تشوُّهات في القيادة

إذا كان الفريق جمال عمر رئيس اللجنة الأمنية السابق قد أسندت إليه حقيبة الدفاع في الحكومة الانتقالية حسب ما تردد على نطاق واسع وسط المقربين من المجلس العسكري بعد أن تجاوزه الاختيار لعضوية المجلس السيادي.

 ويعتبر جمال عمر من الكفاءات التي تدرجت من ملازم حتى رتبة الفريق، ويشهد له جنوده وضباطه بسعة الصدر والشجاعة، والأخيرة تعتبر أهم صفة يجب أن يتصف بها القائد العسكري.. الفريق جمال عمر إذا تم تعيينه وزيراً للدفاع في الحكومة الانتقالية فإن أكبر مهمة تنتظره عاجلاً غير آجل هي كيف يعيد للقوات المسلحة صورتها في مخيلة الناس بعد أن تعرضت القوات المسلحة بشقيها قوات مسلحة ودعم سريع إلى تشويه متعمد لصورتها وسط شعبها وانتاشتها سهام النقد والتجني بسبب الصراع السياسي في البلاد.. ورفعت شعارات تطالب بالحكومة المدنية والأشياء بأضدادها تُعرَف, فالمدنية التي طالبت بها القوى السياسية واتخذت “ايقونة” في خضم الصراع السياسي العنيف هي البديل للحكومة العسكرية..

ولكن هل في السودان نهضت حكومة عسكرية محضة في كل تجاربنا السابقة من المجلس المركزي وحتى مايو التي حكمت البلاد لمدة “16” عاماً، والبشير وسنواته الثلاثون, هل كانت تلك الحكومات عسكرية؟؟ أم حكومات مختلطة يغلب عليها المدنيون؟؟ وقد يذهب البعض إلى أن تلك الحكومات “عمادها” عسكريون بملابس مدنية أو مدنيون بعقليات عسكرية؟؟ وبالطبع هناك عسكريون بعقليات مدنية!! وفي الأدب العسكري وسط الجنود والضباط إذا أطلق أحدهم على زميله صفة مدني تعتبر إساءة بالغة تستوجب العقوبة الخفيفة.. وفي الأوساط المدنية إذا أطلق على أحدهم صفة عسكري يعتبرها البعض تقليلاً من شأنه..

بعيداً عن هذا وذاك، فإن حكومات السودان المتعاقبة أغلبها مدنية برأس عسكري حتى حكومة الانتقالية الحالية يقودها جنرال رفيع الفريق “برهان”، وجدال المدنية والعسكرية غذّى مخيلة الأجيال الحديثة من اليافعين وطلاب المدارس وحتى رياض الأطفال “بكراهية” غير مبررة للعسكر مما يتطلّب من الجميع جهداً كبيراً لتصحيح التشوهات المتعمدة لصورة القوات المسلحة في وسائل الإعلام الحديث والتقليدي.. والفريق جمال عمر الذي لعب دوراً محورياً في سلام جنوب السودان وأفريقيا الوسطى من موقعه كمدير لجهاز المخابرات العسكرية في السابق، تقع على عاتقه مسؤولية كبيرة في تصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة عن دور القوات المسلحة في التغيير السياسي الذي حدث ودورها الكبير المنتظر في حماية النظام الديمقراطي من المغامرين والمتربصين به وكيفية حماية القوات المسلحة من اختراقات الأحزاب واتخاذها مطية سهلة لكراسي السلطة والحكم..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى