شهادة البشير والأمن القومي للدولة !

في إفاداته أمام المحكمة، تحفظ “المُتهم” الرئيس السابق المشير عمر البشير على الخوض في ملفات من شأنها المساس بالأمن القومي للدولة، وذلك بحسب تصريحات منشورة لرئيس هيئة الدفاع مولانا أحمد إبراهيم الطاهر الذي استبعد استدعاء الأمير محمد بن سلمان للإدلاء بشهادته أمام المحكمة كشاهد على خلفية ورود اسمه في إفادات “المتهم” حول مصدر المبالغ محل الاتهام !

لا أحد يدري – على وجه القطع – ما هي تلك الملفات الحساسة، لكن من المؤكد أن رجلاً ترأس البلاد لثلاثة عقود ستكون ذاكرته ومفكراته مكتظة بملفات ومعلومات وشهادات خطيرة جداً ومؤثرة جداً تتعلق بدول ومؤسسات وشخصيات وطنية وعربية وأجنبية! والموازنة قد تكون صعبة ومعقدة بين متطلبات العدالة والشفافية من جهة، وبين مقتضيات الأمن القومي للدولة من الجهة الأخرى !

لم أكن أتمنى ذكر اسم سمو الأمير محمد بن سلمان في وقائع جلسة للمحكمة محضورة ومُغطاة إعلامياً، فالرجل – اتفقنا أو اختلفنا معه – هو ولي العهد في دولة جارة وشقيقة، وهو رجل له اسمه ووزنه، وبصرف النظر عن طبيعة المبلغ المالي الذي قدمه للبلاد – وطبيعته وتفاصيله التي تنظر فيها المحكمة – فإن بين الدول وقادة الدول تعاملات وأسرار ليس من الحكمة التعامل معها هكذا .

لا نتحدث هنا عن المبلغ الذي قدّمه بن سلمان للبلاد واستلمه القصر، أين وكيف وفيم صُرف؟ هذه تفاصيل مهمة قيد النظر بالمحكمة، وهي ليست موضوعنا هنا، بل نتحدث عن مبدأ كشف أي تعاملات سرية بين الدول وقادتها – مالية أو غير مالية – دون حساب دقيق لحجم الأضرار الواقعة على الأمن القومي، ونعلم أن هناك قادة ورؤساء ماتوا بأسرار كانت كفيلة بهدم المعبد فوق رؤوس الجميع.

أعتقد أن الجهات السيادية ومجلس الأمن القومي فضلاً عن السلطة القضائية هم المسؤولون عن تقدير حجم الأضرار التي يمكن أن تترتب على إفادات الرئيس “المتهم” في الجلسات القادمة، والمشير البشير – فيما أعلم – صاحب ذاكرة قوية ومرتبة، وله نصيبه من “حماقة” أهلنا الجعليين، ومع ذلك فإننا نستبعد جداً، ومهما كان الضغط عليه أو الثمن الذي سيدفعه أن ينجرف للخوض في ملفات حساسة من شأن المساس والإضرار البالغ بالأمن القومي .

وعلى ذكر المملكة العربية السعودية الشقيقة، فقد وصلت إلى مطار الخرطوم الدولي مطلع هذا الأسبوع،  طائرة قطرية تحملُ على متنها “65” طناً من المواد الإغاثية العاجلة بقيمة خمسة ملايين دولار وذلك لصالح ضحايا السيول والفيضانات، لا نقول لدولة قطر الشقيقة وقائدها سمو الشيخ تميم بن حمد شكراص، ذلك أن أفضال قطر وأياديها علينا كثيرة ومعلومة، وتكفي مثالاً القرى النموذجية بدارفور ومشروع ترميم الآثار السودانية، نسأل الله أن يُزيل الغمة وتعود لُحمة الخليج متماسكة متعاونة يشُدُّ بعضها بعضاً .

حفظ الله بلادنا من المحن والإحن والفتن .

الرقم 0912392489 مخصص لاستقبال رسائلكم فقط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى