مليشيات وزير

هل  فكر وزير  المالية إبراهيم البدوي  وقدّر واستدبر وتفتقت عبقريته  لحلول غير تقليدية لمشاكل الاقتصاد  السوداني التي تبدأ من ضعف الإنتاج الزراعي  والحيواني ونضوب الموارد النفطية واختلال تجارة  الذهب والتعدين والفساد الذي نخر عظم الاقتصاد، والظلم  والتهميش والتحيزات المركزية التي أنجبت حركات التمرد التي  أطلق عليها السيد رئيس الوزراء اسم” الدلع ” قوى الكفاح المسلح ، وزير  المالية لم تسعفه خبراته كموظف في المؤسسات المالية الدولية والإقليمية  في افتراع وصفة علاجية لأمراض الاقتصاد المعقدة، فلجأ إلى الدعوة لإقامة ملشيات  غير نظامية لتؤدي دور الشرطة وجهاز الأمن في الرقابة على الخدمات من وقود إلى دقيق  ومواصلات عامة .

السيد  الوزير دعا  لتكوين قوة رقابة  شعبية من الشباب يتم  نشرها في محطات الوقود  والمخابز في الأحياء للمراقبة  مقابل أموال تدفعها وزارة المالية  لهؤلاء الشغيلة الذين هم البديل الجديد  للشرطة وجهاز الأمن في مهام المراقبة على الخدمات  العامة.

  بالطبع  مثل هذه  المهمة تتطلب  صفات غير متوفرة  في الشباب الساعي الوزير  للدفع بهم مراقبين للخدمات  من غير حماية قانونية لهم ولا سلطة  مخولة تجعلهم يقبضون على المهربين ولا  قدرة على استخدام العنف لمن يقاومهم.  

فهل  السيد  الوزير مثلاً  يريدهم مدنيين بأيديهم  يقاومون المهربين للدقيق  والوقود في تخوم العاصمة والحدود ؟ وهل  تصادق السلطة الانتقالية على قانون يحمي  هذه الملشيات ويجعلها قوات نظامية موازية ؟ وإذا  كان الأمر كذلك، لماذا حل الدفاع الشعبي والشرطة  الشعبية، ألا كان سهلاً على الوزير تسريحهم وتغيير اسم  الدفاع الشعبي لقوى الثورة والشرطة الشعبية إلى ثوار الأحياء  بدلاً من هذه الفكرة البائسة وغير العملية، والتي  تهدد بتفشي  الفوضى في السودان  بإسناد مهام القوات النظامية  لملشيات حزبية من قوى الحرية والتغيير  تعبث بأمن البلاد وتتخذ من نفسها بديلاً  للقوات النظامية، كما يحدث هذه الأيام في التقاطعات  المرورية التي تعرضت للتخريب مثلها وشوارع الخرطوم من قبل  المحتجين من الثوار، هؤلاء يحاولون بنوايا حسنة تنظيم حركة المرور نياية  عن الشرطة، ولكنهم لا يفلحون في مهمة تحتاج لتخصص وخبرة. 

أما  إذا كان  وزير المالية  يسعى لتوفير سبل  عيش للشباب الذي يعاني  البطالة والفاقة وهم من خرجوا  للشوارع حتى سقط النظام السابق،  وبالتالي يمثل تعيين ١٠٠٠ شاب وشابة  بمثابة مكافأة لهم وتوفير وظائف مؤقتة  لهم، فان ذلك يعد تعييناً لإرضاء عدد محدود  من الشباب وترك مئات الآلاف عاطلين، وكانت بعض أحزاب  قوى الحرية والتغيير قد سجلت ١٠ آلاف من الشباب في أحياء  الخرطوم وحدها بزعم أنها ملتزمة بتوظيفهم وتحسين أوضاعهم  الاقتصادية، ولكن ماذا يساوي عدد ألف شخص من جملة عشرة آلاف  شاب وشابة بولاية الخرطوم وحدها.  

إن مهمة  الرقابة على المخابز  ومحطات الوقود كانت تقوم  بها الشرطة وجهاز الأمن بتكلفة  صفرية لوزارة المالية وبخبرة وسند  قانوني لمن يقوم بتلك المهمة، ولكن  وزير مالية حكومة السودان لا يثق في شرطة  السودان ولا جهاز أمن السودان، لذلك يبحث عن بديل  يقوم بمهامهم من المليشيات الحزبية أو الجنود غير النظاميين،  وهؤلاء من أطلق عليهم ( الباشبزق) في عهد محمد علي باشا، أما في عهد  إبراهيم البدوي فإن الاسم الذي يناسب هؤلاء ملشيات أو كما قال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى