فلتبقى القاعدة.. وليذهب الاستثناء!

فَاتَ على الكثيرين حَدَثٌ مُهمٌ.. الواقع أنّنا كلنا قد انشغلنا عن الحَدَث الهَام.. الإعلام بكل فصائله.. من مقروءٍ ومسموعٍ ومشاهد وحتى مواقع التواصُل الاجتماعي.. شغلتها شواغل أخرى عن الوقوف عند الحَدَث الأبرز.. حين اختفت الشرطة من الشوارع.. جَرّاء تداعيات وقائع خُطى الثورة وهي تنجز انتصارها.. كان أمراً مُزعجاً للجَميع.. بل ومُفزعاً لَدى البَعض.. فالحقيقة التي لن يَختلف عليها اثنان.. هي أنّ الشرطة إنّما تمثل الحكومة.. فالسُّلطة لدى البعض أو حتى الحكومة.. هي مُجَرّد مُصطلحات مَعنوية.. يكاد لا يَراها هذا المُواطن البسيط.. ولكن هذا المُواطن.. يرى الشرطة ويعرف الشُّرطة.. ويعرف دَور الشرطة.. هو بالتّالي إن وثق فإنّما يثق بالشرطة.. وإن كفر فإنّما يكفر بالشرطة.. ذلك أنّ الأخيرة هذه هي التي تتجسّد فيها الدولة.. بهيبتها أولاً.. وبانتظام الحياة فيها ثانياً.. وبالأمن والتأمين فيها ثالثاً.. وليس آخراً..!

ووقف الجميع مطولاً عند حَدَث اختفاء الشرطة من الشوارع.. ومن نقاط ارتكازها المعلومة والمألوفة للناس.. غير أنّ المُفارقة أنّ ذات أولئك الذين أزعجهم اختفاء الشرطة.. لَم يَلفت انتباهُهم عودة الشرطة إلى الظُهور.. صَحيحٌ إنّ ظُهُور الشُّرطة قد بدا خجولاً مُتدرِّجاً.. ولكنه على خفوته ذاك.. كان يَقُول الكثير.. وكَمَا يُسمِّيه أهل الشأن من الشرطيين.. فبداية عودة الشرطة قد جاءت ناعمةً.. حيث أطلت شرطة المرور بزيِّها الأبيض المُميّز.. وعودة المُرور كان يحمل مَعنىً آخر.. جد مهم.. وهو أنّه أصبحت هناك شوارع ومسارات تحتاج لتنظيمٍ.. ورافق ذلك عودة الدوريات المُرورية أيضاً.. وكل ذلك يُصب في صالح تنظيم حركة المُـــــرور.. وتيسيرها على المارة أو مُستخدمي أو شركاء الطريق.. كما يقول إعلام الشرطة.. والدوريات المُرورية إنّما تدفع أمامها أو تجر خلفها سيارات النجدة.. وهي مظهر مهم..!

وعقد مظهر الشرطة في الشارع.. لا يكتمل إلا بظهور وحدات الارتكاز الشرطي في مواقعها المُختلفة.. ثُمّ أمام المرافق الاستراتيجية.. هنا وهناك.. فحين تكمل الشرطة هذا الانتشار.. تكون قد أحكمت سيطرتها على الأمن الداخلي.. والأمن الداخلي هو في الأصل مسؤولية الشرطة.. إلا إذا حلّت ظروف استثنائية تتطلب استدعاء قُوّات أُخرى.. أي أنّ القوات الأخرى التي تحتشد بها طرقات الخرطوم ومرافقها الاستراتيجية.. يُعتبر وجودها استثناءً.. وأنّ الأصل في أن تعيد الشرطة انتشارها في كل تلك المَواقع.. وحينها يكون قد زَالَ الاستثناء.. وحل محله الوضع الطبيعي.. الذي تكون فيه الشرطة وحدها هي المسؤولة عن الأمن الداخلي..!

عليه.. فمسألة عودة الشرطة إلى الظهور في الشوارع.. إنما تعني في حقيقة الأمر الخطوة الأولى نحو عودة الأمن والاستقرار.. الذي هو أساس كل شيء.. ولعل من نافلة القول.. أن يُسارع الجميع إلى تمكين الشرطة من بسط سيطرتها على الأمن الداخلي.. وتستعيد صلاحياتها وسلطاتها في هذا الصدد.. وتنشر وحداتها وسياراتها.. حتى تُغادر السّيّارات الأخرى.. ويكون السودان آمناً.. وتكون الشرطة على مَسافةٍ وَاحدةٍ من الجميع.. كما يقول ناطقها الرسمي الجديد..!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى