صلاح الدين عووضة يكتب : أحمد!

9ديسمبر 2022
واليوم جمعة..
وهو يوم الحديث عن كل شيء – وفي كل شيء – عدا السياسة..
بشرط أن يكون شيئاً ذا غرائبيات… وعجائبيات..
وبطل كلمتنا هذه اليوم هو نتاج قصة غريبة… وعجيبة..
فقد صافحني بحرارة..
حرارة لا تتّسق مع برودةٍ من جانبي..
أو لم تكن برودة بمعنى الكلمة؛ وإنّما ردة فعل للمُفاجأة..
فهو فاجأني بـ(أسماء في حياتي)… رغم إني لم أعرفه… ولم أعرف الذين ذكرهم..
كان فتى يافعاً؛ وذا ملاحة لا تخطئها العين..
وعرفت مصدر هذه الملاحة فور أن عرَّفني بنفسه..
فهي خليط بين (ملامح) أبيه…. و(ملاحة) أمه…. و(ملح) الأرض..
أرض منطقتنا (الطيبة)؛ حيث لأسرته منها نصيبٌ (طيب)..
فجده لأمه كان صاحب (مترات)؛ وأرضٍ بالسواقي..
فأبحرت كما (الملاَّح) عبر (ملامحه)؛ إلى ذياك الزمان..
الزمان الذي شهد أغرب قصتي حب – وزواج – من نوعها في البلدة..
فبسبب (توهج) هذا الحب (انطفأ) الأمل في تتويجه زواجاً..
ولم يكن لهما ذنب في أن (تفشى الخبر وذاع… وعم القرى والحضر)..
فقد علم به حتى النيل… والنخيل… والسبيل… ودكان خليل..
والسبيل والدكان كانا مكانيَّ اللقيا العابرة – ذات الهمس المفضوح – بينهما..
ومما سُمع من ذاك التهامس (أنت والد ابني أحمد… بمشيئة الله)..
فللبلدة أعين تخترق الحجب… والسحب… و(الضمائر)..
و(تُحجب) الفتاة حتى عن (عين)… الشمس… و(نظر) القمر… و(مقلة) الطريق..
ثم تفتح البلدة (عينيها) على صباحٍ فيه بداية النهاية..
أو هي نهاية البداية لحكاية لم تكد تبدأ بعد؛ رغم وعثاء المسير الزمني..
فقد أُعلن عن موعد عُرس الفتاة… (قبراً) لكل شيء..
قلبها… وقلبه… وقلب قصتهما… ومن قبل ذلك وبعده…. قلوب (القائلين)..
ودَهِش الجميع لتقبُّل الفتاة (العرض) بتسليم (عريض)..
ودهشوا أكثر لـ(إعراض) الفتى عن الحُزن ببسمة (عرضها) المترات والأرض..
بل وفوجئوا به يحضر حفل زفافها؛ من وراء الزحام..
ثم لا يبدو مجسداً حالة (حان الزفاف وأنا حالي كيفن بوصفه)..
ولا مردداً مقطع (في الليلة ديك والناس تشارك فرحتك)..
وأطفأوا نار دهشتهم بماء تفسير وحيد لا ثاني له..
فهي لم تكن تعشقه (صدقاً)؛ ولا هو كان يهواها (حقاً)..
وهو التفسير الذي نزل (برداً وسلاماً) على جوف العريس (الملتهب)..
فقد كان – كحال كثيرين بالبلدة – يعلم بقصة العشق (طشاشاً)..
ورغم ذلك غلبت شهوة (بصره) – جرّاء جمال الفتاة – على شكوك (بصيرته)..
و(تمر أيام ووراها ليالي)؛ ليبلغ الزمان شهراً..
وتفتح البلدة أعينها على صباح ثانٍ كان عنوانه الخبري (بداية ونهاية)..
فقد عادت الفتاة إلى بيت أبيها (سليمة)… كما خرجت منه..
ومضى (القائلون) في البلدة بحديث ذي مساراتٍ ثلاثة؛ كمحاولة للفهم..
منهم من أرجع السبب إلى (علة) في العريس..
ومنهم من أرجعه إلى (تمنُّع) من تلقاء العروس… له سوابق..
ومنهم من أرجعه إلى (تواثق) يشرح حالة الرضا المتبادل ليلة الزفاف… وبعدها..
ثم انتبهت إلى الغلام المصافح وسألته: أنت أحمد؟… فصُعق..
تماماً كما قد يُصعق أحدنا – في زماننا هذا – جراء ما لا يخطر على بال..
جراء مصادفات… ومفارقات… وغرائبيات… صاعقة..
وربما يردد معها: لقد صار باطن الأرض خيراً من ظاهرها..
فقط لو يضمن دخوله جنةً عرضها السماوات والأرض..
وانتبهت إلى هذا الذي صُعق… إلى أحمد… فابتسمت..
وكانت ابتسامتي عريضة… عريضة..
عرضها المترات….
والأرض!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى