هل نحن مجتمع ديمقراطي ..؟!

“لأن العرب يؤمنون بالقسمة وضعتهم أمريكا في جدول الضرب” .. جلال عامر ..!

 بعد نجاح الثورة، وجد الشعب السوداني نفسه محشوراً في مأزق التوافق الديمقراطي على شكلانية الحكم في الفترة الانتقالية. حينها – وحينها فقط – تعثرت توقعات المراقبين قبل أشواق الثائرين بعقبة وجودية اسمها “المقدرة على تقرير المصير”، في ظل كونه حقاً ممنوحاً وليس مطلباً لا يمكن الوصول إليه. هنا يطل برأسه ذلك السؤال المُر عن موقع الشخصية السودانية، على وجه العموم – وليس الشخصية السياسية السودانية وحدها – من فكرة الديمقراطية الحقة في معناها، والممكنة في مبناها. لذا رأيتُ من المناسب أن أذكّركم ونفسي بذات الأسئلة القديمة، المتجدّدة، التالية ..!

هل أنت شخص ديمقراطي؟! .. لا ألومك أبداً في استخدام حقك في التثاؤب ضجراً، أو الحوقلة ضيقاً بمثل هذا السؤال! .. أحياناً ومع مثل هذه الأسئلة تتحول حكاية عدم الاستلطاف الأزليَّة بين بعض القراء وبعض الكُتّاب إلى مسألة شخصية! .. ثورة كرامة يقودها عقلك الذي تستفزه بعض أشكال التناول الصحفي لبعض القضايا .. ولكن ..!

مهلاً! .. هذا السؤال ليس استفهاماً إنكارياً على غرار “أغير الله تدعون” ـ لا سمح الله! ـ بل محاولة لتأصيل تلك الفُرقة التي تحيط بانتماءاتنا الاجتماعية، و”تجذير” ذلك التشرذم الذي يحيق بأجسامنا السياسية.. والإجابة النموذجية على كل ذلك، تقتضي أن نجتهد أولاً في تفكيك “استهبال” المحكومين حتى نستوعب “استعباط” الحاكمين..!

أغلب ظنِّي أن نجاحنا في ذلك مشروط بوِقفة لائقة مع مفهوم الديمقراطية عندنا وعلاقتها الوطيدة بالتاريخ الأسري للشخصية السودانية، لكن الإجابة على ذات السؤال تقتضي أن نسأل أكثر ..!

ما معنى ديمقراطية بالنسبة لك؟! .. هل هي حكم الشعب لنفسه .. أم حكم قائم على تداول سلمي للسلطة؟! .. هل هي نظام إسلامي قائم على الشورى؟! .. أم نظام ليبرالي قائم على الغلبة؟! .. هل أنت مقتنع بحق الآخرين في الاحتجاج على سلوكك والاختلاف مع آرائك وبالتالي إطلاق الأحكام عليك..؟!

إذا خالف رأيك الفني رأي مرؤوسك في العمل، وكان رأيه هو الأقرب للصواب، هل تقبل بأن يُعتمد رأيه وأن تُصرّح بذلك؟! .. ثم، هل تقبل بأن تكون العصمة في يد زوجتك؟! .. وإن كنت لا تقبل فهل تنكر ذلك على صديقك الذي فَعَل..؟!

هل تقبلين أن يتزوج زوجك من أخرى مع احتفاظه بك؟! .. وبافتراض أنك لا تقبلين فهل تنكرين ذلك على صديقتك التي فَعَلت؟! .. هل ترضى بأن يكون القرار النهائي في مشكلة أسرية لزوجتك؟! .. وإن كنت لا تقبل هل تنكر على جارك الذي يفعل؟! .. هل تقبل بأن يسمي أنسباء ابنك البكر حفيدك الأول، ثم هل تغضب إذا لم يقبل أنسباء ابنتك البكر أن تسمي حفيدهم الأول..؟!

هل تقبل بأن تلتحق ابنتك المحجبة التي تحفظ القرآن الكريم كاملاً بالمعهد العالي للفنون المسرحية؟! .. هل تقبلين أن يلتحق ابنك ـ الحاصل على بطولة الجامعة في كمال الأجسام ـ بكورس صيفي لتعلم الطهي والتدبير المنزلي؟! .. هل تقبل بأن يقرر ابنك المتفوق في امتحان الشهادة الثانوية ـ والذي تم قبوله في كلية الطب ـ الاستقالة من كلية الطب والتفرغ تماماً لدراسة تاريخ الفن ..؟!

إلى أي مدى قد تشارك ابنك أو ابنتك في اختيار الزوج المناسب؟! .. وهل توافق على خياره أو خيارها، في حال اختلف عن خيارك ـ في ظل توافر الصفات الأساسية التي يشترطها الدين ـ في المخطوبة أو الخاطب ..؟!

وفقاً لذلك.. وعلى ضوء ما تقدم.. هل تعتقد جازماً بأنك شخص ديمقراطي، في مجتمع ديمقراطي..؟!

منى أبو زيد

[email protected]

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى