تغيير (الرَّصَّة).. بمَن يبدأ حمدوك؟!

 

تقرير- صلاح مختار

ربما اعتراف رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في حواره بإذاعة أم درمان أمس الأول بوجود خلافات بين حكومته وبعض مُكوِّنات تحالف قِوى الحرية والتغيير وهي الحاضنة السياسية فيما يتعلق بسياسات الحكومة خاصّةً الاقتصادية، أدى ذلك لأن يوجه الحزب الشيوعي انتقادات واسعة للحكومة التي قال إنها تتبنى سياسة البنك الدولي، كما رفض الحزب الموازنة التي أعدّها وزير المالية السابق إبراهيم البدوي والتي احتوت على رفع الدعم عن السلع الاستراتيجية مثل القمح والنفط، الأمر الذي يراه الحزب الشيوعي كارثة تقود بالبلاد إلى الهلاك وإفقار المُجتمع. ويرفض الحزب أيِّ رفع مُتوقّع للدعم. وهو ما لا يرقى عند رئيس الوزراء الذي يَستمد قُوته من الدعم الخارجي والحراك الشعبي. فيما يُراهن الحزب الشيوعي مِمّا يبدو، على الشارع لتغيير سياسات الحكومة الاقتصادية وتبني رؤيته الاقتصادية.

ضعف الأداء

حمدوك أشار في حواره إلى قضية في غاية الأهمية وهي ضعف أداء الحكومة الانتقالية والتحالف الحاكم مما يستدعي معه إجراء تغييرات في (الرَّصَّة) التي تقود الدفة وهم من المستشارين والوزراء إلى بر الأمان. وهذا يتطلّب بالضرورة إجراء إصلاحات في الحكومة التي مازالت مقاعدها شاغرة من الوزارات بسبب إعفاء الوزراء في وقتٍ سابقٍ. وهو أمرٌ فتح أمام حمدوك مزيداً من النقد من قِبل الأحزاب الحاضنة والشارع الذي رأي أن حمدوك أطاح بوزراء غير مُتوقّع مغادرتهم كرسي الوزارة فيما أبقى على البعض، كانت كل المؤشرات تقول إن رئيس الوزراء سيقوم بإعفائهم ولكن حدث العكس. بالتالي السؤال الذي يطرح نفسه من أين يبدأ رئيس الوزراء (الرَّصَّة)؟!

تصحيح المسار

وزير الطاقة والتعدين السابق عادل علي إبراهيم، قال إن الثورة تمضي وتمر أمامها عقبات وعثرات في مُنعطفات عديدة، بيد أنه يرى أنّ للثورة غربالاً ناعماً يلفظ كل أجش ومضر، يزداد ويُطالب الآن بتصحيح المسار وإكمال البناء. ويعترف بأنّه قضى ثلاثمائة يوماً مسؤولاً عن ملفات عديدة، واجه فيها الكثير المُثير من المَشاكل والمُواجهات والتنازُعات والتقاطُعات مع وزارات أخرى وفي مجلس الوزراء وجهات أخرى. في النهاية تنحّى ليفسح المجال لآخرين ولأنّه خارج دائرة الضوء، نصح حمدوك بإقالة كبير مُستشاريه، حينما قال في بيان (لا بد أن يبدأ تصحيح المسار من مكتب السيد رئيس الوزراء.. قبل تشكيل أيِّ مجلس أو تعيين أيِّ وزيرٍ جديدٍ.. وابدأ بالقول والنداء بصوت عالٍ: أعزل هذا الرجل يا د. حمدوك فوراً وإن شُق عليك)، ويُشير بالحديث هنا إلى كبير مستشاريه الشيخ خضر. وقال إنه ظلّ يتدخّل في العمل التنفيذي تدخُّلاً مُخلاً ومُضراً بقيم ومبادئ الثورة وبالشفافية والديمقراطية التي ننشدها ونبتغيها. كيف تسرّب إلى مركز اتخاذ القرار دون صفة رسمية نعرفها؟ هذا الرجل أسلوبه في العمل وطريقته وضحت تماماً أنها ضد أهم مبادئ الثورة وهي إعادة بناء دولة المؤسسات وسيادة روح القانون والشفافية واتباع النظم واللوائح. ولأنّها الحاضنة للحكومة، يرى إبراهيم أنه على قِوى الحرية والتغيير إن كانت هي الحاضنة السياسية حقيقة وتقود الثورة والتغيير أن تتحرّك فوراً وتقوم بواجبها الوطني كاملاً، وأقول لهم، ابعدوا هذ المستشار الكبير فوراً فإنه يُشوِّه ويُهدِّد مسيرة وقيم ثورتنا العظيمة، وعلى د. حمدوك أن يظهر ويثبت لنا مكانة ودور قائد الحكومة ثورتنا التاريخية ويتخذ قرارات تاريخية ويقيل ويبعد أقرب أصدقائه بعيداً عنه وعن حكومة الثورة وعن مركز القرار.

الوقت للتغيير:

ويبدو أنّ إجراء تغييرات على مُستوى الحكومة التنفيذية مسألة وقت، حيث كشف حمدوك عن مُشاورات بين حكومته والتحالُف الحاكم لتعيين الوزراء الجدد، مكان الوزراء المُكلّفين. وقال: «نحن في انتظار ترشيحات قوى التغيير»، بالتالي التغيير الذي يقصده حمدوك هنا يبدو في المواقع الشاغرة بالوزارات, ولكن مصدراً بلجان المقاومة طلب حجب اسمه قال لـ(الصيحة) الشارع تفاجأ في السابق بتنحِّي بعض الوزراء من حكومة حمدوك، في الوقت الذي كان ينتظر إقالة آخرين منهم وزير التجارة والصناعة مدني عباس الذي يستمر في موقعه رغم الإخفاقات الكثيرة، وأضاف أـن الوزراء الآن فشلوا في مُهمّتهم، وأن الوقت الآن للتغيير وليس التمسُّك بالمناصب، وقال، يجب إقالة كل الوزراء المقصرين من أداء واجبهم، وأضاف: إذا لم يستطيع الوزير فعل شيء، عليه ان يُقدِّم استقالته، ورأي من المُهم تعيين الأكفاء والخبرات وليس الاعتماد على الولاء الحزبي.

معايير الاختيار

سبق وأن دعا رئيس الوزراء إلى “ضرورة إدارة الخلافات بين الأحزاب والقوى السياسية السودانية عبر الحوار”، مُؤكِّداً التزامه بالمعايير التي وضعتها قوى إعلان الحرية والتغيير لاختيار وزراء الحكومة المدنية، مضيفاً أنّ “الحكومة ستكون حكومة كفاءات وطنية”، بيد أن مراقبين يرون أنه وبعد عام من الحكومة الانتقالية أن هنالك ضرورة لإجراء تعديلات على الحكومة وتغييرات هيكلية في بنية الدولة، خاصّةً بعد التدهور الذي أصَابَ الاقتصاد والأداء الضعيف للوزراء، وفوق ذلك ما يُشير له البعض إلى شبه الانهيار الذي بدأ يلوح في الأفق.

إذن، وبناءً على هذه المعطيات، ووفقاً لرأي الخبراء، كيف سيبدأ للرأي الخبراء بمن حمدوك تغيير (الرَّصَّة) وسط كتيبته؟ هل سيبدأ بوزرائه أم بمُستشاريه، لتجاوُز أزمة الداخل وخلافات ديوان العمل اليومي..؟!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى