حكومة الأمل

ينتظر السودانيون بمختلف انتماءاتهم السياسية والثقافية وفي الأرياف والقرى، تشكيل الحكومة الجديدة لتحالف قوى الحرية والتغير الذي قاد التغيير شعبياً ونال حق قيادة الجهاز التنفيذي للحكومة الانتقالية، وآمال وتطلعات الشباب الذين خرجوا للطرقات رافضين لواقع ما قبل ١١ أبريل، متطلعين لسودان ديمقراطي تحكمه سلطة مدنية بخيارات أهله وفي أنظمة الحكم هناك حاكم من الشعب وحاكم في الشعب وحاكم على الشعب.

شباب السودان بوعيهم اختاروا أن يكون حاكمهم من الشعب لا على الشعب، والوصول لمرحلة الاختيار الحر لمن ينال ثقة الشعب، كان ضرورياً البحث عن صيغة انتقال توافقية تجمع بين المدنيين والعسكريين، وهذا ما سيحدث في الساعات القادمة بتعيين رئيس الوزراء، ومن ثم اختيار تحالف قوى الحرية والتغير للوزراء، لتبدأ مرحلة صعبة جداً من تاريخ السودان لا تشبه كل مراحل الانتقال السابقة التي مرت بها البلاد، وذلك بسبب تراكم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية والتعليمية وسط توقعات من الجماهير بالوصول لحلول عاجلة لمشاكل نقص الوقود والخبز وشح الموارد المالية وتوقعات بأن يحظى السودان بدعم ورعاية خليجية من دول محور السعودية ــ الإمارات مالياً، وسند سياسي من مصر والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وسرعة رفع العقوبات ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتدفق المساعدات المالية من دول الغرب عامة وأمريكا بصفة خاصة.

ويتطلع سكان أقاليم كردفان والنيل الأزرق ودارفور لوقف الحرب نهائياً والوصول لصيغة اتفاق ينهي الحرب وتتوقف آلة القتل وتفتح الطرق ويعود النازحون واللاجئون بعد استقرار الأوضاع، وتفتح الجامعات أبوابها وينصرف الطلاب للتحصيل الأكاديمي بعد تشبعهم بالثورة والسياسة، وتزدهر التجارة بعد الكساد، وتستقر الأسعار بعد حالة الانفلات الأخيرة .

وقبل ذلك، أن يستظل الجميع تحت ظل دولة القانون والحريات التي لا تقمع فيها حرية التعبير ببنادق العسكر ولا تحمل النساء قسراً في دفارات الشرطة للقصاص منهن بسبب ارتداء بنطال أو التواجد فى مكان مشبوه كما كان يسمي ذلك قانون النظام العام.

ودولة المدنية التي ينادي بها الشباب وتم تأطيرها دستورياً في الوثيقة الدستورية التي تعني الدستور الانتقالي تجاوزت مسألة العقيدة وصراع الهويات والأيدلوجيا بالإشارة لمدنية الدولة وعرفية مصادر التشريع .

الوصول لهذه الغايات والتطلعات ليس أمراً سهلاً كما يعتقد البعض، والديمقراطية طريقها محفوف بالمكاره والصعوبات، والحكومات الانتقالية تواجهها دوماً مشكلات كبيرة كما واجهت حكومة سوار الذهب بعد الانتفاضة. وبعد عام ونصف من الآن تبدأ الأحزاب في التفكير في صناديق الاقتراع، وكيف تضع في رصيدها ما يغري الناخب التصويت لها، وتحالف قوى الحرية والتغيير نفسه لن يبقى على حاله الراهنة وستطاله تغييرات هيكلية في مقبل الأيام.

ولكن الآمال والتوقعات الكبيرة من شإنها إعاقة أداء الحكومة الانتقالية التي مهما توفر لها من مال خليجي وسند دولي وعلاقات مفتوحة من الغرب لن تستطيع تحقيق تطلعات الشباب، إلا بتحسين الموارد والنهوض بالزراعة والصناعة والاعتماد على الموارد الحقيقية لاقتصادنا، وقبل كل ذلك أن تسعى الحكومة للتعبير القومي عن كل السودانيين، وأن لا تتجه لسياسة الانتقام والتشفي ممن تعتقد أنهم خصوم لها، رشد الممارسة يغني الحكومة عن كثير من الرهق الذي يسببه لها منافسوها والمتطلعون لإفشال برامجها، وعلى الحكومة أن تتوقع بروز معارضين لها، ولكن الحكمة تقتضي من الجميع البحث عن المشتركات التي تجنب بلادنا ما صارت إليه بعض الدول.

نقطة

حزنت جداً لمقطع بُثّ على نطاق واسع أمس يظهر فيه رئيس المجلس العسكري رمز سيادتنا وعزتنا، وهو يشيد بقناة الحدث بصورة جعلته أقرب للمُمثّلين ولاعبي كرة القدم والفنانين عندما تشتري الشركات أصواتهم وصورهم للدعاية لمنتجات تلك الشركات مقابل حفنة من المال، فكيف سمحت سلطات القصر الرئاسي ببث هذه الدعاية، ولماذا تفعلون برأس الدولة كل هذا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى