انقلاب للبيع!!

في سنوات الديمقراطية الثالثة تفتقت عبقرية المبدع محمد نعيم سعد لمسرحية ساخرة باسم انقلاب للبيع، ووجدت رواجاً واسعاً حينذاك قبل أن يموت المسرح وتجف ينابيعه ويهاجر أغلب المبدعين لبلاد أخرى بحثاً عن لقمة العيش..

في كل عهد ديمقراطي تنشط داخل المؤسسات العسكرية خلايا الانقلابيين العسكريين بالاتفاق والرعاية والإسناد والتخطيط من قبل الانقلابيين “المدنيين”!

ومنذ الحادي عشر من أبريل وحتى اليوم كشف المجلس العسكري عن محاولتين انقلابيتين دون الإفصاح عن طبيعة هذه الانقلابات.. من يقف داعماً لها من القوى السياسية، وماهي أهدافها؟؟ وهل المحاولتان في مرحلة التخطيط الأولي والاجتماعات؟؟ أم في مراحل التنفيذ الفعلي؟؟

وقبل ثلاثة أسابيع، قال المجلس العسكري إن محاولة انقلابية تم إحباطها وإن عدداً من الضباط تم توقيفهم، وفي اللقاء الذي بثته قناة النيل الأزرق أمس الأول ووجد متابعة واهتماماً واسعا من قبل المشاهدين رغم تزامنه مع مباريات بطولة الأمم الافريقية وواقعة لقاء مدغشقر والكنغو الديمقراطية.. كشف الفريق عبد الفتاح البرهان عن محاولة انقلابية جرت بعد توقيع المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير لاتفاق منتصف ليل الخميس.. ولم يحدد الفريق “البرهان” الجهة التي تقف مخططة وداعمة للانقلاب الذي بطبيعة الحال موجه لإجهاض اتفاق منتصف ليل الخميس، وسكت البرهان عن كشف مزيد من التفاصيل عن المحاولة الانقلابية ولا مصير المغامرين المطلوب كشفهم للرأي العام؟؟ وتقديمهم لمحاكمة علنية حتى “ترعوي” الجهات التي لا تزال في “مخيلتها” انقلابات؟؟ وأي تستر على الانقلابيين والتسامح معهم من شأنه إغراء آخرين ينتظرون تجريب دورهم وحظهم في الوصول للسلطة..

وأي انقلاب عسكري في الوقت الراهن موجه في الأساس إلى صدر المجلس العسكري أولاً قبل قوى الحرية والتغيير، ويستهدف إجهاض مشروع الانتقال لدولة ديمقراطية في محيط “شمولي” متربصاً بها.. وكان حرياً بالمجلس العسكري كشف كل خيوط المؤامرات التي تحاك في الظلام من قبل القوى الانقلابية المدنية والعسكرية.. والحديث عن الانقلابات من غير تقديم دليل ومحاسبة للذين يخططون لهذا العمل الشرير يفسد المناخ العام ويسمم الساحة السياسية ويحرض خلايا الأحزاب النائمة للإسراع قبل الآخرين لتنفيذ مخططاتها الإجرامية في حق الوطن والديمقراطية.. وأي حديث عن الانقلابات العسكرية في مثل هذه الظروف من غير محاسبة وشفافية وكشف كامل لملابسات الانقلابات من شأن ذلك إغراء الآخرين وما أكثر المتربصين بالديمقراطية.. والفريق البرهان مطالب من قِبل الرأي العام بحماية التجربة الديمقراطية، وأهم شروط الحماية الكشف علناً للرأي العام عن القوى المتربصة بها من غير تهويل أو تهاون حتى لا تصبح بلادنا يوماً على أنغام موسيقى انقلاب جديد يعيد إنتاج الأزمة ويجعل بلادنا تقف في صف الدول التي تنتمي لعصر غير هذا العصر.. ولأنظمة بائدة أصبحت جزءاً من التاريخ الأسود للشعوب والأمم..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى