الجرائم بالخرطوم.. انفلات أمني أم تعقيدات مرحلة (2ــ2)

قرار بتشكيل قوات مشتركة لحسم التفلتات الأمنية بالعاصمة والولايات

رئيس الخدمات بحي النصر: كجزء من الحل ساهمنا  في تأهيل إحدى عربات الشرطة المعطلة

محامٍ: الجرائم منظمة وتتم وفق خطط محكمة

مواطن: المتسولون بالخرطوم من المهددات الأمنية ..

خبير أمني: الشرطة بارعة جداً في جرائم الرأي العام ولكن ..

انتشرت مؤخرًا بالعاصمة الخرطوم  جرائم الخطف والنهب والسرقة من قبل متفلتين  لا يتورعون عن تنفيذ جرائمهم  لا يفت عضدهم ولا يهابون أيًا ما كان ..

يصطادون ضحاياهم بسهولة بعد أن تملكهم إحساس أنهم بمأمن ..

هؤلاء غرسوا الرعب في نفوس مواطني الخرطوم وخلفت جرائمهم ضحايا كُثر  مثل طالب جامعة أم درمان الإسلامية الذي أردوه قتيلًا داخل حرم الجامعة وفروا بهاتفه الجوال ..

ومن الجرائم التي هزت الرأي العام مؤخرًا جريمة مقتل الطبيب مجدي ووالدته، حيث دخل الجاني بكل هدوء إلى شقته ونفذ جريمته الشنيعة ..

كما زادت جرائم المخدرات واغتصاب الأطفال وتزييف العملة.. فيا ترى لماذا كل تلك الجرائم وهل هنالك تقصير شرطي أم إن  الشرطة أيضًا تعاني وتنقصها الإمكانات ولم تقصر مطلقًا في مكافحة الجريمة بل ونجحت ببراعة في القبض على كثير من المتهمين في ظروف معقدة …

تحقيق: محيي الدين شجر

التخطيط

يقول المحامي أحمد ساتي الحسين إن أي جريمة لا ترتكب فجأة إلا في حالات نادرة، ولابد أن يسبقها تخطيط وترتيب، وذكر أن الذين ينفذون جرائم الخطف والنهب منظمون  ويتمركزون في التقاطعات ويختارون الأماكن المظلمة للإيقاع بضحاياهم وفي حالات كثيرة يرتكبون جرائمهم في أماكن الزحام لسهولة الفرار بعد ذلك ..

وقال لي إن تقرير الشرطة حوى ارتفاعًا ملحوظاً في جرائم السرقات، وهذا يؤكد وجود جريمة منظمة للصوص جعلوا السرقة مهنة تنظموا ووحدوا صفوفهم وانطلقوا بعد ذلك في الأحياء ..

جهود مقدرة

اهتم سكان أحياء ولاية الخرطوم بحفظ الأمن بأحيائهم بتنظيم دوريات ليلية وحراسات وكمثال ما حدث بحي النصر شرق الذي شهد سرقات متتالية في الآونة الأخيرة.

ويقول رئيس لجنة الخدمات بحي النصر شرق النيل  الضاوي الشيخ إن  سكان حي النصر اشتكوا من ارتفاع معدل الجريمة في الحي من سرقات ونهب وترويع من قبل جماعات متفلتة، وقال إن سبب ذلك يعود إلى كثرة المباني الخالية من السكان في الحي وبسبب وجود مباني مستشفى شرق النيل الجديد والذي يمكن ان يستغل في أعمال إجرامية، وأوضح أن مدير شرطة شرق النيل العميد شرطة هناي محمد إبراهيم وقف على  بؤر الجريمة بحي  النصر شرق النيل الرواكيب العشوائية والمشاتل وحرم سوق الخضار وهيكل مستشفى شرق النيل الذي أصبح مرتعاً للإجرام كما يقول سكان الحي ..

وقال إن  مدير شرطة شرق النيل أكد  لدى اجتماعه مع سكان الحي اهتمامه بكل ما يهدد مواطني الحي والعمل على إزالة التشوهات التي تدخل في نطاق مسؤوليته

موضحاً بأنه ذكر أنهم  في الشرطة مهتمون باستتباب الأمن في كل المحلية معلناً تقديم كل المطلوب في سبيل ذلك ..

وذكر  شيخ الضاوي رئيس لجنة الخدمات بالحي لـ (الصيحة)، أن مدير شرطة المحلية استمع إلى شكاوى مواطني الحي ووعد بتلبية كل المطلوبات لحفظ الأمن وقال إن خطواتهم بدأت مبكراً  باجتماع أولي بتنسيق من المدير التنفيذي لمحلية شرق النيل ومدير شرطة شرق النيل من قبل أكثر من شهرين وبعدها سجل مدير الشرطة زيارة إلى المنطقة وتم التأمين بأن  حي النصر يحتاج إلى دورية  تتمركز بصفة  مستديمة  لكثرة وتنوع أماكن المهددات الأمنية فيه، وكانت العقبة  في كيفية توفير عربة، وأوضح أنهم  كلجنة أبدينا استعدادنا وكجزء من الحل  أن نساهم في تأهيل إحدى العربات المعطلة، وفعلاً قمنا بدعوة  لسكان الحي ونورناهم بالأمر والذي وجد تجاوباً سخياً  بالتبرع لصيانة العربة،  وفعلاً تم نقل العربة  إلى ورشة متخصصة وتمت الصيانة بعمرة  كاملة  وتجديد جميع اللساتك وبحمد الله  العربة  الآن تعمل في الحي.

وأضاف: تقديرًا ووفاء وعرفاناً من السيد مدير الشرطة  للدور الذي قام به مواطنو هذا الحي أراد أن يقوم بهذه الزياره للحي ويلتزم لهم  بإزالة تلك المهددات التي تعتبر واجباً عليهم كشرطة  لحماية المواطنين وأمنهم في أرواحهم وممتلكاتهم..

يذكر أن حي النصر بشرق النيل ظل يشهد باستمرار عمليات سطو وسرقة وانفلاتاً أمنياً وبالحي، كثير من الأماكن التي يمكن أن تشكل تهديداً أمنياً لمواطني الحي ..

جرائم وسط الاحتجاجات

استغل بعض المجرمين الاحتجاجات التي تنطلق بين الفينة والأخرى بولاية الخرطوم لتنفيذ جرائمهم، حيث شهدت الخرطوم عدداً من الجرائم متزامنة مع الاحتجاجات، وتم نهب وسلب عدد من المحال التجارية، واتهم  عدد من المراقبين أنصار النظام البائد بترتيب تلك الانفلاتات ..

قرار بتشكيل قوات مشتركة

وللحد من تلك الانفلاتات، أصدر النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي في 17 يونيو الماضي،  قراراً بتشكيل قوات مشتركة لحسم التفلتات الأمنية بالعاصمة والولايات، وجاء القرار استناداً إلى قرار السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي رقم (126) لسنة 2021 بتشكيل اللجنة الوطنية العليا لمتابعة تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان. وقرار الاجتماع الدوري رقم (4) للجنة الوطنية برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي بتاريخ 16 يونيو 2021م، حيث كان التكليف بتشكيل قوة مشتركة لحسم التفلتات الأمنية في العاصمة والولايات وفرض هيبة الدولة على النحو التالي :

1ـ    يكلف الفريق الركن ياسر عبد الرحمن حسن العطا عضو مجلس السيادة الانتقالي وعضو اللجنة الوطنية العليا لمتابعة تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان بتشكيل قوة مشتركة لحسم التفلتات الأمنية وفرض هيبة الدولة في العاصمة والولايات.

2ـ   تتكون القوات المشتركة على النحو التالي:

أ‌)  القوات المسلحة

ب‌)  قوات الدعم السريع

ج) قوات الشرطة

د) جهاز المخابرات العامة

ه) ممثل النائب العام

و) ممثلون لأطراف العملية السلمية.

3ـ مهام واختصاصات القوات المشتركة:

أ‌.  وضع تصور متكامل لخطة حسم التفلتات الأمنية وفرض هيبة الدولة في العاصمة والولايات.

ب‌.  مخاطبة ولاة الولايات لتشكيل قوة مشتركة بذات التكوين الموضح في الفقرة (2) أعلاه بالتنسيق مع الأجهزة العسكرية والأمنية المختصة (لجنة أمن الولاية أو الإقليم).

ج. مخاطبة وزارة العدل لإصدار التشريعات اللازمة لعمل القوة، لتوفير الغطاء القانوني لها، ومنع التجنيد غير القانوني واللوحات المرورية المخالفة.

د. يجوز للقوة المشتركة بأي من الولايات طلب الدعم بالقوات أو السلاح أو المعينات اللوجستية الأخرى من المركز.

ه. إلزام أطراف العملية السلمية بضبط وحسم منسوبيهم وتحديد أماكن تجمعهم.

و. التنسيق بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء والولايات/ الأقاليم والجهات المعنية الأخرى لتنفيذ الاختصاصات الواردة في هذا القرار.

ز. تتحرك القوة المشتركة برفقة النيابة العامة.

4  ـ تباشر القوة المشتركة المنشأة في العاصمة والولايات بموجب هذا القرار، أعمالها فوراً، وترفع تقارير أعمالها إلى اللجنة الوطنية.

5 ـ يسري هذا القرار من تاريخ التوقيع عليه.

6 ـ على جميع الجهات المختصة وضع هذا القرار موضع التنفيذ الفوري.

وأشاد  مراقبون بهذا القرار وقالوا إن القوة المشتركة يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في إيقاف التفلتات الأمنية التي شهدتها بعض الولايات ووصفوا القرار بالمهم في ظل تنامي ظاهرة الاعتداءات القبلية ..

جرائم منظمة

المواطن  الجيلي العبيد نديان تحدث عن الجرائم بالخرطوم وقال إنها جرائم منظمة لا خبط عشواء يختار المجرمون  أدوات الجريمة وزمنها والشرائح المستهدفة  ونسبة نجاحها، وأضاف قائلاً إنها تتم بسبب غياب الجهات الأمنية لأنه يرتكب الجريمة وهو مطمئن، وذكر أن الجرائم استحدثت مؤخراً  كـ”تسعة طويلة” باستخدام المواتر إضافة إلى جرائم المعلوماتية كجرائم تطبيق “بنكك”، وقال إن مجموعات التسول المنتشرة بالخرطوم يمكن أن يكون لها دور فيما يحدث من انفلات أمني، وقال: في السابق كان المتسولون معروفين أما الآن فهم مجهولون  ويتغيرون باستمرار، وطالب السلطات بضبط التسول بالخرطوم خاصة وأنهم من دول مجاورة.. إضافة إلى الشماسة الذين يملأون الخرطوم ويتوزعون أمام المحال التجارية، وقال إن مثل هؤلاء وإن لم يرتكبوا جرائم فمن الممكن أن يقدموا معلومات لآخرين ..

 

 

جرائم الرأي العام

خبير أمني قال لي إن الشرطة بارعة جدًا في جرائم الرأي العام بتسخير إمكاناتها  ودائماً تنجح في الوصول إلى الجناة، أما الجرائم الصغيرة كسرقة هواتف نقالة  وغيرها فإنها كثيراً ما تفشل في ضبط الفاعلين والمسروقات، وقال إن وسائل  الجريمة تطورت مؤخراً في الوقت الذي تراجعت فيه وسائل منعها والحد منها ..

وقال: لابد من تفعيل نقاط بسط الأمن الشامل في الأحياء وتكثيف الدوريات الشرطية وتكثيف وجود الشرطة في الأسواق ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى