لواء شرطة (م) بشير علي محمد بخيت يكتب : عيد الشرطة السودانية.. ويوم الشرطة العربية (2)

الشرطة المعاصرة اليوم
واكبت الشرطة المعاصرة (الحكم اللا مركزي) الذي بدأ منذ ثلاثة عقود مضت وتضاعف عدد (الولايات) لتصبح 18 ولاية, بعد أن كان السودان يتكون من 9 مديريات فقط حتى عهد مايو 1969م ووفقًا لتطبيق لا مركزية الحكم أصبحت الشرطة (لا مركزية) هي الأخرى مبتعدة بذلك عن المركز وسلطات مدير عام الشرطة.. فلم يبق بين المركز وشرطة الولايات إلا تدريب وتنقلات الضباط ورغم كل هذا وذاك، فقد شهدت الشرطة (نهضة) معمارية سكنية كبيرة بدأت في عهد وزير الداخلية الأسبق الفريق أول ركن عبد الرحيم محمد حسين الذي تولى وزارة الداخلية ثلاث مرات.. ترك خلالها (بصماته) الواضحة في الكثير من مواقع الشرطة أذكر منها مستشفى ساهرون (وتوسعة) مستشفى الشرطة الذي كان قد ظهر أصلاً في عهد الفريق أول شرطة الأسبق عبد الله حسن سالم، وإشراف المرحوم اللواء شرطة عمر ساوي.. وقد تواصلت إنجازات الوزير عبد الرحيم المعمارية فكانت كلية الشرطة (الجديدة) في ضاحية سوبا وأكاديمية الشرطة العليا الخرطوم.. ومدينة الهدى (الضخمة) غرب أم درمان.. وتنفيذ مشروع (بسط الأمن الشامل) الذي كان قد بدأ أصلاً في عهد وزير الداخلية الأسبق اللواء الركن د. الطيب إبراهيم محمد خير..
ومن بين قادة الشرطة الذين شاركوا في هذه النهضة المعمارية الشرطية الممتدة الفريق أول شرطة هجو محمد حسن الكنزي الذي نهضت من كبوتها في عهده الشئون الاجتماعية و(الخدمات الاجتماعية الشرطية) 2/ الفريق أول شرطة عمر الحاج الحضيري 3/ الفريق أول شرطة محجوب حسن سعد 4/ الفريق أول شرطة محمد نجيب الطيب، فقد ساهم كل منهم حسب الإمكانات المادية المتاحة له والفترة الزمنية لقيادته..
الثورة المعمارية السكنية الشرطية التاريخية
لقد تطورت وتحولت (النهضة) المعمارية الشرطية والتي كانت قد بدأت في عهد الوزير عبد الرحيم محمد حسين كما سبق وذكرت، تحولت وانداحت وتوسعت برامجها وخططها لتصبح بحق وحقيقة (ثورة) معمارية سكنية شاملة.. وذلك في عهد الفريق أول شرطة هاشم عثمان الحسين سعد الذي استهل إنجازاته السكنية الشرطية (بخطة عشرية) طموحة كان مخططاً لها أن تنتهي في العام 2023م لتوفير السكن العصري الحديث وبيئة العمل العصرية لمنتسبي مؤسسة الشرطة ضباطاً ورتباً أخرى.. وكان له ما أراد حتى غادر الشرطة..
وبما أن (التفاصيل) الدقيقة الضخمة لهذه الخطة تحتاج (لكتاب) كامل وليس مجرد (مقال صحفي)، فقد رأيت أن أطرح وتوضح (العناوين) فقط.. دون الدخول في التفاصيل, فأبدأ (بالأبراج) السكنية التي لم تعرفها الشرطة السودانية طوال تاريخها وقادتها المتعاقبين..
1. أبراج شمبات – الخرطوم بحري – أبراج الحسين: تتكون من 6 أبراج ضخمة ويتكون البرج الواحد من 28 شقة كبيرة.. الجملة 168 شقة خصصت لرتبتي (لواء/عميد شرطة).. جدير بالذكر أن هذه المساحة كانت تقوم عليها (عشرة منازل) تابعة للشرطة وكانت تسمى (العشرة بيوت) وكنت أنا أحد سكانها عندما كنت برتبة العقيد شرطة, رئيساً لفرع شئون الضباط برئاسة الشرطة, وطبعاً المقارنة غير واردة أصلاً بين البيوت والأبراج..!
2. أبراج لفة أبوحمامة: كان يوجد بها (قشلاق) تابع للشرطة يتكون من (30 منزلا – ضباط صف) أصبحت اليوم (226) شقة حديثة مخصصة للضباط من رتبة (العقيد شرطة) (مائتان وستة وستون).
3. أبراج البنك العقاري – غرب شارع 61 الخرطوم: كان يوجد بها (41) منزلا تابعاً للشرطة قامت على أنقاضها اليوم 8 أبراج عملاقة يتكون البرج الواحد من 36 شقة حديثة الجملة (288) شقة حديثة لضباط الشرطة..
4. أبراج كوبر – السجون – الخرطوم بحري: قشلاق السجون سابقاً قام على مكانه اليوم 26 برجا شاهقاً تتكون من 592 شقة حديثة بالإضافة إلى 2 ميس جوار (المصحة) يتكون الميس الواحد من 100 غرفة – أي 200 غرفة لسكن جنود السجون (العزابة)..
5. ميس ضباط الخرطوم العزابة – 90 غرفة – 180 ضابط شرطة.
6. ميس ضباط أم درمان العزابة – 72 غرفة – 144 ضابط شرطة.
7. سكن ضباط الصف – شرطة
قشلاق الاحتياطي المركزي يتكون من (540) منزلا حديثاً مكتمل المنافع خصصت لضباط الصف من الاحتياطي المركزي وبقية إدارات الشرطة بالخرطوم.
8. السجون – مدينة الهدى أم درمان 150 منزلاً (اضافي) وتشمل (غرف خاصة) بالنزلاء المتزوجين وهي غرف (الخلوة الشرعية) وهذا نهج وتوجه جديد لم تعرفه سجون السودان من قبل..!
9. الولايات (17 ولاية) عدا الخرطوم تم تخصيص وبناء 50 (خمسون) منزلاً حديثاً ومكتملاً لكل ولاية الجملة (850) للرتب الأخرى بالولايات.
10. حظيت العديد من الولايات ببناء رئاسات الشرطة بخارطة نموذجية موحدة.. كما حظيت ولايات اخرى ببناء مستشفيات الشرطة الحديثة التي تقدم خدماتها لأفراد الشرطة والجمهور.
11. مجمعات خدمات الجمهور الضخمة – الخرطوم – أم درمان – بحري، ويتكون المجمع الواحد من خمسة طوابق تقدم جميع الوثائق الثبوتية للجمهور..
كان هذا جزء يسير من (كتاب) إنجازات الفريق أول شرطة هاشم عثمان الحسين عندما تولى قيادة الشرطة وهي إنجازات (تاريخية) لم يسبقه عليها أحد.. قدمها بإخلاص وأمانة للشرطة وللسودان جعلها الله سبحانه وتعالى في ميزان حسناته.. وكفى..
ختاماً: ارفعوا أيديكم عن الشرطة:
إن الشرطة السودانية العريقة العالية المهنية المتراكمة الخبرة الثرة الممتدة منذ ميلادها وصدور أول قانون لها عام 1925م (الف وتسعمائة خمسة وعشرون) عندما كان الجميع في رحم الغيب.. لا تحتاج اليوم (لأوصياء) عليها من السياسيين والتنفيذيين ليلقوا على مسامعها الدروس والمحاضرات والتوجيهات الملزمة التنفيذ عن كيفية (إدارة) عمليات فض الشغب والمظاهرات (عمل الشرطة المهني الأساسي) ومراعاة التعامل (بلطف) مع المتظاهرين الذين يعانون من حالات (الربو) أو الحساسية من الغاز المسيل للدموع والذي يسمونه مجازاً (البنبان)..!
إن تنفيذ القانون لا يعرف (السياسة) ولا ينبغي له أن يعرفها أو يتعامل معها وكذا السياسة فهي لا تعرف (القانون) لأن عقيدتها وأخلاقياتها تختلف نصاً وروحاً شكلاً وموضوعاً عن القانون وهما – أي السياسة والقانون خطان متوازيان لا يلتقيان، وإن حدث والتقيا (واحتوت) السياسة القانون (وتدخلت تدخلاً سافراً) في إجراءات (تطبيق) القانون على الأرض, كما يحدث اليوم فإنه (التسييس) نفسه الذي كان سائداً وسيداً خلال العهود الشمولية الأيدولوجية السابقة.. ذلك التدخل السياسي الذي في نهاية المطاف أدى إلى سطوة وسيطرة (الولاة) على أداء الشرطة والأمن في المركز والولايات باسم (لا مركزية الشرطة) نعم لا مركزية الشرطة التي فرقت قوات الشرطة أيدي سبأ في الولايات!! لقد ابتعدت شرطة الولايات عن قيادة وسيطرة وتحكم مدير عام قوات الشرطة وأصبحت جزءاً أصيلاً من (حاشية) الوالي متدثرة تحت عباءته..
ولهذا وبسبب تطبيق (لا مركزية الشرطة) كان هذا التدهور الأمني الشامل الذي تعيشه العاصمة والولايات وتراجع أداء الشرطة كماً وكيفاً لترتفع معدلات الجريمة (ضد الإنسان والمال) بصورة غير مسبوقة ولتسرح وتمرح (الجريمة المنظمة) والتقليدية جهاراً نهاراً للدرجة التي وصفتها الشرطة نفسها (بالهشاشة) الأمنية!! ورغم أن الوصف كان (شجاعاً وأميناً) إلا أن الموقف الأمني تجاوز (الهشاشة) بكثير ليقرع مداخل وأبواب (الخطوط الحمراء) إن لم يكن تجاوز الخطوط الحمراء نفسها!! حتى أصبحت (مجالس المدينة) لا حديث لها إلا الانفلات الأمني في العاصمة (وقصص الجريمة والمجرمين) المخيفة البشعة وجرائم (الاغتصاب) المقززة..!!
واليوم وبسبب موقف الأمن الداخلي مقروءاً مع المعطيات والمستجدات السياسية المعقدة التي فرضت واقعاً أمنياً جديداً فقد بات أمر (التصدي للجريمة المنظمة) يتطلب الدعم والحسم الأمني الشامل اليوم وليس غداً وأعني بذلك آخر العلاج (الكي) (والكي) الذي أعنيه هو بيد الشرطة (وبس) لا بيد (عمرو) (وعمرو) وبنشاطه المعهود وإخلاصه عليه ان يترك (الشرطة) وشأنها والمظاهرات (وأصحاب الربو) وعلب البنبان!! فلديه ما يكفي من مشاكل صفوف الوقود ومشتقاته وصفوف الخبز التي انضمت إليهم مؤخراً كبرى (المصائب) وثالثة الأثافي قطوعات الكهرباء (المبرمجة) في (عز الشتاء).. ولكِ الله يا عاصمة الصفوف..!!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى