تجمُّع المهنيين.. و(أفق) المُحَاصَصَة الحِزبيّة!!

* عندما أقرّ تجمُّع المهنيين إمكانية استثناء رئيس الوزراء القادم في تعيين (مقعدين) من ذوي الانتماء السِّياسي والحزبي.. هل كان يذكر بَند (الاتّفاق) الخَاص بتعيين ذوي الكفاءات المُستقلة فقط؟؟ وهو البند الذي وقّعت عليه الحُرية والتّغيير التي يُعتبر (تجمُّع المهنيين) جُزءاً لا يتجزأ منها.. ألا يُعتبر ذلك انتهاكاً لِمَا تمّ الاتّفاق حوله؟!

* وضع شرط (الكفاءة والاستقلالية) في الحكومة القادمة ضامنٌ لها من الانزلاق في لجّة التّصارُع الحزبي، وفي الوقت ذاته دافعٌ لها لتحقيق (النّجاح الكامل) في المَهام المُوكلة إليها.. والخَاصّة بتهيئة البيئة لفترة ما بعد الانتقاليّة، حيث الانتخابات والتّنافُس الحُر بين السُّودانيين، ليختاروا في جوٍّ ديمقراطي مُعافى ممثليهم الحقيقيين، الذين ينالون شرف الشرعية الانتخابية.

* ألا تعلم الحُرية والتّغيير، إنّها بهذا المسعى ستمنح بقية الأحزاب أسباباً مَوضوعيّة للصِّراع حَولَ السُّلطة؟ عندما تَمنح طَرفاً واحداً دُون الآخرين ليختار أصحاب خلفيات حزبية، حتى إذا كان هذا الاختيار لـ(مقعدٍ واحدٍ) فقط وليس مقعدين، هذا يُوفِّر حَقّاً قَانونيّاً للآخرين للمُطالبة بذات المقعد.. لأنّ توفُّر (الحجة) والمُسوِّغ القانوني يجعل أوار الصراع حول السلطة يحتدم، ألا يعلم تجمُّع المهنيين بهذه الفرضية أنّه وفّر الحجج والغطاء للآخرين؟

* هل يعجز السودان، وهو بلدٌ يعج بالكفاءات وذوي القُدرات القادرين على إدارة قارة كاملة.. هل يَعجز عن توفير كفاءات مُستقلة لتُدير شَأنه..؟ حتى يبحث عن حزبيين وذوي اتّجاهات سياسية ليأتوا عبر الحكومة الانتقالية؟ لا أظن أنّ بالسودان نقصاً في القادرين على إدارة شأنه، وهو القادر على تَصدير العُقُول للدُّول الأُخرى، وهو ما نراه بوجود الكفاءات السُّودانية في كل دُول العالم، وفي مُختلف التّخصُّصات.

* عندما ذكرت مجموعة الحُرية والتّغيير أنّها تَرفض المُحاصصة الحزبية، وظلّت تنفي ذلك باستمرار.. لماذا تُناقض نفسها بإقرارها إمكانية منح رئيس الوزراء استثناءً ليختار مقعديْن من ذوي الخلفيات الحزبية.. فهل يدعون للشيء وضده في ذات الوقت؟

* نأمل أن تتجاوز المُفاوضات الحالية بين العسكري والحرية والتغيير، ضرورة الالتزام (الصارم والقاسي) بعدم الميل واللجوء لذوي الخلفيات الحزبية، لأنّ هذا من شأنه هدر جُهُود الحكومة الانتقالية، ويُمَهِّد الطريق لاستئثار البعض بالسُّلطة دُونَ الآخرين، وهذا بدوره ينتج أدوات الصِّراع ودَوافعه بين مُكوِّنات القِوى السِّياسيَّة.. نتمنّى أن يصل الطرفان لاتّفاقٍ بأسرع مَا تيسّر، ونأمل أن يُزيح طرفا التّفاوُض أسباب (التشويش) من عُقُولهم، لأنّ هذا السودان لن يحكم بغير التوافُق، وإبعاد أسباب ظلم البعض وإشاعة ثقافة (التعايُش والتّسامُح)، وهذا السودان لا تحكمه جهةٌ واحدةٌ مهما أوتيت من (قوة) و(مقدرات).. فكل السُّودانيين من حَقِّهم المُشاركة في الحكم ورسم مُستقبل أجيال سُوداننا القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى