الشعب السوداني كله (رموز النظام السابق)!

عندما قام انقلاب نميري في مايو 1969 تم ملء السجون بشباب الإخوان المسلمين والذين كانوا في  المعارضة. السبب في ذلك أن العمود الفقري لذلك الانقلاب كانوا هم الشيوعيون. وطيلة الفترة الأولى من عمر ذلك النظام، ظل يعتقل الإخوان حتى انقلب النميرى على الشيوعيين عقب انحدار انقلابهم الأحمق الذي قاده هاشم العطا. وانقلاب الشيوعيين في يوليو 1971 له قصة مع الإخوان، حيث تم إعداد قائمة من (ألف) من الإخوان كانت ستتم تصفيتهم على الفور. ولكم أن تتخيلوا الحقد الشيوعي على الإخوان إذ أن عدد الإخوان في السودان في ذلك الوقت لم يكن يتعدى بضعة آلاف، وهو ما يعني أن تصفية (ألف) من الجماعة كان يعني القضاء التام والمبرم على ريح الحركة, لكن المنتقم الجبار كان له حكم آخر. كنت من ضمن تلك القائمة، ولقد جاء أمر اعتقالي وأنا بمروي معلماً بالمدرسة الثانوية للبنات، ولكن وصل أمر الاعتقال بعد أن كان الذي وقعه وهو هاشم العطا قد التهمته (الدروة) وزخات الرصاص المنهمر. سبحانه المنتقم الجبار. كان مدير الشرطة في مروي الأخ ميرغني حامد والذي صار بعد ذلك واحداً من أبرز قضاة السودان (أمد الله في أيامه). كان (يهددني) بتنفيذ أمر الاعتقال، فكنت أقول له قبل أن تفعل ذلك انظر إلى من وقعه, فيضحك. اليوم يسقط نظام (الكيزان) فيتم اعتقال (الإخوان) تحت مسمى فضفاض وهلامي وهو (رموز النظام السابق)!

نعود قليلاً إلى الوراء، حيث أن نظام مايو حكم البلاد لمدة (16) عاماً وبعد سقوطه حاول الذين ورثوه (محو آثاره) وأطلقوا على مؤيدي ذلك النظام لفظ (سدنة مايو)، لكنهم لم يستطيعوا محو تلك الآثار, لأن فيها إعدام عبد الخالق محجوب وقتل الشيوعيين وإعدام محمود محمد طه، وإعلان أحكام الشريعة الإسلامية. اليوم الإنقاذ حكمت لمد ثلاثين عاماً، وسوف تثبت الأيام القادمة إن كان أي نظام قادم سيستطيع (محو آثار الإنقاذ)! لكن دعونا نكون فيما يحدث اليوم وبالتحديد مسألة الاعتقالات التي طالت عدداً من (رموز النظام السابق)! ودعونا (نفلفل) هذه العبارة لنرى مطابقتها للمواصفات والمقاييس (سلام حرية عدالة) التي حملت المجلس العسكرى إلى سدة الحكم ليقوم باعتقال تلك الثلة من الرجال(*) وحبسهم لأكثر من سبعين يوماً دون توجيه تهم لهم، في الوقت الذي تعدت مدة سجنهم المدة القانونية. إن (المعنى القريب) لما تعنيه عبارة (رموز النظام السابق) تعني أول ما تعني كافة أعضاء المجلس العسكري, السابقون واللاحقون، وعدداً ممن يسمون أنفسهم قوى الحرية والتغيير! هذه حقيقة لا جدال فيها ومضابط المجلس الوطني وبعض الوزارات تثبت ذلك. أما (المعنى البعيد) لتلك العبارة فهو أن كل الشعب السودانى يندرج تحت مسمى (رموز النظام السابق)!

لكن دعونا نتجاوز هذه النقطة، لأن التوسع فيها ربما يسبب بعض (الإحراج) لمن يرفعون عقيرتهم سفاهة وخسة و(قلة أدب) بحق الإسلاميين, خاصة أولئك الذين رفعوا شعار (الكوز ندوسو دوس) فإلى هؤلاء نقول الآن إن الإسلاميين يمسكون لسانهم ويكتمون غيظهم وذلك لعدة اعتبارات من بينها وأهمها أنهم يؤمنون أن التغيير الذي حدث هو قدر من أقدار وسنة من سننه، فالأمم والأنظمة لها مثل الأفراد (آجال) لا تتعداها, وكذلك نسبة لما تمر به البلاد من منعطف خطير يضع مصيرها على المحك. والإسلاميون قبلوا ما آلت إليه الأمور واعتبروا المجلس العسكري هو الآن (ولي الأمر) الذي آتاه الله الملك، لذلك فله السمع والطاعة، وهم يعاملونه باحترام وليس مثل الذين يتحدثون عنه بتلك اللغة الساقطة! إن ما يعني الإخوان في هذا الظرف الدقيق ليس هو (يكونون هم أو لا يكونون) بل السودان يكون أو لا يكون.

لكن الأهم من ذلك وهي رسالة إلى فلول الشيوعيين، وهي أن (الكيزان) على قناعة راسخة أنه وحتى لو جاء من (يدوسهم دوس) فلن يكون هو هذا الشيوعي الملحد الجبان! ونواصل.

(*) حاشية: نحمد الله أننا لم نسمع حتى الآن اعتقال عدد من (رمزات) النظام السابق، ونسأل الله ألا يحدث ذلك.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى