فوضى الحواس (2-2)

 

أسئلة شائكة نثرتها داليا الروبي، وهي تتهادى بين أسراب الصحافة في مؤتمرها الصحفي لإعلان التشكيل الوزاري… لماذا قفزت روبي إلى هناك!؟

ما هي الرسالة المطلوب توصيلها!؟ رئيس الوزراء لم يكن محتاجاً لها إلا من وراء الكواليس لما تمتلكه من مواهب ظاهرة في شأن العلاقات (العامة) ولما تفتقده من المعرفة الضرورية بالمجتمع الصحفي والذي بدا جلياً في توزيعها للفرص، ومنحها ذات المؤسسة الإعلامية أكثر من فرصة..

أغلب الظن أن الدور الذي لعبته كان (قطع أخدر)، ولم يكن مرسوماً لها سوى تحويل المايك من متحدث إلى آخر.. لكنها مدت عينيها إلى ما مُتّع به حمدوك، ثم تمطت وانداحت بعد أن أعجبها الحال وأغراها المقال.

فهل لافتئاتها المزعوم هذا أي خلفيات أخرى!؟ أم إنها الصدفة المحضة؟!.. هي واحدة من بنات السودان القديم المُستعاد.. جيل تسامع بتسامي أسرهم وعلو كعبهم  ومقامهم على بقية المقامات والكعوب، لكن واقعه اصطدم بأيام الإنقاذ الحالكة.. فنشأ غاضباً غير مغضوب عليه.. تساكن معهم  نظام الإنقاذ .. لم يُعادهم ولم يوالوه إلا بمقدار ما تعطّف به النظام على بعضهم حظوظاً وحظوة، وفي انتخاب عشوائي ليس له ضابط أو مرجعية.

بمراجعة أولية نجد أن بنت الروبي كانت من الصنف الأول… حانقة على نحو مظاهر ضد النظام، شابة عن أي طوق يقربها من أولئك الأوباش..

وفي ذلك أرجو أن أحيلكم إلى ما نقلته عنها (ليلا جاسينتو) في الفرنسية24  في 11 أبريل 2019 م لترويها جهرة:

(وتتذكر دالية جلياً التغييرات الجذرية التي طرأت على حياتها اليومية بعد أن زعزعت السلطة الجديدة النظام العام والقوانين.

تقول روبي “تبخرت طفولتي في ذلك الوقت، الأمر واضح. كنا في عمر الشباب وكنا نرتدي كل ما راق لنا من ثياب كمراهقات”. وتتابع “لكن بين عشية وضحاها، وجب تغيير كل شيء لا سيما طريقة اللباس، بما فيها الزي المدرسي…).

عزيزي القارئ (اخد ليك نفس)، ثم تابع -دون أن تغمض عينيك- كلامها التالي:

(بالنسبة إلى بنات جيلي، كانت ضغوط المجتمع بعد أن تذوقنا الحرية تجربة غريبة. تحولنا إلى “أشياء ….”، فكانت أجسادنا وسط ميدان معركة ورهان سياسي).انتهى..

ترفض إذن (بتنا) فكرة (تسليع) المرأة.. ولكن من زاوية أخرى يدعي الكثيرون أنها الزاوية التي تمثل أس التسليع، والمنزلة بين المنزلتين لتعلقها بزي المرأة المسلمة.. لذا حفل بجدل كثيف حول شرعيته وفرضيته أو وجوبه وكيف ينبغي أن يكون.

إلى هنا انتهى الكلام عن داليا.. ولأنها (سيرة وانفتحت) فإننا نلحظ مؤخراً انتقاداً حاداً لقيم المجتمع القديم بزاوية نظر ورؤية مختلفة مناهضة للقديم.. وفي مقابلة مجيدة وقديمة ما بين الستر والسترة والطريق والطريقة.. ولمزيد من التسديد والمقاربة فإن القلوب توجست من التصريح الشجاع للسيد وزير الأوقاف ودعوته لليهود السودانيين للعودة لديارهم والنيل!؟ (وشيل دا كلو وختو) مع قرار تلك الكلية بمنع طالباتها من ارتداء الحجاب والنقاب في الحرم الجامعي!؟؟..

لنتساءل مع عبد الحي  يوسف، أيهما أكثر تحصيناً للمرأة أن يدنين عليهن من جلابيبهن وأن يضربن على جيوبهن؟! أم أن يكشفن ويصفن ويشففن!؟!

الآن نحن في (البيضا) فلا قوانين النظام العام ولا شرطته حاضرة… من شاء أن يكفر فليكفر  وكذا الإيمان والستر والحجاب، وليست الخرطوم ومدن السودان القديمة وعلى نسقها السابق المستباح  بمرضية عنها عند أهل السودان حتى نستبقيها مثالاً يحتذى به، (بارا مفتوحة) و(كلاب لهب)!!.. اتركوا الناس وما يعتقدون فلا تضيقوا واسعاً ولا تغلقوا عليهم أبواب حرياتهم ولتنشدوا مع حافظ:

فتوسّطوا  في الحالتين  وأنصفوا…..   فالشرُّ فـي  التقييد  والإطلاق

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى