حمدوك في الفاشر وما بعدها

 

*أمس كانت الزيارة الأولى لرئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك منذ تقلده منصبه، إلى ولاية شمال دارفور، ولم تخل الزيارة طبعاً من الجدل واللغط الكثير خاصة فيما يتعلق باستقبال الرجل في أول مهمة ولائية له.

*على غير عادة الزائرين الدستوريين للولايات كان حمدوك  “بسيطاً” في ملبسه “كاجول” وفي هذا إشارة إلى أنه رجل بسيط ذاهب للبسطاء، ووجد عند زيارته الأولى في معسكرات النازحين لافتات لا نقول إنها ترفض حضور رئيس الوزراء إلي تلك الديار وإنما تطالب بأن تكون الحكومة الانتقالية حكومة أفعال لا أقوال وزيارات ووعود براقة كما كان يحدث في السابق.

*لم يخف حمدوك الصعاب التي تواجه حكومته، وكان واضحاً وصريحاً في معسكر أبوشوك حيث قال إن أولوية الحكومة الانتقالية هي السلام في ربوع السودان، والمحطة الثانية في جدول الأولويات هي الأوضاع الاقتصادية التى تمر بها البلاد والارتفاع المخيف في السلع الغذائية ومعاش الناس، وكرر في هذا المعسكر ما قاله في شهر أغسطس بأنه لا يمكن الاعتماد على الهبات لبناء اقتصاد قوي، وأشار إلى الإمكانيات التي تزخر بها البلاد دون الاستفادة منها.

*ما قاله حمدوك قيل من قبل من الحكومة السابقة وكل من يجلس على هذا الكرسي سيظل يردد بأن السودان لديه مقومات لم يستفد منها، ولكن السؤال متى نجد من يستفيد من هذه المقومات حتى يرفع القليل من الحمل عن كاهل المواطن المغلوب على أمره.

*الكثير من السياسات الاقتصادية الخاطئة لا زالت تطبق ولا زال البسطاء هم من يتحلمون وزر هذه السياسات وهم يومياً يعانون في معيشتهم.

*من قبل طلبنا من السيد رئيس الوزراء تسجيل زيارة لساعات فقط إلى ولاية الجزيرة ليرى بعينيه الخير الكبير الذي صنع هناك ويجد من يقف أمامه حتى لا يستفيد منه الفقراء.

*فليذهب حمدوك إلى مشروع السكن المنتج الذي يتكفل به رجل الأعمال والخير والبر الحاج سعيد أحمد لوتاه، الذي يتابع كل خطوة في مشروعه هذا من دولة الإمارات، ويتابع ما رسمه لهذا المشروع الذي يستهدف المزارعين الفقراء من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي وزيادة الإنتاج والإنتاجية في الجزيرة ومنها لبقية ولايات السودان.

*هل يعلم رئيس الوزراء أن هذا المشروع الذي أسس على أربعمائة بيت، وبجانبه ثلاثة أفدنة للزراعته بالخيرات، لم يستفد منه حتى اليوم سوى عدد قليل من المزارعين الفقراء؟

*وهل يعلم أن هذه البيوت المنتجة إن زرعت ستكفي الجزيرة وما حولها من ولايات؟ وهل يعلم أن هذا المشروع لا يكلف حكومة السودان “مليماً أحمر”، فقط المطلوب الدفع المعنوي والمتابعة وتسكين المزارعين الفقراء عبر وزارة الشئون الاجتماعية؟ وهل يعلم أن وزارة الزراعة مطلوب منها أن تدعم هذا المشروع معنوياً وتسانده حتى يحقق النجاح، ولكن شيئاً من هذا لم يحدث؟

*الكثير من الأمور لا يعلمها رئيس الوزراء، وعليه أن يعرفها من خلال الزيارة الميدانية ليجد الطريق أمامه ممهداً عند تطبيق المرحلة الثانية من الوثيقة الدستورية والتى تعني بالاهتمام بالاقتصاد وتخفيف أعباء المعيشة.

*حسناً زيارة حمدوك لفاشر السلطان فهي تعتبر خطوة أولى يجب أن تلحقها خطوات  لبقية الولايات خاصة تلك التى يرجى منها أن تنعش الاقتصاد سريعاً، وربما تكون الجزيرة في مقدمتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى