إغلاق الشرق.. مَن يُحرِّك خيوط اللعبة؟

 

تقرير- نجدة بشارة

فتحت تصريحات والي كسلا السابق صالح عمار, الباب أمام التأويلات والتكهنات، لتعزيز فرضية نظرية المؤامرة بوجود أيادٍ خارجية تعبث بالإقليم، وفقاً لحديث صالح الذي قطع بأنّ المجموعة التي تقوم بإغلاق الميناء مدعومة من اللجنة الأمنية للولاية، وبشكل واضح ومُعلن ذكر أنّ الميناء والطريق مغلقة بواسطة اللجنة الأمنية للولاية، وهي التي ترعى الإغلاق، ومن المعروف ان اللجنة الامنية في الولاية يترأسها والي الولاية وتضم كافة قادة الاجهزة الامنية والنظامية فيها. ولعل حديث عمار لم يكن الأول حيث سبق وحذّر الفريق عثمان فقراي محافظ بورتسودان السابق من أجندة خارجية وراء إغلاق الميناء، ونبه فقيري الى أجندات دول في المنطقة اتهمها بالعبث باستقرار شرق السودان بدوافع مختلفة.

وإزاء الاوضاع الأمنية المتصاعدة، تزداد وتيرة التكهنات وتتقوى نظرية المؤامرة، ومن هنا تبرز التساؤلات عن مَن يُحرِّك خيوط اللعبة؟.

مَن المُستفيد؟

الملاحظ أن بعض الدول بدأت تستفيد من الصراع في الشرق وإغلاق الميناء, حيث أكد علي جدو وزير التجارة لوكالة “فرانس” أن شحنات بضائع كانت في طريقها إلى بورتسودان، لكن تم تغيير مسارها إلى موانئ أخرى. وقال “اشتكى المستوردون بأن لديهم بضائع في عرض البحر وطلبوا استخدام موانئ دول الجوار، خاصةً مصر”. وأضاف “هذا حقهم القانوني لأن تجارة الترانزيت مسموح بها في القانون الدولي”. بينما أكد شهاب الطيب رئيس غرفة المستوردين السودانيين أن رجال أعمال سودانيين يستخدمون ميناء العين السخنة المصري منذ بداية شهر أكتوبر الجاري.

وقال الطيب: “منذ مطلع هذا الشهر ارتفع حجم المنقولات السودانية عبر ميناء العين السخنة بنسبة 150% مقارنةً مع الشهر الماضي.”

نظرية المؤامرة

وفقاً لحديث سابق للفريق عثمان فقراي – وهو خبير في شؤون الشرق، اتهم  دولا في المنطقة، بالمؤامرة والعبث باستقرار شرق السودان بدوافع مختلفة.

ويؤكد فقراي استناداً على خبراته الأمنية – أن ثمة اختراقات وأيادٍ مخابراتية متعددة تشعل الأوضاع في شرق السودان، وينصح الحكومة المركزية بسرعة احتواء الموقف في الإقليم، لأنه يمضي سريعاً نحو سيناريو دارفور، وهو ما سيكون موجعاً للمركز أكثر مما حدث في الأخير، لأن الشرق استراتيجي وأقرب للمركز.

مَن يُحرِّك خيوط اللعبة؟

نفى عضو التنسيقية العليا لكيانات شرق السودان مبارك النور في حديثه لـ(الصيحة) ما رشح من أن إغلاق الميناء والطريق مدعوم من اللجنة الأمنية للولاية، وأردف هذا الحديث لا سند له ولا دليل على حدوثه, وشدد “لم يشارك الوالي بلجنته الأمنية في الإغلاق” ولا مصلحة له في إغلاق الشرق، موضحاً أن الإغلاق بسبب ثلاثة شروط اذا نفّذتها الحكومة المركزية سيفتح الميناء والطريق في نصف ساعة فقط، وزاد لكن لا نرى أفقاً للحلول, وقطع بأن المواطنين هم مَن يُحرِّكون خيوط اللعبة نسبة لأن لهم قضية يبحثون لها عن حلول.

أما بخصوص وجود دول مستفيدة من الإغلاق، قال النور لا استطيع أن أجزم بعدم استفادة دول أخرى من الإغلاق؟ وقال لكن بالتأكيد لم تُحرِّك هذه الدول الاحتجاج في الشرق ولم (ترمي الحطب لتؤجج النيران).. وأوضح أن الحكومة الانتقالية تعلم تماماً مِن يُحرِّك خيوط اللعبة وأن لأهل الشرق قضية واضحة، وهي إلغاء مسار الشرق، وإقامة منبر تفاوضي جديد، وحل الحكومة الحالية وتكوين حكومة كفاءات مستقلة!

تنافس دولي 

في المقابل, لم يستبعد المحلل السياسي د. عبد الرحمن أبو خريس في حديثه لـ(الصيحة) إلقاء البُعد الخارجي بظلاله على الصراع في الشرق، لا سيما وجود الميناء وموقعه الاستراتيجي في البحر الأحمر، وذلك إذا نظرنا إلى موانئ استراتيجية مماثلة مثل الصومال، جيبوتي، اليمن وسوقطرة، وأوضح هذه الموانئ الاستراتيجية تكون عرضة للتنافس الدولي حولها، نسبةً لأنّ البحر الأحمر بوابة مهمة والأقرب إلى قارة أوروبا من قارة آسيا، وبالتالي تُفضِّل الدول العبور عبر البحر الأحمر بدلاً من رأس الرجاء الصالح جنوب أفريقيا، هذه الميزة جعلت الموانئ المُطلة على البحر الأحمر استراتيجية ومرغوبة من قِبل دول خارجية وتكون عرضةً للتنافُس الدولي سواء كان من الصين، الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول ذات المصالح والنفوذ، وأردف أبو خريس لكن رغم تأثيرات البُعد الخارجي إذا كانت الجبهة الداخلية متماسكة، والرؤية السياسية للدولة متوحدة لن تؤثر مُقارنةً بحالة الفراغ السياسي الذي يجعل الميناء عرضةً للمؤامرات الخارجية.

في اتجاه الحلول

وكانت ممثلة البعثة استفن كورن، عقب لقائها والي ولاية البحر الأحمر عبد الله شنقراي، أمس الأول قالت إن حل المشكلات السياسية في شرق السودان يحتاج إلى الحوار بين الحكومة المركزية في الخرطوم والمجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة.

وفيما يتعلّق بأزمة البلاد وقرب نفاد المخزون الاستراتيجي للسلع, كشف مدير معبر اشكيت الحدودي عباس حسن كردي, عن زيادة كبيرة في عدد الشاحنات القادمة من مصر إلى السودان, وأكد مدير المعبر الحدودي وفقاً لـ(السوداني), دخول 86 شاحنة مُحمّلة بكافة أنواع السلع, وتوقّع استمرار تدفق الشاحنات المُحمّلة بالدقيق ومدخلات الإنتاج بعد إعلان الحكومة تسهيل دخول السلع من الموانئ المصرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى