العصيان المدني كلمة حق أُريد بها باطل

استخدمت قوى الحرية والتغيير، سلاح العصيان المدني أو الإضراب السياسي كآلية لإسقاط حكم المجلس العسكري عن طريق العاملين للإضراب عن العمل.. ثم أعلنوا فجأة قطعهم له.

فهل الإضراب عن العمل من الحقوق السياسية والمدنية؟

الإضراب عن العمل لم يرد إلا في مادة واحدة من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أي أنه لم يرد أصلاً ضمن الحقوق السياسية والمدنية التي خُصص لها عهد منفصل أو اتفاقية منفصلة. وعليه، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو:

ما هو الإطار الاقتصادي والاجتماعي الذي يُمارس من خلاله الحق في الإضراب؟

ورد الحق في الإضراب كجزء من أحكام المادة (8) من العهد الدولي لحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي المادة المعنية بحق الإنسان في تكوين نقابات مهنية بغرض تعزيز مصالحه الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها.

المادة (8) من العهد الدولي لحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مكونة من ثلاثة مقاطع ـــ والمقطع الأول منها مقسم لأربع فقرات، الفقرة التي تعنينا هنا من الفقرة (د) من المقطع الأول.

وقد وُضِع شرطان للممارسة، أي لممارسة الحق في الإضراب أولاً أن يمارس وفقاً لقانون البلد المعني..

ثانياً: أن يكون لتحقيق الغرض الأساسي للتجمع النقابي، أي لتعزيز مصالح النقابة الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها.

 ومن الطريف أن تبرز هذه الملاحظة من الخبراء الحقوقيين وخبراء القانون الدولي.

الملاحظة: المشرعون الدوليون وعلى رأسهم لجنة القانون الدولي التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، لم يدر بخلدهم أبداً ولم يرد في مذكرات اللجنة التفسيرية للمادة (8) من العهد الدولي لحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أن يُستخدم سلاح الإضراب لأغراض سياسية!!

وإلا لوُضِع هذا الحق ضمن العهد الدولي لحقوق الإنسان المدنية والسياسية، ولذلك ليس بوسع العاملين  في القطاعين الحكومي والخاص الدفع بالحق في الإضراب كحق من حقوق الإنسان إذا ما قرر مخدموهم محاسبتهم على غيابهم عن العمل مشاركة منهم في الإضراب السياسي أو العصيان المدني.

أود أن أشير إلى اللقاءات التي تمت عبر قناتي “الشروق” و”التلفزيون القومي” والذي بدأ يستعيد عافيته بقوة .

اللقاءات كانت وافية في عكس الضوء على عدم قانونية إجراءات الإضراب السياسي عن الحق في حرية التنقل والحركة، وكانت للدكتور المفتي إفادات قانونية حقوقية متميزة جداً شاركت في التوعية الثانية الحقوقية للمواطن، وكذلك الدكتور  ناجي البدوي، أحد قيادات الحراك القومي القانوني، ومولانا حرية إسماعيل عبد المحسن، رئيس المفوضية القومية لحقوق الإنسان إفادات من قانونيين وخبراء حقوقيين أسهمت إلى حد كبير في توعية المواطن.

عزيزي القارئ، هل عرفت لماذا لجأت قوى الحرية والتغيير لقطع العصيان السياسي؟ لأنها تعلم أنه غير قانوني وسيستمر السخط عليها، لأنه سيعرض المضربين عن العمل للمحاسبة من قبل مخدّميهم، ولأن المؤسسات الدولية تعلم أنه سلاح استُخدِم في غير موضعه.

 وسنعود..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى