الاغتيالات السياسية.. مُجرّد تهديد للخصوم أم نوايا حقيقية؟

 

الخرطوم- آثار كامل

تعد الاغتيالات واحدة من أساليب المخاشنات السياسية, بل ووسيلة للتخلص من الخصوم السياسيين عن طريق القتل، وقد شهدت مختلف دول العالم, حوادث اغتيال شملت سياسيين ونشطاء حقوقيين وصحفيين في محاولة لإسكات أصواتهم, فالاغتيال وسيلة يستخدمها كل العالم وراح ضحيتها العديد من المشاهير على رأسهم الرئيس المصري انور السادات والملك فيصل بن عبد العزيز ورئيس الوزراء رفيق الحريري ورئيسة الوزراء انديرا غاندي وبات سلاح الاغتيالات أقرب من أي وقت مضى في السودان الذي تحول خلال سنوات البشير إلى ملاذ لكثير من القوى المتشددة ولم يغادر الكثير من عناصرها البلاد الفترة الماضية, ويظهر سلاح الاغتيال على المسرح السياسي في ظل كثير من الأحداث المتسارعة الآن, منها محاولة عودة النظام البائد والصراعات السياسية الدائرة الآن, بجانب عمل لجنة إزالة التمكين في القضاء على الفساد ووجود طرف آخر له رأي في اللجنة بأنها ظالمة, كثير من العوامل مساعدة في استخدام سلاح الاغتيال كأقرب حل للتخلص من اشخاص, ونجد ان مسلسل اغتيال الاشخاص بدأ بالفعل في السودان من خلال تعرض رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لمحاولة اغتيال, دارت تساؤلات عن الجهة التي تقف وراءها، والهدف من استهداف رئيس الوزراء, وبمقارنة بسيطة يمكن أن نقول إن الخلايا النائمة المنطلقة من منصات دينية اخف ضرراً على المجتمع من نظيرتها السياسية, سواء وسطية اهل السودان التي ابعدتهم من كل هذا وجود خلايا نائمة على وسائد السياسة, فإنه من الراجح ان تكون استمدت اي خلايا قدرتها على النوام مما تعارف عليه بأدبيات صراع (المركز والهامش), اما الخلايا السياسية فخطرها يتزايد من مبرراتها البراغماتية التي تجلت بوضوح في البيانات والتصريحات.

قائمة مستهدفة

لجنة إزالة التمكين بالرغم من ان هناك آراءً حولها ويرى البعض بأن هناك إشكالات تحديداً إدارية وقانونية, بجانب تعرضها في الفترة الماضية لحملات قوية وهجوم لاذع ومحاولة إفقارها, بجانب وجود مجموعة ترغب في اللجنة قبل أن تفككهم وتترجم واقعة الاغتيالات في حديث عضو سكرتارية لجنة إزالة التمكين والقيادي بحزب الأمة القومي, عروة الصادق في حديثه لـ(الصيحة) عن تلقيهم قائمة تشمل أسماء سياسيين بقوى الحرية والتغيير وأعضاءً بلجنة إزالة التمكين, بينهم وجدي صالح وصلاح مناع مستهدفون بعمليات اغتيال, وكشف ان هذه القائمة ليست الأولى, وسبق أن تلقوا قائمة بأسماء شخصيات بارزة مستهدفة بعمليات اغتيال, كون ان لجنة إزالة التمكين تعمل الآن على كشف الفساد الذي قام به نظام البشير وقوى الحرية والتغيير هي رأس الحربة الذي قادت الاحتجاجات وأسقطت نظام البشير.

إسكات الخصوم

قال الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي اللواء ركن مهندس د. أمين إسماعيل مجذوب, إن الاغتيال السياسي يعد وسيلة للتخلص من الخصوم السياسيين عن طريق القتل او الإيذاء المتعمد, ولفت بأن هذه الطريقة مستخدمة في كل دولة العالم ويمكن في السودان استخدمت عدة مرات, واذا رجعنا الى العالم هناك احداث شملت سياسيين ونشطاء حقوقيين وصحفيين لإسكات اصواتهم, منهم جوند كنيدي وانور السادات وعلي عبد الله صالح, كل هذه الحوادث بمثابة اغتيالات سياسية, الغرض منها إسكات الخصوم وإزاحتهم عن الساحة, أيضا لا ننسى اغتيال الحريري قبل سنوات مما ادى الى ازمات في لبنان الشقيقة, ولفت في حديثه لـ(الصيحة) ان السودان شهد احداثاً تتعلق باغتيال مكي محمد مكي “مكي الناس” رئيس تحرير صيحفة “الناس” في بداية السبعينيات وتهديدات اغتيال عدد من السياسيين, ونوه بأن رحيل الإمام الصادق المهدي وما تبعه من بعض التسريبات بنقل فيروس كورونا له, وأيضاً الحدث الأبرز هو محاولة اغتيال رئيس الوزراء حمدوك في كوبر وفشلها ولكنها كانت بمثابة إنذار بوجود امكانية بتنفيذ مثل هذه المحاولات.

تنافس سياسي

ولفت مجذوب بأنه الآن توجد بعض التهديدات للجنة ازالة التمكين بالاغتيالات وتهديدهم بالتصفية, فمثل هذه الاشياء دخيلة على السودان, والتاريخ السوداني القريب لم يشهد اي محاولة اغتيالات كاملة, ولكن نجد ان التنافس السياسي هو السبب الأول في محاولة ازاحة من يحاولون سد الأماكن المؤثرة في السياسية السودانية, أيضا الغيرة والحسد قد يكونان سببا في الاغتيالات, بجانب مسألة الثأر مع بعض الأشخاص وبالتالي يتم اغتيالهم نتيجة لذلك والانتقام لمشكلة معينة, وإضافة بأن في هذا الاطار يدخل اغتيال خليل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة بصاروخ يدخل في قائمة الثأر لأن استهدافه تم نتيجة للممارسات الخاصة في حرب دارفور, لذلك نجد ان العوامل التي ذُكرت هي السبب المباشر في الاغتيالات السياسية ولكنها غريبة على الواقع والمجتمع السوداني والوسط السياسي, ونتمنى ان تكون هناك مراجعات فكرية للابتعاد عن هذا النهج في تصفية الحسابات بين الخصوم في السودان.

 

 الفجور في الخصومة

قال المحلل السياسي عثمان حسن لـ(الصيحة) إن المشهد السياسي في السودان الآن يشوبه العديد من التعقيدات وشد وجذب بين الأطراف, بجانب محاولة النظام البائد العودة للمشهد بأي طريقة إضافة الى السيولة الأمنية وغيرها, الاغتيال هو وسيلة مباحة لدى الخصوم سواء كان في السياسة أو غيرها, وبرزت في السطح عقب ثورة ديسمبر من خلال محاولة اغتيال رئيس الوزراء حمدوك, وأضاف: التاريخ الاجتماعي والسياسي يعج بما يوضح التكيف مع الآخر المختلف, حيث لم يصل السياسيون إلى مرحلة الفجور في الخصومة، إلا في عهد الرئيس المخلوع، فقد أصلت حكومته نظرية المؤامرة والخوف من الآخر، ومارست تمييزاً بين المواطنين.

محاولة تهديد

قال المحلل السياسي د. خالد قنديل محمد, رغم الأوضاع السياسية المعقدة التي يعيشها السودان, الا انه مازال معافىً من الانزلاق في ثقافة الاغتيالات السياسية ورغم تاريخ البلاد الطويل ما قبل الاستقلال, يغلب الطابع الاجتماعي على العلاقات في السودان, فلم تفرق السياسة التواصل بين المكونات المختلفة, فنجد مختلف الأطياف في مناسبة اجتماعية في بيت عزاء يتبادلون الضحكات والسلام رغم انهم على النقيضين تماما, واضاف قنديل في حديثه لـ(الصيحة) أن واقع التعايش السلمي ظل راسخاً حتى عهد النظام البائد, وأضاف “كثيراً ما تجد الرئيس المخلوع عمر البشير مع زعيم حزب الأمة الصادق المهدي وبجانبهما عراب الحركة الإسلامية د. حسن الترابي ويصادف في ذات المساء أن تكون هناك ندوة سياسية يتبادل فيها الأطراف الاتهامات وربما حتى الشتائم, ولكنها لم تصل مرحلة التهديد للاغتيالات”, واشار الى ان ما يحدث اليوم من تأكيد لجنة ازالة التمكين لقائمة اغتيالات تضم منسوبيها والسياسيبن بقوى الحرية والتغيير لا يعدو ان يكون محاولة تهديد ليس إلا ومع ذلك يبدو حتى هذا التهديد سلوكا غير مألوف في الساحة السياسية السودانية وان ارتبطت محاولات العنف والاغتيالات بالجماعات الاسلامية المتطرفة,  وسبق ان نفذت العديد من المحاولات راح ضحيتها ابرياء من المدنيين بجانب دبلوماسيين والشاهد ان اغلب المنفذين ليسوا سودانيين عدا قتلة الدبلوماسي الامريكي غرانفيل, والمطلوب من الاجهزة الامنية اخذ هذه التهديدات محمل الجد, فليس كل مرة تسلم الجرة رغم ان الاغتيالات لم تصل مرحلة الظاهرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى