ما الذي بين فدوى والتعايشي

ضجّت الأسافير في الأيام الماضية بترشيح الشاب محمد حسن التعايشي لعضوية مجلس السيادة. وكان مكان ترحيب على اعتبار أن التعايشي شاب وناجَز الإنقاذ منذ نعومة أظفاره، وما لبثت الجهة التي رشحته أن غيّرت رأيها فيه، الأمر الذي جعل المرشحة الأخرى  للعضوية البروف فدوى عبد الرحمن علي طه تعلن عن رفضها للمنصب في حالة إبعاد تلميذها التعايشي لتقديرات تعلمها هي. وهي المربية والمناضلة وهي كالأم تماماً تعرف طلابها النجباء. وبالفعل فإن اعتذار البروف فدوى هو الذي لفت أنظار الناس أكثر للتعايشي. وهو الذي جعل الدولة العميقة تتراجع. ففدوى لم يكن بينها والتعايشي رابط قبلي أو جهوي أو أسري ولا حتى في إطار المصاهرات. لقد تراجعت الدولة العيمقة عن إبعاد التعايشي من حلبة المنافسة بعد الضغوط التي تعرضت لها خاصة موقف البروف فدوى والشباب حول التعايشي والمزاج السوداني العام. حتى هذه النقطة والأمر طبيعي. لكن غير طبيعي هو إصرار فدوى على تقديم تنازلها من المنصب إلا بعد رجوع التعايشي. وعلمت من بُعيد الضغوط التي تعرضت لها. بل البعض لسان حاله يقول الدكتورة دي ختاها في الولد دا شنو. لأنه ليس من بني جلدتها ولكن للدكتورة موقف آخر لا يعلمه كثير من الناس. فهي أستاذة وتعرف مقدرات تلميذها التعايشي وإمكانية أن يلعب دوراً مفصلياً في راهن الوطن التعيس . لذلك ضحت بمنصبها من أجل التعايشي. لله درك يا بنت الأكرمين ما هذا الفداء يا فدوى، وما هذه التضحيات يا بنت المعلمين. لقد أحيت فينا الدكتورة الآية الكريمة “ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة”. وإحياء سنة النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه كما يحب لنفسه. قفزت فدوى فوق الحواجز الجغرافية والجهوية والإقليمية إلى مراتب المثل والأخلاق والروح الوطنية العالية. فدوى خطت خطة ونفذتها وعبرت طريقاً غير مطروق. وسنت سنة كانت مندثرة. لقد أتعبتِ من جاء بعدك.

لم ينته المسلسل بعد أن  تراجعت الدولة العميقة وتصعيد التعايشي لعضوية مجلس السيادة. وحسب المقربين من التعايشي أنه رفض بشدة قبوله العضوية إذا لم تستوعب دكتورة فدوى في المجلس. حاولت فدوى إقناعه بالموافقة، ولكنه رفض. وأخيراً استعملت معه  مكيدة أنها وافقت وقبلت كعضو معه في المجلس. فوافق ولكنه نكص على عقبيه عندما علم أنها أبعدت. فلم يكن هناك خيار غير الضغوط الأسرية وتحريض والده عليه الذي وضع أمامه شرطاً صعباً إن لم يوافق على عضوية مجلس السيادة خدمة لهذا الوطن. كما أن فدوى أردفت عليه إن لم يوافق فتكون العلاقة انقطعت تماماً. إن صحت هذه المعلومات التي وردتني من أحد مقربيه. فنكون نحن أمام أشخاص خاصين لمرحلة خاصة. أمام إباء وشمم وعزة نفس واعتداد بها. هذه مدرسة مهمة في تخطي الجهوية والقبلية إلى جامعة الكفاءة والأداء وليس الولاء الأعمى. ومما يؤكد أننا أمام فهم متجدد أن التعايشي عندما حضر من لندن لأداء القسم كان في ضيافة زميله الدكتور محمد عثمان البدري ابن الجزيرة وهو نجل البروف عثمان البدري الأستاذ الجامعي والأكاديمي المعروف. مع أن التعايشي ينتمي لقبيلة تغطي عين الشمس كان يمكنه ان ينزل في بيت أي أعضائها ولكنها مدرسة التجديد. وإعادة اللحمة السودانية التي دمرتها الإنقاذ بإحياء القبلية والجهوية هذا باعتراف قادتها الذين التقيناهم. أختم وأجيب على سؤالي ما الذي يجمع بين فدوى والتعايشي، أقول يجمع بينهما السودان بكل أخلاقياته السمحة وقوميته الجامعة المانعة، ويجمع بينهما الأدب المشهود بين الأستاذ وتلميذه. فالتلميذ عند الأستاذ كما العلاقة بين الأب والابن فمهما كبر الإبن فالأب يراه ذلك الولد الصغير. دام لكما الوطن التعايشي وفدوى، ودام لنا جميعا وكلنا له فداء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى