الخرطوم غداً

أيام معدودة أو ساعات ويحل فصل الخريف وتهطل الأمطار بغزارة في كل أرجاء البلاد، خاصة العاصمة الخرطوم التي تعاني سنوياً في مثل هذه الأيام من الفيضانات والسيول الجارفة التي تنجم عن هطول الأمطار وانسداد الخيران والمجاري الطبيعية والمجاري الصناعية ويموت الناس بالمطر خريفاً كما يموتون صيفاً بأمراض السحائي الذي يطلق عليه أهلنا “أبو فرار”، أما في الشتاء فيموتون بنزلات البرد، والجوع ولكن أمراض الخريف تبدأ بالملاريا ولا تنتهي بالنزلات المعوية بسبب انتشار البعوض.

وولاية الخرطوم هذا الخريف سيعاني سكانها أكثر من معاناتهم في السنوات الماضية، نظراً لعدم الاستعداد لفصل الخريف بتطهير القنوات ورصد أموال لمواجهة الطوارئ.

وهذا العام حل الخريف، وولاية الخرطوم من دون حكومة مسؤولة عن حياة الناس، وإن وجدت فهي حكومة مؤقتة لسد الفراغات، ووالي الخرطوم الحالي لا يعلم أغلب الصحافيين أسمه دع عامة الناس، ولم تنشر صورته في الصحف، ولم يُعرض له التلفزيون خبر، ولذلك الوالي الحالي لا وجود له في عالم المرئيات والمحسوسات، وربما شغلته أشياء واهتمامات أخرى بعيداً عن قضايا المواطنين.

هذا بشأن الوالي، أما المعتمدون فحالهم غير، وتستطيع بكل ثقة إجراء مسابقة لمعرفة اسم معتمد محلية جبل أولياء، ولن تجد الإجابة الصحيحة، وربما أجاب البعض بأن معتمد جبل أولياء هو اللواء ابوعبيدة العراقي، ولو سألت عن معتمد الخرطوم لقالوا الفريق أبوشنب طيّب الله ذكره ومدّ في عمره. وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية التي تعيشها الخرطوم، فإن موسم الأمطار الذي يمتد من هذا الأسبوع، وحتى منتصف سبتمبر القادم، يعتبر من أصعب السنوات التي تمر على المواطنين، لأن مياه الأمطار التي تتراكم في الشوارع كانت الولاية تصرف على شفطها مليارات الجنيهات بالاستفادة من العربات الحكومية والتجارية، ولكن اليوم الخرطوم بلا حكومة، وأخشى أن يسند لقوات الدعم السريع مهمة تصريف مياه الأمطار من الشوارع بعد أن أصبحت هذه القوات تنوب عن الشرطة في حفظ الأمن بالأحياء، وتنوب عن جهاز الأمن في فض أحداث الشغب، وتنوب عن الجيش في القتال، وتساهم في حل مشكلة المواصلات، وتوفر الإسعاف للمرضى، والكراسات لطلاب المدارس، ورغم ذلك تُواجَه بحرب قذرة واستهداف عنصري بغيض ومحاولة زرع الفتنة والوقيعة بينها وبقية المنظومة الأمنية.

ومن هنا، فإن المنتظر من المجلس العسكري إلى حين تكوين الحكومة المدنية، وتعيين والٍ صاحب همة ورغبة في العمل، أن يضطلع العسكري بدوره بتكوين غرفة لطوارئ الخريف، قبل أن تغرق الخرطوم في الأيام القادمة، ومع حلول منزلة (النترة) ومدتها أربعة عشر يوماً، وهي من أكثر منازل الخريف مطراً وتبدأ من يوم غد الإثنين، أمسكوا الكواريق ونظفوا مجاري بيوتكم، أما الشوارع فانتظروا ما يحدث الأيام القادمة.

اللهم أشهد قد بلّغت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى