العمل السياسي والميداني والإعلامي وكافة أشكال المقاومة السلمية” وتابع:” هذه البلاد لن تحكم بالظلاميين وسيبلغ شعبنا غاياته في الحرية والسلام والعدالة طال الزمن أم قصر”.

إصلاح الخطاب السياسي 

ويرى المحلِّل السياسي وسكرتير عام تيار الوسط للتغيير نصر الدين أحمد عبد الله، في حديثه لـ(الصيحة) أن الاعتداء على  الندوات السياسية يعد تراجعاً كبيراً واستهدافاً للديموقراطية والحريات،  واعتبر هذا مؤشراً سيئاً لمرحلة التحوُّل الديموقراطي عبر استخدام ذات الأسلحة للنظام الشمولي السابق، وبالتالي هذا التخريب يدعم مسارات الحركة الشمولية. وقال نحن نُدين هذا السلوك، وأردف أعتقد أن الوقت أصبح الآن مناسباً للتفكير جدياً في إصلاح الخطاب السياسي مدخلاً لإصلاح الحياة السياسية، وإن هذا هو الوقت المُناسب لكي نتحمّل مسؤوليتنا قوى سياسية ناضجة تجاه ما يحدث في الساحة من إرباك وتعقيد مُتعمِّد للمشهد. ورأي أن إدانة ما حدث يجب ألا تقتصر على بوستات الفاعلين السياسيين (أحزاب ومنظمات ولجان)، ولكنها يجب أن تصدر بقلب صادق رافض لهذا السلوك فعلاً ومؤمن بالحق في التعبير.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى