المجلس العسكرى يُبهر العالم ويضع النقاط على الحروف

ابهر اثنان من أبرز قيادات المجلس العسكري الانتقالي، العالم من جهة، ومن جهة أخرى (طمأنا) الشعب أن لديه جيشاً عظيماً قوياً متماسكاً، والأهم من ذلك فهم الأمور بالشكل الذي يجعل هذا الشعب يجدد ويؤكد (ثقته) في قواته المسلحة باعتبارها (صمام الأمان) والضامن الوحيد للحفاظ على (بيضة) الوطن والدين. جلست مساء الخميس (مسمراً) تجاه شاشة التلفزيون القومي، أنا والشعب السوداني قاطبة، وكذلك الملايين حول العالم لأكثر من ساعتين ونحن نتابع المؤتمر الصحفي الذي عقدته اللجنة السياسية للمجلس العسكري والذي تحدث فيه الفريق شمس الدين الكباشي رئيس اللجنة الناطق الرسمي باسم المجلس، والفريق ياسر العطا عضو اللجنة.

كان المؤتمر هو الشيء الوحيد الذي ينتظره الشعب السوداني، خاصة بعد (البلبلة) وخلط الأوراق في الساحة السياسية و(الدربكة) التي حدثت تجاه مستقبل هذا الوطن، وذلك في ضوء التطورات التي أعقبت زيارة رئيس الوزراء الأثيوبي السيد (آبي أحمد)، ثم ما تبع ذلك من تصريحات أدلى بها ممثله الذي بقي في الخرطوم ليتابع (المبادرة الأثيوبية)، وكذلك زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية، حيث أن الشعب السوداني ظل يضع يده على قلبه باعتبار أن تلك (الهجمة) الخارجية ستؤدي إلى كسر شوكة المجلس العسكري، فيقوم بتسليم السلطة للذين يتحدثون بـ (صلف وعنجهية وغرور) تجاه جيشنا العظيم ومنظومتنا الأمنية، كما جاء في إفادة الفريق ياسر العطا. كما أن تلك التطورات ونتيجة للدعاية السوداء السامة، والتي ظل (الذباب الإلكتروني) التابع لما يسمى بقوى الحرية والتغيير يبثها طيلة الفترة الماضية، والتي تتحدث حول (انشقاق) في المنظومة الأمنية، وهو أمر لو أنه حدث (لا سمح الله) فقل على السودان السلام، وهو ما يتمناه هؤلاء الحاقدون الذين يريدون تمزيق هذا البلد، والقضاء على جيشه، وكافة منظومته الأمنية التي بناها على مر السنين لحمايته (وقت الحارة).

ربما كان العديدون، وهم يشاهدون المؤتمر الصحفي مشغولين بأمور وقضايا أخرى، غير أنني كنتُ مشغولاً بهاتين القضيتين بالذات، إضافة لقضية أخرى، لا تقل أهمية وهي ما أدلى به المبعوث الأثيوبي من أنه تم الاتفاق على أن تتواصل المفاوضات من حيث انتهت! لقد خرجت بنتيجة واضحة وفاصلة، وهي أن المجلس العسكري على دراية واسعة بالقضية، وعلى فهم واسع بتشابكاتها وطرق الحل لها. لقد قدم القائدان العسكريان شرحاً مفصلاً لمسار القضية، منذ أن انحازت القوات المسلحة للثورة الشبابية، ليس هذا فحسب، بل إن اللجنة الأمنية، كانت تتابع المشهد السياسي عن كثب، حتى قبل عملية الانحياز، حيث أكدا أمراً ظل الشعب السوداني يدركه ويعترف به وهو أن القوات النظامية كلها من جيش وأمن وشرطة ودعم سريع هي التي قامت بالتغيير، ولولاها لما ذهب البشير، وهذه الحقيقة هي بالذات ما ظلت قوى الحرية والتغيير تحاول طمسها وتشويهها و(القفز عليها) لحاجة في نفوسهم! كان الفريق كباشي واضحاً وحاسماً جداً فى القضايا الثلاث التي ذكرتها، وهي الخوف من تأثير الوساطات والمبادرات الخارجية على القرار الوطني وسيادة الوطن والشعب في أن يختارا الطريق الذي يتماشى مع المصلحة العليا للسودان وشعبه وجيشه.

قدم الفريق الكباشي شرحاً واضحاً لسير الأحداث منذ وما قبل مجيء رئيس الوزراء الأثيوبي، وكيف كان الرد على ملاحظات الوسيط الأثيوبي، وكيف سيكون الرد على المبعوث الأمريكي.

هذا فيما يتعلق بالتدخلات الخارجية، وفي هذا المجال فقد توقفت كثيراً والفريق الكباشي (يسخر) من اقتراح قوى الحرية والتغيير بنقل المفاوضات إلى أديس أباباً! لماذا أديس أبابا، ونحن بحمد الله عندنا عاصمة (حدادي مدادي) يلجأ إليها الآخرون لتحل لهم مشاكلهم، وقد فعلت. أما حكاية تسليم السلطة لقوى الحرية والتغيير دون غيرهم فهو أمر صحيح، أن القائدين لم يذكراه صراحة، لكنه كان واضحاً. قال أحد الصحفيين للقائدين إن قوى الحرية والتغيير (لا يثقون فيكم)، فكان الرد: (نحن أيضاً لا نثق فيهم)! الحكاية واضحة، فلن يؤمن للمجلس العسكري إلا من قد آمن من قومه وعليه، وقد (قنع من خيراً) في قوى الحرية والتغيير، عليه أن يحزم أمره ويقدم خطته البديلة ويعلن حكومة كفاءات لتحضر لانتخابات في غضون تسعة شهور. لقد بهر المجلس العسكري العالم ووضع النقاط فوق الحروف.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى