لمن فاتهم الاستماع

 

* في أحدث تصريح لمعالي السيد رئيس مجلس الوزراء بخصوص الأزمات الاقتصادية، قوله (لن نرفع الدعم إلا برضا الشعب)، يضاف ذلك لتصريح السيد وزير المالية، بعد أن (صنقع ودنقر ودخل ومرق) واطلع على كل الملفات، الحلول والأزمات، خرج وزير المالية إلى الإعلام ليقول قولا واحداً.. (إن الحكومة غير قادرة على الاستمرار في دعم السلع)!!

*بمعنى أن الحل الجذري الذي تقتنع به الحكومة يكمن في سياسة رفع الدعم وتحرير الأسعار تحديداً السلع الضرورية التي تدعم من قبل الدولة، الدقيق والمحروقات، وهي التي تقصم ظهر موارد المصروفات (عايره وادوها سوط)، بمعنى.. أصلاً هنالك اختلال كبير في الميزان التجاري، وأن عمليات دعم السلع تفاقم من الأزمة الاقتصادية..

* هكذا أخيراً أدركت الحكومة بأن حلول مصادرة وبيع ممتلكات حزب المؤتمر الوطني لا تحل الأزمة الاقتصادية، كما لا توجد أموال طائلة تتبع للنظام السابق يمكن أن تحل الأزمة، حسب ما ورد من نفي في لقاء فخامة رئيس مجلس السيادة الأخير، وإنما الحل العلمي والعملي يكمن في عملية رفع الدعم.. وهنا يكون الامتحان الأكبر….

 

* لا أعرف إن كان الثوار والمواطنون الذين أخرجهم الجوع والفقر وغلاء السلع وارتفاع الأسعار،  إن كانوا سيقبلون بحلول مضاعفة أسعار الخبز والمحروقات، ومن ثم ارتفاع بقية السلع، كون الجازولين والترحيل يدخل في عملية احتساب أسعار كل المنقولات والمحصولات الواردات والصادرات.

* ستكون قرارات بهذا الحجم الذي سيضاعف لا محالة من أسعار الخبز والمحروقات، ستكون ضرباً من (المخاطرات)،  بحيث يمكن أن تقضي  إلى صدامات، كون المواطن العادي الذي لا يدرك كنه تعقيدات الاقتصاد، قد لا يقبل مطلقاً بفكرة أن (الحل يكمن في رفع الدعم الذي يفضي إلى رفع الأسعار). على أن المواطن أصلاً قد خرج في المواكب  لصناعة الثورة لخفض وتيرة أعباء المعيشة، وليس المزيد من الأعباء، والخشية أن يلجأ  المواطن إلى عقد مقارنات بين الأسعار قبيل وبعيد الثورة!!

* فضلاً عن مطلوبات الجرأة والشجاعة التي  ترتكز عليها (حكومة الحرية والتغيير)، وهي تجري مثل هذه الجراحة الشاقة على جسد المواطن المنهك بدون استخدام أي مسكنات، اتساقاً مع شعار (انتهاء عهد الغتغيت والدسديس)، واستشراف عصر مواجهة الجماهير والأزمات بالحقائق الصادمة، على أن عملية الحكم والإصلاح في بلد كالسودان ليست نزهة ثورية مغلفة بسلفان الأناشيد الثورية والهتافات الديمقراطية.

* تعرضت الحكومات السابقة إلى هزات قوية على حين فترات اقترابها من هذه الجراحة المؤلمة التي تعرف بتحرير الأسعار ورفع الدعم، ومن ثم تراجعت تلك الحكومات مراراً إلى أسوأ الخيارات الاقتصادية، خيار إبقاء الدعم وتفاقم مسلسل الأزمة الاقتصادية، لأن الثمن السياسي كان ولازال مكلفاً جداً جداً.

* بدا أن حكومة معالي الدكتور عبد الله حمدوك اضطرت إلى الذهاب إلى حقل الألغام هذا، وذلك بعد سفريات مكوكية إلى الغرب والشرق لم تسفر عن شيء ذي بال، ومن ثم انتهى القوم إلى قناعة (ما حك جلدك مثل ظفرك)، بحيث اتضح أن كل دعوات ووعود الغرب المسيحي ليست سوى مقاولات، وفي المقابل، فإن دعم دول الشرق الإسلامي، الخليج، لا ولن تستمر لكل الأوقات، .. (فالعرجاء لي مراحها)…  وليس هذا كل ما هناك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى