وأخيراً.. أعلنت الحكومة!!

1

* تم إعلان حكومة الفترة الانتقالية التي يرأسها حمدوك، أول أمس الخميس، بعد انتظار طويل تحمل الشعب السوظاني الأبي ساعاته وأيامه وشهوره التي بلغت خمسة شهور إلا إياماً معدودة.. منذ إزاحة النظام السابق في 11- أبريل.. وهو إعلان لم يكن سهلاً، فقد شهدت الساحة السياسية في الشهور الماضية أصعب فترات الشد والجذب بين مكوناتها العسكرية والمدنية، تخللتها أصعب الأسابيع والشهور إبان (المفاوضات) الشاقة بين المجلس العسكري السابق وبين قوى الحرية والتغيير.. وهما الجسمان الأبرز اللذلن صنعا ثورة أبريل بعد اعتصام ومواجهة مع النظام السابق، سقط فيها عدد من الشهداء الأبرار.

ثم مرت أصعب الأيام التي سبقت ثم تلت حادثة فض الاعتصام الشهيرة، وكانت أقسى أيامها تلك التي شهدت (فقدان الثقة) بين الشريكين لدرجة ظن بها الناس الظنون، وبرزت مخاوف انفراط الأمن ودخول مرحلة الفوضى، أو الاقتتال والتنازع  ـ ولله الحمد ـ كانت أخلاق السودانيين عاصماً من هذا الانحدار المشؤوم، فاستجابوا بسهولة لجهود الوساطة الأفريقية التي استطاعت بناء الثقة بين الأطراف من جديد، وتم توقيع الاتفاق الذي أعقبته خطوات حل المجلس العسكري ليحل محله المجلس السيادة ــ رمز الدولة والسيادةـ واختتمت هذه الخطوات العصيبة باختيار رئيس الوزراء المجمع حوله من الشركاء، الدكتور عبد الله حمدوك، والذي كسب في أيام محدودة ثقة كل السودان وتعلقت به آمال المواطنين، في أن ينهض السودان من كبوته ويتبوأ مكانه بين الأمم.

الخطوة التي تمت مساء الخميس، بإعلان الحكومة المدنية خطوة تنضح بالإيجابية، حيث ولدت الحكومة بعد مخاض عسير وعقب مشاورات خارقة بين كافة المكونات، قوى التغيير من جهة، والمجلس السيادي من جهة ورئيس الوزراء من جهة ثالثة، ومن هنا كان الرأي حول هذه الحكومة، وأنها قامت على محاصصة وقسمة مواقع وشد وجذب كبيرين، الا أن الحق يقال، إنها المرة الأولى في تأريخ السودان الحديث التي يختار فيها السودانيون حكومتهم بشفافية، وبناء على معيار الكفاءة والاستقلالية، إلا بعض (الهنات) التي لا تقدح في الحكومة أو قدرتها في إحداث فرق وتحقيق نصر اقتصادي وتنموي ورفاه بشري انتظره أهل السودان كثيراً.

2

* اختيار الأستاذ فيصل محمد صالح وزيرًا للإعلام، فيه نصر كبير لقبيلة الإعلاميين، وهي المرة الأولى التي يعتلي فيها أبناء القبيلة سدة هذه الوزارة، التي ارتبطت في فترات سابقة بأهل الولاء دون المهنة.. وبهذا الاختيار ينتظر أهل الإعلام تحقيق الكثير من المكاسب لأهل المهنة، وهي فترة مناسبة جداً لإعلاء الحقوق ورفع قيمة الحريات في التعبير والرأي الآخر، خاصة أن الأستاذ فيصل عرف عنه نظافة اليد وإعلاء قيم الحرية والشفافية في حله وترحاله، لذلك الآمال معقودة عليه في النهضة بهذا القطاع الذي ظلم كثيراً في عهود ماضية، لدرجة أن الإعلام السوداني يوضع في قوائم الميديا بين دول كثيرة، على الرغم من أن الإعلامي السوداني من أميز الكوادر، بل إن كثيرا من مؤسسات الميديا الإقليمية والعالمية تقوم على (أكتاف) سودانيين.. مبروك لفيصل ومبروك لقبيلة الإعلام، ونعلم أن الأمانة ثقيلة، لكن الثقة في فيصل محمد صالح كبيرة.

3

* شهدت الساعات الأخيرة من إعلان التشكيل الوزاري لحظات للشد والجذب وتباين الآراء، خاصة في اختيار الأستاذ مدني عباس مدني، وهو كادر معروف في الحرية والتغيير وكان ضمن طاقم التفاوض الأخير لقادة التغيير مع المجلس العسكري.. كثير من الآراء ذهبت لاستبعاد مدني، إلا أن الكتلة التي رشحته ودافعت عن ترشيحها حتى اللحظات الأخيرة، وتأكد أنها كتلة (نافذة)، وإلا لما استجاب لها الدكتور حمدوك.. لذلك نقول إن أول (ثغرات) الحكومة الجديدة هو استجابتها للضغوط.. كنا نتوقع بعد الرأي العام الذي تشكل ضد مدني عباس مدني وعجزه عن تقديم دفوعات (منطقية) أن يتقدم هو شخصياً برفض الموقع والاعتذار عنه، أما وإنه قد فعل، فهذا لا يعني سوى أنه يحب الموقع ولا مجال له ليتركه، وهذا (عيب ثان) في الحكومة أن يعطى المنصب لطالبه..

 وختاماً نقول إن الآمال معقودة على هذه الحكومة، وينتظرها الكثير من العمل، ونأمل أن تكون الفترة القادمة فترة يعلى فيها شأن (العمل) ويقل فيها (الكلام)، ونعد القارئ الكريم أن نعلي صوتنا بالنقد لكل ما نراه اعوجاجاً، وألا نخجل من أن نقول للمحسن أحسنت.. نسأل الله التوفيق لحمدوك وحكومته.. وهو المستعان.  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى