اجتماعٌ داخليٌّ بأديس وليس اتّفاقاً

أعلن تجمُّع المهنيين في مؤتمر صحفي عقده أمس ضِمن كَثير دَفع به للرأي العام، أنّ الاجتماعات التي جرت في أديس ليست للسلام، بل هي لتَقريب وجهات النظر وسوف يكون هنالك مؤتمر للسلام! وهو يشير في ذلك إلى بعض مُكوِّنات قِوى الحُرية والتّغيير التي خَرجَ أعضاء بها قائلين، إنّهم أنجزوا اتفاقاً للسلام مع (غالب) الحركات المُسلّحة في لقاءاتٍ جَرَت بالعَاصمة الإثيوبية أديس أبابا وهي في واقع الأمر لقاء ضَمّ التّغيير بشركاء ومُوقِّعين معهم في إعلان الحُرية لا أكثر ولا أقل.

حقيقة ما جرى أنه مُجرّد اجتماع تداولي بين أعضاء تنظيمات مُوقّعة على إعلان الحرية (قطاع الشمال ومناوي)، والذين يُفترض أنّ رؤيتهم تضمّنت في الوثيقة التي دفعت للوساطة مُسبقاً بشأن تسوية السلام؛ وبالنسبة لحركة العَدل والمُساواة، فجبريل إبراهيم يَميل لدعم الاتّفاق الحالي وعَدَم التّشدُّد وأخذ الأُمور بتيسير وفق المُتَاح، فيمَا غَابَت كالعَادة جماعة عبد الواحد نور و(الحلو) والأخيرة كَرّرت وأعلنت أنّها لن تَكون طَرفاً في أيّة تَسوية مع مجموعة نداء السُّودان، كما أنّها رفضت التّـوقيع على إعلان الحرية والتغيير، وفوق هذا لَن تَكون طَرَفَاً في لقاءٍ يُديره فصيلٌ مُنشقٌ عنها وتقصد به فصيل عرمان وعقار وجلاب باعتبارهم مَطاريد بقرارات المجلس الثوري لقطاع الشمال منذ مارس 2017!

وفوق هذا مَعلومٌ أن كل الحركات المُسلّحة لن تقبل مُعالجة سقف الرعاية فيها مَحليٌّ قدر حرصها على مَظلة للتّفاوُض سقفها قرارٌ أفريقيٌّ وأمميٌّ وترتيبات أمنية لقواتها، مع قسمة سياسيّة يشملها اتّفاق غير الإعلان الدستوري المُنتظر، وتبعاً لهذا فَسيظل المَوقف الحَقيقي لتلك الجماعات انتظار تحديد صَاحب الشّوكة في الحُكم وهل هو العَسكر أم (قَحت)؟ لأنّه عَمَليّاً لا يُمكنك الاتّفَــــــــــاق مع شَخصٍ بلا صلاحياتٍ، ولهذا كلّه أظن أنّ إبراهيم الشيخ ومن سوق لخزعبلة اتّفاق للسلام، يسوق اتّفاق لائحة داخلية أكثر منه وصف آخر.

نَهج وأسلوب (الخم) الذي أشرنا إليه كثيراً في مثل هذه الأحداث يبدو أنه يستمر ويَتَصَاعد؛ وهو مُؤشِّرٌ على حالةٍ نفسيةٍ تبحث عن نَصرٍ بأيِّ كيفية وظُهُور لا يتأسّس على وقائع فعلية قدر تأسسه على تكتيكات درامية وألعاب بهلوانية بترويج مَا هُو غَير حقيقي، وأظن وستثبت الأيام ظَنِّي، إنّ الحَرَكَات المُسَلّحَة وغَض النّظر عن مَحصلة الإعلان الدّستوري وشَكل هَيكلة الحُكم المُقبلة ستنتظر تسوية طرفها المُؤسّسة العسكريّة، وبحُضُور ودَعم جِهَاتٍ رَاعيةٍ ذات ثُقلٍ وقرارٍ إقليمي قادرٍ عَلَى دَفع بَعض الاستحقاقات وهذا وَضعٌ لَن يَدفعها للمُغَامرة بالتّوقيع أو الالتزام لتَنظيمات يُمكن لصديق يوسف وحزبه وببيانٍ، نسف أيِّ تَعَهُّدات معها وهذه حقيقة أسمعها (مناوي) و(جبريل) للاجتماع وإن تحرّوا فيها اللطف وعدم الإشهار للإعلام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى