صلاح الدين عووضة يكتب: كلمة حلوة 

صلاح الدين عووضة يكتب: كلمة حلوة

 

بالمنطق

صلاح الدين عووضة

كلمة حلوة

رمضان كريم

ودعونا نتساءل: لماذا نحن لا نعلم من نحن؟

مع أن الإجابة في غاية البساطة..

وهي إجابة عن سؤال يتعلق بالهوية، ويوجه لنا نحن: من أنتم؟

وكل من يسأل مثل هذا السؤال له ألف حق.

فإن كنا نحن أنفسنا لا نعلم من نحن؛ فكيف يعلم من هو ليس منا نحن؟

وإلى أن نجيب عن هذا السؤال سنظل كما الأطفال.

 

فالطفل قد تغضبه كلمة، وقد تُفرحه كلمة.

تسعده كلمة قاسية…أو فعلٌ قاسٍ، وتسعده حاجة حلوة… أو كلمة حلوة..

وتركي الدخيل سبق أن كتب في حقنا كلمة حلوة.

فسعدنا بها جداً… وطربنا… ونططنا… وتداولناها فيما بيننا بفرح طفولي.

وأهديناه آلاف الكلمات الحلوات مقابل كلمته الحلوة.

ولو كتب عنا صحافي عربي آخر كلمتين قاسيتين لأوسعناه سباً وشتمًا.

فنحن حساسون جداً جراء شيء غير طبيعي بدواخلنا.

شيء قد يكون له صلة بتركيبتنا النفسية التي تجنح نحو الشعور بالنقص..

هو شعور مهما كبتناه يبقى حقيقة كامنة في أعماقنا.

وفور وصول مهيجات إليه – سالبة أم موجبة – يطفو سريعاً إلى السطح..

وهو إحساس نقص لا يخلو من نقص إحساسٍ بالعروبة..

فنحن نصر إصراراً – ونلح إلحاحاً – على أننا عرب أقحاح..

ثم نجتهد في إثبات هذه العروبة بأدلة جزافية لا تغادر متردم الكلام..

مجرَّد كلام من قبيل نحن عباسيون أحفاد العباس..

ولماذا العباس بالذات دوناً عن غيره من سادات قريش؟…لست أدري..

ولماذا لا يكون جدنا أبو لهب – مثلاً – وهو شقيقه؟ ..

وما أن تصطدم هذه المعافرة الكلامية بحواجز معايشة واقعية حتى نضطرب..

وأكبر هذه الحواجز هو حاجز اللون الذي يسبب لنا عقدة..

أو بالأحرى يسبِّبه للذين لا يفعِّلون لقاحهم الحضاري ضد هذه العُقد منا..

الذين يهربون من حضارة مثبتة إلى أخرى مجهجهة..

الذين يتعامون عن تاريخ حضارتهم هذه ويمدون البصر نحو أخرى أدنى..

فثمة فشعبان فقط بمنطقتنا يحظيان بآثار حضارة مشتركة..

حضارة ذات أهرامات… وفتوحات… ومحاريب وتماثيل وجفانٍ كالجواب..

أحدهما يُعلي من شأن حضارته هذه على حساب عروبته..

ويطلق على منتخبه الوطني – في مجال كرة القدم – اسم الفراعنة..

وشعاره على خطوطه الجوية طائر الفراعنة..

وأحد مصادر دخله القومي الرئيسة السياحة الفرعونية..

وإن رأى ما يغضبه من العرب صاح: ونحن أصلاً لسنا عرباً، بل فراعنة..

والثاني يخجل من حضارته، ويتمسَّح بالعروبة..

وآثارها لا يعرف قيمتها السياحية إلى أن نهب العديد من قطعها الأجانب..

ولا تجد أثراً لشعارٍ واحد منها على واجهاته القومية..

وإن رأى ما يغضبه من العرب تعقَّد..

وبدون عُقد علينا أن نواجه أنفسنا بسؤال صادم يفوِّقنا من حالتنا هذه..

حالة الشعور بـاللا هوية رغم مزاعم العروبة..

علينا أن نسأل أنفسنا بكل جرأة: من نحن؟… ومن نكون؟… وإلى من ننتمي؟..

وذلك بعيداً عن أوهام الانتماء إلى العباس..

سنجد أن الإجابة في منتهى البساطة: فنحن فراعين… وهذه آثارنا تدل علينا..

علماً بأن تمام الإسلام ليس من شروطه تمام العروبة..

حينها – وحينها فقط – سنكون كباراً، لا يُغضبنا قدحٌ في عروبتنا..

ولا نكون صغاراً، يُفرحنا تركي الدخيل..

بكلمتين حلوين !.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى