النُّضج السياسي مهم !

بعض السطحيين وربما المُغرضين، ظلوا ينظرون لكل أنشطة وتحركات ومبادرات السيد حميدتي نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي على أنها نوع من النشاط الزائد والمتمدد في مساحة السيد رئيس المجلس ! ومن الراجح أن ذات الفئة هي من تقف وراء السؤال الساذج: لماذا وقَّع حميدتي على الوثيقة ولم يُوقِّع البرهان؟ رُبما لا يفهمون في قواعد البروتوكول والمراسم وأن حميدتي – بأمر البرهان – هو رئيس فريق التفاوض عن المجلس وأن الوثائق بعد اكتمال توقيعها تُرفع للسيد البرهان.. السطحية سذاجة والغرض مرض!

الشباب الذين تواجدوا خارج القاعة، هتف بعضهم بهتافات عدائية عند مغادرة السيد الفريق أول “حميدتي” قاعة الصداقة بعد انتهاء حفل التوقيع! قابلها حميدتي ببرود وابتسام، لكنها تبقى من نوع السلوكيات المؤذية والتصرفات غير المسؤولة وغير المُعبّرة عن روح الشراكة في يوم فرحٍ وطنيٍّ محضورٍ، ولعل ذلك مما يدعو للتشاؤم ولا يُبشر بخير، وكان على “قحت” أن تُرتِّب وتنتبه جيداً فالنار عادة تبدأ بمستصغر الشرر وكما يقول العسكريون فإن الانطباع الأول هو الانطباع الأخير “The First Impression is a Last Impression” !

الشاب الأصم كان أنيقاً ثابتاً مبتسماً، وقدّم خطابه بلغة واضحة وسليمة، ويستحق إجمالاً كل الإشادة والتقريظ والتقدير، لكن ذلك لا يمنع من إبداء بعض الملاحظات حول الخطاب خاصة وأنه – كما قيل – أعدته أو راجعته لجنة من الخبراء “القحتيين”، فقد كان الخطاب طويلاً جداً ولا يناسب مثل هذه الاحتفالات المراسيمية ذات الحضور الرفيع، وما تضمنه الخطاب من عبارات وإشارات بخصوص دولة الجنوب في حضور رئيسها، لم يكن لائقاً أو مقبولاً على الإطلاق! ولستُ أدري كيف أدرجت لجنة صياغة الخطاب ذلك واعتمدته!

علاقات السودان الخارجية، والمحاور والتحالفات المشارك فيها، لم تولد هكذا خبط عشواء، كما قد يُفهم من إشارات الأصم في خطابه، فعلاقتنا مع المملكة العربية السعودية علاقة إستراتيجية قوامها الدين والعرق والجوار والمصالح المشتركة، ومشاركة قواتنا في اليمن قرار مسؤول اتخذته قيادة الدولة – وقتها – لحيثيات معلنة ومعلومة.. ليس لنا عداء مع الشعب اليمني، ولا علاقة لنا بالأزمة الخليجية، إذ كل أطرافها أشقاء ويُسعدنا ويُفرحنا أن نراهم اليوم قبل الغد يتسامحون ويطوون الآلام ويتعانقون ويعودون كما كانوا وأفضل.

مصر هي الشقيقة الكبرى، وهي الجارة الأهم والأكثر تأثيراً إقليمياً ودولياً، ولذلك كان واجباً ولائقاً أن نُحيي رئيس وزرائها وهو يشاركنا حفل التوقيع ويُلقي بكلمة رصينة ومسؤولة يُلمس فيها الصدق والحرص على استقرار ونهضة بلادنا لا مجال للعواطف والانطباعات في بناء العلاقات الدولية، ومثلما نحن فرحون وفخورون بالدور الإثيوبي الإيجابي نحو بلادنا وعبّرنا ونُعبِّر عن تقديرنا للسيد آبي أحمد ورجاله المخلصين فإننا لم ولن ننسى أدوار مصر والرئيس السيسي رئيس الاتحاد الإفريقي في تقديم الدعم السياسي القوي لبلادنا .

النُّضج السياسي أساسي ومهم خلال المرحلة الانتقالية في التعامل مع كافة الملفات الإستراتيجية الموروثة والجديدة .. كفانا احتفالات ومسيرات ومهرجانات .. الكرة الآن في ملعب الحزب الحاكم الجديد .. معاناة الناس وآلامهم والشقاء والغلاء في تصاعد بمتوالية هندسية.. الوقت للعمل والبناء والخدمات .

الرقم 0912392489 مخصص لاستقبال رسائلكم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى