بعد مُباركته لزيارة “كاودا” ..عبد الواحد.. مُغازلة وتليين موقف!!

الخرطوم: عبد الله عبد الرحيم

وَصَفَ عبد الواحد نور رئيس جيش وحركة تحرير السودان، زيارة حمدوك رئيس الوزراء إلى “كاودا” بجنوب كردفان بأنها تمثل الاتجاه والطريق الصحيح لحل الأزمة السودانية، وطالب الشعب السوداني بوضع لبنة أساسية وحقيقيّة لحل الأزمة السودانية من الداخل بمُخاطبة جُذُور الأزمة التاريخية منذ الاستقلال، ونادى نور بوضع قضايا الوطن في المُقدِّمة وتتمثل في قضايا السلام والاقتصاد والمُواطنة لتفادي ذهنية المُحاصصة إلى ذهنية الوطن الواحد، مُعتبراً زيارة حمدوك لـ”كاودا” بالتغيير الشامل الذي تعيشه البلاد، وقال إنّ مثل هذه الزيارات مطلوبة، مُمتدحاً دعوة الحلو لرئيس الوزراء الانتقالي، لزيارة المناطق المُحرّرة في “كاودا”، مُؤكِّداً بأنّه قريباً سوف يكون مع الحلو في “كاودا” ومنها إلى جبل مرة.. هذا التحوُّل وهذه المغازلة السياسية، لم تكن لتعبر دُون أن تُوضع لها قراءات منطقية وفقاً لتداعيات الراهن السياسي والسباق الماراثوني لإكمال السلام، بعد أن قطع تجاهه الحلو مسافات بعيدة بعد هذه الخطوة؛ فهل حقاً يُريد عبد الواحد القدوم لجبل مرة، أم أن مسارات السلام المُختلفة تدفع الرجل لمُغازلة الحكومة على نحو ما جرى وبتليين مواقفه مرة أخرى تجاه كل الخطوات التي مشاها د. عبدالله حمدوك رئيس الوزراء؟ وهل سيُكرِّر حمدوك ملامح زيارة “كاودا” بأخرى لجبل مرة على ذات السياق والنهج؟

“كاودا” وجبل مرة

حالة هياج عاطفي كبير ووُدٍّ، انتابت الجميع إثر الخطوة الجريئة التي، ربما لم يكن لها مقدراً أن تحدث في ظل الحكومات السابقة لنظام الإنقاذ وهي دخول “كاودا” عبر السيد رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء والذي حَدَثَت مَعَهُ هذه الحالة من المُصاحبة بالهياج العَاطفي هو رئيس الوزراء الانتقالي د. عبد الله حمدوك، رغم أنّ هدفه من الزيارة لم يكن هو “الصلاة” في “كاودا”، وإنّما البحث عن حُلُولٍ، ربما تَعَاطَف معها من تَعَاطَفَ، وعارضها من عَارَضَ على طريقة، لم تنجُ حتى هي من النقد الكبير، المصحوب ببعض المنطقيات، بيد أن ردود الحكومة وأنسابها، تقول إنّ حضرة وسيادة الوطن هي الغالبة.. وكعادته لم يقوِ الأستاذ عبد الواحد محمد أحمد النور رئيس جيش وحركة تحرير السودان، على الغياب عن المشهد في مثل هذه الظُّروف المَغلوطة والمُفعّمة بمُختلف المناخات، إذ سارع بمُباركة الزيارة واعتبرها بالخطوة الجيدة في إطار إيجاد الحلول للأزمة السودانية الكؤود، فيما جعل هناك من المُقارنات بين المنطقتين “المُحَرّرة” (كاودا – جبل مرة) بالحالة الواحدة، إذ قال إنّ ما حدث دفعه للتفكير في القدوم لجبل مرة، والتي لم يكن ليأتيها لأجل الوقوف على أحوالها فقط، وإنما للتحضير لزيارةٍ مُرتقبةٍ وشبيهةٍ للسيد رئيس الوزراء بذات الخطوات التي حدثت ربما.. وكل ذلك بفهم عبد الواحد لأجل التوصُّل إلى السلام وفق ذات الخطوات والتدافُع الذي ابتدره نحو التوافُق السريع المطلوب.

هالة وضخامة

ويقول الخبير في شؤون الحركات المسلحة د. السر محمد الشيخ لـ(الصيحة)، إن عبد الواحد أحد القيادات التي تتميز بكاريزما قوية وسط قواته العسكريين والسياسيين، وقد صنع لنفسه هالة من الضخامة ليس بالسهولة غمتها أو تغييرها، وقد صار يتصدر صفحات المشهد السياسي منذ بواكير صفحة الحكومة الانتقالية بعد أن وجد من العنف السياسي ما يكفي لطيِّه ومَحوِهِ من الخارطة السياسية نتيجة إقصاء حقيقي داخلي عبر قواته، وبالتالي درجة تأثير هذا الحراك من مقدوره خدمة الزعيم التاريخي للحركة، ويضيف السر بقوله: ليس هذا ما يجعل من قائد جيش تحرير السودان صنماً سياسياً يخبته الكل، ولكن حتماً سيظل هو صاحب الكلمة الأعلى والقوية في ساحة غرب السودان والتي حقيقة صارت قريبة من حضن الوطن أكثر من ايِّ وقتٍ سابقٍ في إطار الديمقراطية الجديدة، وأضاف الشيخ: لا يستطيع أحد أن يعيب هذا الموقف على عبد الواحد، وذلك لأنّ حركته ما زالت تقاتل من أجل موقف ومبدأ حملت من أجله السلاح، لكن الشيخ رجع وقال إنّ الأمر بصورته الراهنة يُمكن أن يخدم حركة عبد الواحد النور كثيراً، إذ يجعلها في وضعية تقف بقوة أمام كل القوى السياسية البعيدة والحركات المسلحة وهي تبحث لها عن موطئ قدم في تشكيلات المستقبل القريب عبر منبر جوبا الجاري الآن، في وقتِ لاذ فيه عبد الواحد وارتضى بالابتعاد عن المُشاركة والتعجيل بالعودة الى حضن الوطن أو إعلان موقف مما يجري، ريثما تنثر كل الحلول على منضدتها الافتراضية وهو حوار الداخل بحسب رؤية عبد الواحد.

تليين المواقف

بينما يرى الأكاديمي والمحلل السياسي د. أبو بكر آدم، أنّ مُسارعة عبد الواحد في تليين موقفه السابق تجاه السلام، يأتي وفقاً للتغييرات الكثيرة التي جَرت، وكان لا بُدّ له من أن يكون حاضراً في هذا المشهد الذي جمع إليه كل القيادات السياسية وقيادات الحركات المسلحة الذين جاءوا لمنبر جوبا عبر منصة ومظلة الجبهة الثورية التي يقف عبد الواحد بعيداً عنها أيضاً كبُعده عن منبر جوبا الذي تتواجد به الحركات المسلحة الآن. عبد الواحد بناءً على حديث د. أبو بكر يرى في جميع تلك الحركات التي تحاور الحكومة الآن مُجتمعةً في منبر جوبا عبر مساراته المعروفة بناءً على الوثيقة التي وقّعوا عليها جميعهم بأنّها بلا جدوى سياسية أو عسكرية، لجهة أنّ عبد الواحد لوحده من يملك جيوشاً وأراضٍ محررة بغرب السودان في مناطق جبل، وهو ذات المصير الذي يشاركه مع الحلو في جبال النوبة، باعتبار أن “كاودا” المُحَرّرة شبيهة بجبل مرة، وأن موقف القائدين يشبهان بعضهما البعض، لذلك سارع عبد الواحد لتليين مواقفه الرافضة للحوار مع الحكومة، وسارع بالدعوة لحوار الداخل ونبذ المنابر الخارجية لعدم مقدرة جوبا وفقاً لما يراه نتيجة سراعها الداخلي الكبير، وعدم مقدرتها للاستيفاء بتمويل وإنزال الاتفاقيات التي يتم التوصُّل إليها لأرض الواقع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى