الطريق الى الدمازين.. رائحة الموت والتهجير

 

الدمازين: أحمد جبريل التجاني  20 يوليو2022م

 

الطريق إلى الدمازين مازال بوعورته الكثيفة ومعاناة السائقين من حفره المنثورة بطريقة فنية كأنما وزعها مهندس مختص، موقف التاكسي القومي بسنجة يعج بالسيارات لكن المكتب المنظِّم للحركة اعتذر بلطف بعدم توفر عربة إلى الدمازين ما لم تصل سيارة منها تؤكد استتباب الأمن على طول الطريق، لم نضيع الوقت بالانتظار صعدنا على متن عربة “أتوس” بعد أن دفعنا ثمانية آلاف جنيه، بزيادة اثنين ألف، عن التذكرة العادية عندما احتججت قال السائق: إن العودة من الدمازين بمبلغ عشرين ألفاً.

الحركة والحياة طبيعية حتى تخوم قرى هارون وشمار والديسة وهي تبعد بنحو عشرين كيلومتر، عن الدمازين حيث بدأت جموع من الهوسا تتجمَّع على نقاط التفتيش رافعة لافتات تؤيد التعايش السلمي وتدين العنف، بينما يقوم شبابهم بتوزيع مياه الشرب على المسافرين، وتبدو حركة المرور كثيفة من الدمازين وقليلة جداً من سنجة إلى الدمازين، رويدا رويداً بدأت تقابلنا البصات السفرية والتكاسي ثم عربات الدفار المعبأة بالركاب وبعضها يحمل أمتعة و(عفشاً) لأسر أخلت طرفها من الدمازين وغادرت بسبب الأحداث.

أسباب النزاع الحقيقية يبدو الحصول عليها في هذا الوقت بمصداقية أمر صعب، لأن الروايات متناقضة ولسنا هنا بصددها، بل بصدد إيراد المشاهدات العامة والوضع الأمني الذي حسب بعض المواطنين الذين أكدوا أنه عاد إلى سابق عهده واستتب بالانتشار الكثيف للقوات العسكرية بكافة وحداتها، فبمجرد دخولك الدمازين تجد مظاهر التفلت والحريق خلال ساعات الأزمة الأولى، حيث تم إحراق بعض الرواكيب بزريبة المواشي وبعض المتاجر القشية على طريق الأسفلت ونهب مغالق، وتقابلك في المدخل عربة المواطن الذي اغتيل هو وأسرته وأحرقت عربته، قبل المستشفى الصيني تقبع سيارات القوات المسلحة مرتكزة تقوم بتأمين الطريق والناس.

الطريق حتى السوق الكبير وهو الطريق الرئيس والمدخل الأساسي للمدينة يعج بحركة سيارات المواطنين والسيارات العسكرية المحمَّلة بالجنود.

 

منظمات دولية تواصلت معها (الصيحة) تقوم بعمليات توزيع الوجبات والمياه على أهالي قنيص شرق الدمازين وحاولت إجلاء بعض الهوسا المتحصنين بمنازلهم رغم خطورة الأمر لكنهم رفضوا ذلك الأمر تماماً متمسكين بالبقاء رغم المخاطر.

الأسواق بدأت تعود إلى طبيعتها، بعد أزمة شح الخبز عادت المخابز للعمل بطاقتها القصوى وتوفر الخبز بكميات كبيرة دون وجود شح أو صفوف.

مازال حظر التجوال سارياً إذ يدخل حيز التنفيذ عند السادسة مساءً، وتستمر حركة نزوح المواطنين وهجرتهم من الدمازين على متن مختلف السيارات، حيث كشف سائق أتوس لـ(الصيحة) أن المواطنين يستغلون سيارات الأجرة حتى التفتيش خارج الدمازين، لأن البصات السفرية ترفض دخول المدينة، لكن ظهر أمس، وصلت بعض البصات إلى السوق الشعبي الدمازين.

عموماً المسألة الأمنية حسمت بالوجود الكثيف للقوات المسلحة وقوات الدعم السريع والشرطة وحراكها بدأ وسط الأحياء والطرقات الرئيسة، لكن تبقى حركة خروج المواطنين من المدينة مقلقة إذ لم تتحرَّك أي جهة لإيقاف ذلك المسلك ببث تطمينات للمغادرين باستتباب الأمن والسيطرة على الوضع تماماً بواسطة القوات العسكرية.

استمرار نزوح الأهالي بالدفارات،

وفُتح الطريق أمام السيارات وقام تجار الأزمات كعادتهم برفع ثمن التذكرة بشكل خرافي.

الجرحى مازالوا يتلقون العلاج بالدمازين رغم شح الإمكانات المتوفرة والعدد الكبير للمصابين فيما قامت الجهات المختصة بدفن الجثامين في مقابر جماعية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى