في قصة الجزيرة.. أنا اسمي مكتوب ؟!

تحليل سياسي: محمد لطيف

أمس الأول، نحو السابعة والنصف مساءً.. وجدتُ نفسي طرفاً في حوار ودي أعترف أنني أقحمت نفسي فيه.. كان الحوار أصلاً بين الفريق ياسر العطا عضو المجلس العسكري الانتقالي.. أحد أبرز وجوهه الذي تحمل كلماته دائماً إشارات موجبة نحو تجسير الهوة بين الشارع وطموحاته من جهة.. والمجلس العسكري ومواقفه من جهة أخرى..

 أما الطرف الثاني في ذلك الحوار الثنائي فقد كان الزميل الإعلامي المعروف والصديق الحفي المسلمي الكباشي .. كان الحوار ودياً وغير رسمي .. جاء مستصحباً إطاره الاجتماعي الذي وقع فيه .. بمنزل رجل الأعمال والنائب البرلماني المستقل أبو القاسم برطم .. الذي كان يستضيف رهطاً من الساسة وعدداً من أهل الإعلام .. على مائدة إفطار.. يرافق الفريق ياسر فيها زميله الفريق أول شمس الدين الكباشي الناطق الرسمي للمجلس ..!

كان النقاش حول أداء قناة الجزيرة.. وتحديداً حول علاقة القناة بالمجلس العسكري .. كان المسلمي يشكو من جفوة مفتعلة.. والفريق ياسر يتحدث عن مقاطعة مبررة.. كان المسلمي يتحدث عن اجتهادهم في التوازن .. وحرصهم على نقل الأحداث كما هي.. واصرارهم على استنطاق كل الأطراف.. وفي المقابل كان الفريق ياسر يشكو من غياب المهنية واللهاث خلف الإثارة والتركيز على السلبيات .. هنا تدخلت أنا مخاطباً الفريق ياسر بقولي .. حتى لو كان الأمر كما تقول فلا مبرر لأن تتنازل عن مساحة لك فيها حق معلوم .. رد ياسر بنموذج طرحه أمامي متسائلاً ..أين المهنية في ذلك ..؟ رددت عليه .. لنفترض أن الجزيرة تكذب كذباً صراحاً.. فلماذا يتنازل المجلس عن حقه في التصحيح.. وفي الشرح وفي التوضيح.. ؟ عقّب المسلمي بقوله.. أنا في البدء مواطن سوداني.. ليست لي مصلحة في إثارة الفتنة.. ولا في إشعال نيران الحرب .. وأضاف مخاطباً الفريق ياسر .. فريق الجزيرة أناس يصيبون ويخطئون.. فلِم لا نتفق على آلية لمعالجة السلبيات.. و تصحيح الأخطاء إن وجدت..؟  تدخلت أنا مرة أخرى بقولي.. حاصروا القناة بمعلوماتكم .. وإفاداتكم .. إذا انسحبتم سيملأ هذا الفراغ الناجم عن انسحابكم بما لا يخدم رؤيتكم .. لذا رأيي مهما فعلت القناة حاصروها بالحقائق ..

كان التعقيب الختامي للفريق ياسر غير مطمئن.. قال إنهم منفتحون على الجميع .. ليست لديهم مواقف مسبقة .. فقط هم يبحثون عن المهنية.. وعن عدم الجنوح نحو التصعيد.. وهذا ما لا يجدونه في الجزيرة .. ثم افترقنا دون أن تكون في الأفق أية بوادر لتلك العاصفة التي عصفت بمكتب قناة الجزيرة بالخرطوم ..غير أن حرص المسلمي على لقاء أعضاء المجلس في تلك الليلة .. مقروءاً ذلك بمعرفتي الشخصية بالمسلمي وقدرته على الاستقراء المبكر يجعلني أرجح أنه كان يشعر بالحلقة تضيق من حوله .. فاجتهد في البحث عن حائط للصد يمكن أن يصد العاصفة ..!

نحو ساعتين فقط.. من حوارنا ذاك كان فريق مشترك يطرق باب مكتب الجزيرة في الخرطوم مستأذناً بمنتهى التهذيب.. ولكن ناقلاً قرار المجلس العسكري بإغلاق مكتب الجزيرة وكل أنشطتها في السودان.. حقيقة أصبت بصدمة .. أولاً وأخطر ما في الأمر فقد عكس القرار وجهاً من وجوه التعامل مع حرية التعبير .. لا صلة له بمجتمع ديمقراطي.. والأسوأ من هذا هو هذا الصمت المطبق او قل .. حالة الخرس التي ضربت النادي السياسي السوداني ومجتمعه المدني .. ازاء هذا الخرق الفاضح لحق التعبير .. فان صمتوا اليوم .. فلن يكون احد بمنجاة غدا ثم أنني قد استعرضت مخزون ذاكرتي  سريعاً لأقف على تلك الواقعة المفصلية التي شكلت تهديدًا مباشرا للأمن القومي السوداني .. في أداء الجزيرة..أو تعارضت  مع مصالح السودان العليا .. لم أجد .. إصراري على البحث عن تفسير أو تبرير للقرار .. ساقني إلى شيء آخر تمامًا .. إلى تصريحات للفريق أول البرهان رئيس المجلس العسكري في القاهرة.. قال فيها إن السودان لن يتعامل مع أي جهة تهدد مصالح مصر..!  والجزيرة واحدة من مقلقات منام مصر الرسمية ..!

غير أن الذي افزعني حقاً.. ما أعلنته جهة ما عن ضبط قوائم لعملاء لحكومة قطر في مكتب الجزيرة مع أموال قد (قبضوها) .. ضحكت أولاً لكني سرعان ما فزعت .. ومصدر فزعي أنني واحد من المترددين على مكتب الجزيرة.. وأنني من الذين يقبضون بالدولار.. لكن المفارقة أن الذي أقبض مقابله هو ما أقدمه من تحليل على رؤوس الأشهاد.. وعبر الشاشة التي يتابعها الملايين.. وما أحسب أن العمالة للدول تكون عبر الفضائيات ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى