مواقف (متناقضة).. ودعوات متصاعدة!!!

* لا زال تجمع المهنيين، يمارس المتناقضات في حواره مع المجلس العسكري.. بينما يؤكد بعض قياداته على استئناف المفاوضات، تصر قيادات أخرى على أهمية التصعيد الثوري في هذا التوقيت، وتدعو لمليونية جديدة في ذات اليوم المحدد للتفاوض ــ أمس الخميس ــ بينما يُعلن أحد فصائل الحرية والتغيير وهو الحزب الشيوعي مقاطعة المفاوضات، وعدم الجلوس إلى العسكريين واعتبارهم امتداداً للنظام السابق، ويعلن أنه سيستمر في معارضتهم وإسقاطهم.

* هذه المواقف (المضطربة) وغير المتجانسة تصدر من جسم واحد هو (قحت).. بينما تصر قياداتها أنهم (على قلب رجل واحد)، وواضح حجم عدم التوافق داخل تكوين الحرية والتغيير، فقد ثبت بما لا يدع مجالاً لأي شك، أن القاسم المشترك بين مكونات (قحت) كان إسقاط النظام السابق، وبعد سقوطه بدأت ملامح التنازع تظهر وبقوة وتسارُع يضر بالعملية السياسية كلها.

* ففي الوقت الذي يدعو فيه (الأصم) للمضي قدماً في التفاوض مع المجلس العسكري، تستمر بقية القوى في التصعيد وفي مقدمتها (تجمع المهنيين)، وتتعالى دعوات التظاهر من جديد.. ولا ندري سبباً لهذه المواقف المتناقضة بخلاف تطويل أمد التحاور، أو (الإصرار) على معاملة المجلس العسكري كحكومة انقلابية، واعتباره غير شريك في عملية التغيير بكاملها.

* لا زالت قوى الحرية والتغيير تلعب دور (المعارضة) ولم تستطع تصديق أمر واقع وهو أن المجلس العسكري ليس (نظام البشير)، فهو شريك في التغيير، ومساهم فيه مثلها تماماً باعتراف السودانيين والدول الأخرى، ولا سبيل لاعتباره سارقاً للثورة أو ممارساً لسلطة ليست من حقه، ومعلوم أن له سهمه في التغيير.. وقد آن الأوان أن يضع يدهم في يد المجلس العسكري في (شراكة حقيقية) تمهد الطريق لتداول آمن للسلطة في السودان، وليغلقوا معاً الطريق أمام الثورة المضادة أو أيٍّ من مسميات النظام القديم.

* اللهم إلا إذا كانت قوى التغيير تتبنى (مواقف) سياسية تكتيكية لترفع من علو كعبها في المفاوضات وهذا نفسه يعتبره كثيرون بأنه عدم نضج سياسي، لأنه لا يحقق ما تريده وتجمع فيه هذه القوى، بقدر ما أنه يزعزع أجواء التفاوض، ويطيل أمد الكيد السياسي، وربما أدى إلى تباعد المواقف كلية بين الطرفين الرئيسيين في معادلة المشهد الراهن، وما لا شك فيه أن هذا يأتي لصالح قوى أخرى هي خارج المشهد اليوم، ولن يضمن أحد أن تكون خارج المشهد غداً.

* الدعوات الخاصة بالتصعيد لا تقود لاستقرار سياسي، لكنها انعكاس حقيقي لتباين المواقف في القرارات المصيرية داخل مكون التغيير.. بالإضافة إلى أن دعوات التظاهر ورعايتها تؤدي إلى إعاقة الانتقال السلس في السلطة وتداولها السلمي خاصة خلال الفترة الانتقالية التي يضع عليها السودانيون آمالهم وطموحاتهم في أن تهيئ للمرحلة الديمقراطية القادمة والتنافس الحقيقي.

* كافة دعوات التظاهر والتصعيد في هذا التوقيت بالذات أياً كان مصدرها سواء كانت ــ من الشيوعي أو تجمع المهنيين أو قوى التغيير ــ هي ضياع لعام دراسي ينتظر السودانيون إكماله بسلام، بعد أن تزعزع عام دراسي قبله.. هذه الدعوات فيها ضرر بليغ على الطلاب في مراحل التعليم المختلفة، وهي ذات أثر بالغ على الأسر السودانية التي ترغب في استقرار الدراسة ومواصلة أبنائها لعامهم الدراسي دون انقطاع.. والسؤال هنا هل تأثرت قيادات الحرية والتغيير بضياع العام الدراسي لأبنائهم، أم أنهم بالخارج يدرسون في استقرار ودعة، بينما أبناء الشعب السوداني وحدهم من يصبحون وقوداً لمحرقة التظاهرات؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى