خلافات المدنيين.. جدل الوصول للمدنية

 

 

الخرطوم: صلاح مختار     2 اغسطس 2022م

الخلاف والاختلاف وتباين الرأي سِمة لازمت المكوِّن المدني منذ تفجر ثورة ديسمبر وهي في طريقها نحو الحكومة المدنية, ربما لعوامل ذاتية متعلقة بالمصالح أو بالأشخاص أو بالتقاطعات وبالتالي كانت واحدة من العوامل التي فارقت الاتفاق فيما بينها ورغم أنها لا تفسد للود قضية، إذا كان الهدف واحد إلا إنها أي القوى السياسية تراها جميعاً في بعض المواقف وقلوبها شتى, وهي خلاصة ما أنتجها حراك الشارع الثوري عندما دعت في وقت سابق إلى إبعاد الأحزاب السياسية. إذاً إلى أي مدى المكوِّن المدني كان سبباً في عرقلة التحوُّل المدني؟

 

المشهد الآن

المشهد الآن تصوِّره القيادية بتجمع المهنيين قمرية عمر، في تعليقها على إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي اعتزام إعلان ترتيبات دستورية ورئيس الوزراء خلال أسبوعين، تقول: إن التحالف ليس الجهة التي تحدِّد الحكومة القادمة ولا تملك تفويضاً يسمح لها بذلك، وقالت قمرية لـ(الانتباهة) حول تصريحات المجلس المركزي للحرية والتغيير حول إعلان قوى الثورة ترتيبات دستورية ورئيس وزراء مدني خلال أسبوعين: حدَّدوا الحكومة والسقف الزمني لإعلانها فماذا أبقوا لقوى الثورة التي ربما لها رأي وترتيبات أخرى ولا تريد إعلان حكومة.

بدون سلطات

ونوَّهت إلى أن الحكومة المقبلة ستكون بدون سلطات، موضحة أن العسكر سيعودون للثكنات بـ(82%) من الاقتصاد بجانب بنك السودان والاتصالات وكل الأجهزة الأمنية، منوِّهة إلى أن المطلوب سلطة مدنية وليس حكومة مدنية مكتَّفة, ورأت أن قرار قوى الحرية والتغيير مختطف ولا يتخذ بتداول ديموقراطي، وأشارت إلى أن أجساماً داخل التحالف أنكرت معرفتها باعتزام إعلان رئيس الوزراء وترتيبات دستورية مثل بيان حركة حق.

قوى الثورة

ولم يذهب بعيداً المتحدث باسم لجان المقاومة الخرطوم فضيل عمر، لنفس الصحيفة بالقول: إن تسمية رئيس الوزراء يأتي عبر قوى الثورة المتوافقة على الميثاق، وأضاف: من ينفرد باتخاذ القرار متجاوزاً قوى الثورة الحيِّة المناهضة للانقلاب لن نعترف به كشعب، وأوضح أن الفترة السابقة من الفترة الانتقالية أبانت أن قوى الحرية والتغيير وحدها لن تستطيع أن تنجز مهام الانتقال.

ترتيبات دستورية

وفي السياق وصمت حركة القوى الجديدة الديموقراطية “حق” تصريحات القيادي بالحرية والتغيير محمد الفكي، بتسمية رئيس الوزراء وإجراء ترتيبات دستورية باختطاف القرار ومجافاة المؤسسية وانعدام الشفافية المستمرة من قبل أطراف معيَّنة في الحرية والتغيير. ونفت “حق” في بيان قيام أي من الأجهزة الحرية والتغيير المختصة بمناقشة اختيار رئيس وزراء أو حكومة جديدة دع عنك الاتفاق عليه أو إعلانه خلال أي فترة، وتابع: عليه سنقوم بطرح هذا الأمر في أجهزة الحرية والتغيير المختصة لاتخاذ قرار واضح بشأنه صوناً للمؤسسية داخل التحالف.

تلطيف الأجواء

ولكن المتحدث باسم المجلس المركزي للحرية والتغيير وجدي صالح، حاول تلطيف الأجواء والعودة خطوة إلى الطريق بشأن الحديث حول اختيار رئيس الوزراء، وقال: إن اختيار رئيس الوزراء سابق لأوانه وجزم بوضع التحالف مسودة لإعلان دستوري للمشاورة لتحديد هياكل السلطة بحسب الجزيرة مباشر، وأكد أن اختيار رئيس الوزراء أمر سابق لأوانه ولن يتصرَّف التحالف بمفرده، بل بالتوافق مع قوى الثورة، وذكر أن حديث البرهان عن انسحاب الجيش من الحوار السياسي فيه وصاية على الشعب، ولفت إلى أن القوى الثورية مع التحوُّل الديموقراطي.

وحدة القوى

ويرى القيادي بالحرية والتغيير المهندس عادل المفتي، قبل تشكيل الحكومة المدنية يجب أن تتوحد القوى السياسية, ولكن في ظل الخلاف لا تستطيع حتى الجلوس والنقاش من أجل تشكيل الحكومة المدنية, لأن في حال الإصرار على تشكيل الحكومة من جسم معيَّن فالجسم الآخر سيقوم بنفس الخطوة، ويقول إنه يريد تشكيل حكومة مدنية كذلك الآخرين, لذلك تأتي أهمية توحيد الأجسام المدنية, وهي ضرورة قصوى يحتاجها البلد والشعب السوداني, وأكد لـ(الصيحة) وجود مبادرات مطروحة الآن في الساحة من شأنها الوصول إلى الحد الأدنى من التوافق، وأضاف: نحن نتفاءل بأن يحصل نوع من التوافق بينها في تلك القضايا.

اختلاف المسرح

ولكن المفتي يحذِّر في حال عدم الوصول إلى توافق بينها ولم تتوحَّد القوى المدنية, فإن المسرح السياسي كما يراه سيكون مختلفاً، وقال: ما لم يتوحَّد المدنيين سنعطي الفرصة للمكوِّن العسكري لقيادة البلد لحالة أخرى بالضرورة ستجد معارضة من الشارع وفي النهاية سنمضي إلى دولة فاشلة. وأضاف بالقول: من غير المستبعد في ظل الفعل ورد الفعل الحصول على توافق بين المدنيين، ورأى أن الفعل ورد الفعل كان بين قوى داخل المجلس المركزي, ولكنه دعا إلى تصويب النظر بواقعية للقضية من زاوية أن الحصول على وحدة كاملة أمر غير وارد، ولن يحصل بين المكوِّن المدني أو بين المدنيين أو لجان المقاومة. وأضاف بمعنى الوصول إلى وحدة كاملة لن يحدث بسبب أن القضايا السياسية تتجاذبها أجندات سياسية وشخصية ودولية وغيرها, مشيراً إلى وجود تقاطعات كثيرة جداً, وبالتالي دائماً الاتفاق على الحد الأدنى هو المطروح والمهم حتى بين الأحزاب والقوى السياسية وقوى الثورة. وقال: بالضرورة هنالك بعض القوى السياسية لا تستجيب لذلك وهي لا تؤثر تأثيراً نهائي لأن الغرض هو حكومة تسيير الفترة الانتقالية إلى حين قيام الانتخابات المقبلة وحتى إذا كان هناك بعض منها موافق وآخر غير موافق بالضرورة ليس هو الأساس, وإنما الأساس تحصين البلد من الانزلاق والكارثة التي تتجه إليه.

محل احترام

وقال المحلِّل السياسي عبد الله آدم خاطر لـ(الصيحة): الواقع الذي يعيشه السودانيين الآن هي تجربة، لأنها تعقيدات أوجدتها إجراءات 25 أكتوبر 2021م، وتابع: لحسن الحظ أنها أهم نتيجة، لأن تلك الإجراءات كل القوى نادت بالتغيير وساندت الثورة, وهي مازالت على ذات المبدأ أن تستمر الثورة وهي التي ثبتت على مبادئها في أي تكوينات مدنية تسند البلد, وبالتالي بطبيعة الأوضاع الديموقراطية فإن اختلاف الرأي أو تعددها دائماً مكان تقدير واحترام ولا يعني تعدد مداخل الرأي بأنها مضرة بعملية الاختيار سواءً أكانت للمناهج أو السياسات أو الرموز القادمة أيضاً.

مرحلة ضرورية

وقال خاطر: كان يمكن الخوف يكون أكثر إذا كان ليست هنالك مبادرات أو ليس هنالك اختلاف في وجهات النظر, ولذلك هذه مرحلة ضرورية والتي تعقبها تماماً هي تأكيد على مطلوبات الثورة في الشارع ويستكملها حكماء السودان سواءً أكانوا في القوى السياسية أو الجامعات أو حكماء السودان بشكل عام، ولكن بكل تأكيد ليس هنالك عودة للوراء مطلقاً، لأن ليس هنالك أي مبادرة دعت للعودة للوراء.

الانفراد بالمشهد

ونصح المحلِّل السياسي إبراهيم آدم محمد، القوى السياسية إلى ضرورة وضع مصلحة البلد فوق مصالحها الذاتية والاتفاق على رؤية موحدة لإدارة الفترة الانتقالية, غير أنه استغرب لبعض القوى السياسية التي قفزت من مربع إلى مربع آخر بالدعوة إلى قضايا ليست من صميم الفترة الانتقالية, وليس فحسب، ولكن إدارة تلك القضايا بمعزل من القوى الثورية الأخرى كأنما تريد اختبار وحدة تلك القوى الثورية، وقال لـ(الصيحة): إن الوصول إلى اتفاق بين الفرقاء المدنيين عملية شبه مستحيلة في ظل ردود الفعل والتباين الواضح بشأن حديث الفكي، حول اختيار رئيس الوزراء أو مسودة الدستور الانتقالي، وقال: في كلا الحالات فإن الرؤية الموحدة للقوى المدنية مهمة لتجنب انفراد المكوِّن العسكري بالمشهد.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى