المهدي، والإضراب، وقوى التغيير!!

* لمجرد إعلانه رفض حزبه لدعوات (الإضراب الشامل)، التي نادى بها تحالف الحرية والتغيير، تعرض الأمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة وإمام الأنصار لـ (هجوم قاسٍ) في منصات الإعلام والسوشيال ميديا التابعة لقوى الحرية والتغيير.. على الرغم من أن المهدي وحزبه أعضاء أصيلون في هذا التجمع، باعتبار أن المهدي هو رئيس مكون (نداء السودان) الذي يعتبر أحد أهم الموقعين على إعلان الحرية والتغيير.

* لكن يبدو أن هذه (سمة أساسية) في قوى الحرية والتغيير.. بأن يقوموا بمهاجمة كل من يخالفهم الرأي، فهم دائماً مع شعار (من ليس معنا فهو ضدنا).. لذلك تعرض كثيرون لدعوات (التخوين) التي طالتهم ليس لسبب سوى أنهم يفكرون بطريقة (مختلفة) ويطرحون آراء مغايرة لم تعجب قادة الحرية والتغيير.. وهي مثل التهم والانتقادات التي طالت العديد من الإسلاميين لجهة اغتيالهم، لا يعقل أن يكون كل الإسلاميون في السودان أو كل الكيزان (فاسدين).. ولهذا السبب أن عبارة (كل كوز ندوسو دوس) ليست صحيحة على إطلاقها.

* نعود لموقف الإمام الأخير من دعوات الإضراب الشامل الذي بدأ أمس الثلاثاء ويستمر حتى الأربعاء بحسب ما هو معلن.. وقبل أن نفسر موقف الإمام المهدي، يظل الإضراب وهو (الكرت الأهم) لقوى الحرية والتغيير للضغط على العسكري لتسليمهم السلطة.. وفي حال فشله يفقد التحالف أهم كروت ضغطه، ويكون قد أثبت على نفسه أنه لا يملك كل مقومات الساحة السياسية، وربما انحصر تأثيره على ساحة الاعتصام وحدها.

* بمجرد أن أعلن المهدي موقفه من (الإضراب) انهالت عليه الانتقادات من سيل السوشيال ميديا المنهمر.. ووصفوه بـ (الخيبات) المتعددة وأنه (إمام الخذلان).. أحد تلك البوستات المصحوبة بصورة الإمام يقول: (إن الصادق خذل الزعيم الأزهري، وخذل المحجوب وحكومته، وخذل إمامه وانشق عنه، وخذل كل حكومة شارك فيها، ووصف ثورة ديسمبر بدخان المرقة، ورفض الخروج على المخلوع البشير، ورفض المشاركة في الإضراب الشامل).. واختتم البوست بتعليق (هكذا هو الإمام الصادق وقائمة خذلانه تطول).

* لماذا تقوم آلة قوى الحرية والتغيير ـ دائماـ باغتيال خصومها سياسياً بمثل هذه الطريقة التي لا تحترم (الرأي والرأي الآخر).. فما هو معلوم أن كل منتمٍ لحزب أو فئة له (رأيه الخاص) الذي يدافع عنه، وينبغي أن يكون هذا الرأي محل احترام الآخرين، حتى إذا لم يؤمنوا به.. وكما تقول القاعدة الديمقراطية الذهبية (الحرية لنا ولسوانا).. وطالما كانت هذه المساحة بين الخصوم تمتاز بالحماية، طالما سعدنا بجو ديمقراطي (معافى).. وهذا ما نأمله في سودان يسع الجميع.

* ليدعُ من شاء للإضراب والعصيان فلا حجر على أحد.. وليستجب من يستجيب، ويرفض من يرفض فكل صاحب رأي (هو حر) فيما يعتقد.. وهذا هو الجو الديمقراطي الحقيقي.. وما سواه هو انتصار لعنصرية في الرأي ترقى أن تكون درجة من درجات (الدكتاتورية).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى