في قضية سكر مشكور .. تبرئة عوض الجاز من خيانة الأمانة في القرض الهندي الدولاري

 

الخرطوم: محمد موسى     6 يونيو 2022م

أسدلت المحكمة ستارها أمس، بإصدارها حكماً بتبرئة  وزير الصناعة الأسبق بالعهد البائد د.عوض أحمد الجاز، ومدير عام شركة سكر مشكور د.محمد عبدالعاطي، من خيانة الأمانة وتبديد مبلغ (150) مليون دولار، عبارة عن قرض هندي لإنشاء مصنع سكر مشكور في العام 2007م.

وقرَّرت المحكمة الخاصة المنعقدة بمحكمة مخالفات الأراضي بالديم شرق العاصمة برئاسة قاضي الاستئناف عبدالمنعم عبداللطيف أحمد، إطلاق سراح (الجاز ) و(عبدالعاطي) فوراً ما لم يكونا مطلوبين على ذمة بلاغات أخرى، وذلك لعدم تقديم الاتهام بيِّنات ترقى لإدانتهما على ذمة الدعوى الجنائية .

في ذات الوقت أشارت المحكمة إلى أنها تركت باب (الاتهام ) موارباً أمام النيابة العامة للقبض على المتهم الهارب والأساسي في الدعوى وزير المالية في العهد المباد ورئيس مجلس إدارة شركة  طيبة د.عبدالحليم المتعافي، لمواصلة إجراءات الدعوى ضده .

ورصدت (الصيحة) مثول (الجاز) وسط حراسة شرطية أمام المحكمة وهو يرتدي الزي القومي ولم تبدئ عليه علامات التوتر، بل كان هادئاً تصدر ابتسامة خافتة منه.

كلاكيت خارج القاعة

ما بين هذا وذاك لم يكن الطريق إلى محكمة الأراضي بالديم (مقر محاكمة المتهمين) بالأمر الهين – لا سيما وأن جميع الشوارع المحيطة بالمحكمة أشرقت الشمس عليها يوم أمس (الأحد)، وهي تتصاعد فيها ألسنة اللهب الصادر من (الإطارات) التي تجمَّع حولها عدد من الشباب وأضرموا فيها النيران وقاموا بإغلاق الشوارع الرئيسة والفرعية بالمتارييس ما جعل الوصول للمحكمة صعباَ، الأمر الذي بادر للأذهان إمكانية تأجيل القرار لدواعٍ أمنية وعند العاشرة صباحاً، قطع قاضي المحكمة الشك باليقين واعتلى منصته وبدأ يقلب أوراقه ليؤكد للجميع بأن جلسة المحاكمة والنطق بالحكم النهائي قائمة، في وقت أحضرت فيه السلطات الأمنية المتهمين من محبسهم بسجن كوبر القومي وسط إجراءات أمنية مشدَّدة ابتداءً من المحيط الخارجي ووصولاً لقاعة المحاكمة.

كلاكيت داخل القاعة

في خضم ذلك تسرَّبت أصوات بكاء لامرأة بـ(حرقة) في العقد الثالث من عمرها لمسامع الحاضرين بقاعة المحكمة وسط صيحات التكبير والتهليل التي ضجت بها القاعة فرحاً بتبرئة المتهمين، ولم تمض سوى دقائق عديدة حتى تسلَّلت تلك المرأة لـ(الجاز) وبرفقتها أخرى بمحل جلوسه بالمكان المخصص للمتهمين بقاعة المحاكمة واحتضنته بقوة ينبع من داخلها فرحاً عامر بتبرئة ما يشير إلى ابنتيه إنهما يبتهجن فرحاً بإعلان براءته، وفي المقابل كانت وسط القاعة بعض النسوة من ذوي المتهمين وأقاربهم أطلقن (زغاريد) الفرح  ووقتها ضجت قاعة المحاكمة وسالت من الجميع الدموع منهمرة للبراءة وهم يقالدون بعضهم البعض في فرح هستيري .

لا تبديد أو إهمال فاحش

وابتدرت المحكمة حيثيات قرارها بأنه وبمراجعة جميع البينات لم تتوصل إلى إدانة  المتهم الأول (الجاز) أو الثاني (عبد العاطي) ولم يثبت لديها ثمة (شبهة) جنائية في اتفاقهما لتبديد مال العقد مطلقاً، موكدة عدم ثبوت أدلة أو بينات مخالفة المتهمين لقانون أو لائحة الإجراءات المالية والمحاسبية فيما يتعلَّق بقرض البنك الهندي لصالح مشروع سكر مشكور، وقد ثبت لديها بالفعل أن المتهم الأول الجاز وقت وصول القرض الهندي فوّض المتهم الثاني لمتابعة الإجراءات بالرغم من أنه ليس موظفاً بالمالية، ولكن بموجب المستندات فإنه يحمل شهادات عليا وكبير الاستشاريين في البلاد في مجال صناعة السكر.

موافقة الرئيس المعزول

وشدَّدت المحكمة في تفاصيل قرارها على  أن هناك مستندات وإجراءات تتعلق بوزارة المالية للحصول على القرض السلعي – إلا أنه لم يتم إبراز المستند المتعلق بموافقة رئس الجمهورية عمر البشير، آنذاك للتوقيع إنابة عن حكومة السودان على عقد اتفاقية إنشاء المشروع.

ليست ساحة للخصومات السياسية

وقالت المحكمة  أن مجريات القضية شابها تناول إعلامي ضد المتهم الأول (الجاز) أحدثت واقعاً مغايراً أضرت به وألَّبت عليه الشارع العام، وأن ذلك يشمل النائب العام، ورد قاضي المحكمة على ما ورد في مرافعات دفاع (الجاز) بأن المحكمة ليست محلاً لإثراء مثل تلك الخطب السياسية والإعلامية وليست مكاناً لأي معترك لأسباب شخصية أو غيرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى