أولويات الحكومة !

* سبق أن تناولنا الأسبقيات العشر لعام الانتقال الأول والتي طرحها السفير السابق البروفيسور حسن عابدين والتي تلخصت في: “التفاوض مع الحركات المسلحة لتحقيق السلام، برنامج اقتصادي إسعافي يبدأ بإنهاء ظاهرة صفوف الخبز والوقود والنقود واستدامة التيار الكهربائي وكبح جماح الغلاء والأسعار، التحقيق في الجرائم الجنائية وجرائم الفساد، وعقد محاكمات عادلة وعلنية تبدأ بمحاكمة الرئيس السابق وآخرين من رموز الإنقاذ مع رفض تسليم البشير للجنائية، إطلاق الحريات العامة، توخي العدالة في المحاسبة، وذلك في إطار دولة القانون وسيادة حكم القانون، والحذر من التطهير والفصل الجماعي، التكريم المعنوي والتعويض المادي لأسر شهداء الثورة والتمييز الإيجابي لأبنائهم، التواصل الفوري مع واشنطن لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب ورفع العقوبات وتطبيع العلاقات الدبلوماسية، التواصل مع دول الترويكا لإلغاء ديون السودان، التواصل مع الأشقاء والأصدقاء للمساعدة في تمويل البرنامج الاقتصادي الإسعافي وأخيراً التطبيع الإيجابي للعلاقات مع دول الجوار” .

* ولعله من المناسب إعادة التذكير بتلك الأسبقيات والتأكيد عليها، ونحن بين يدي إعلان تشكيل الحكومة الجديدة التي وُلدت بعد حوالي خمسة أشهر من الفراغ التنفيذي بالبلاد، حيث لا وقت ليُهدر في مماحكات جانبية ومشاغبات انصرافية ذلك أن فأل الناس وآمالهم كبيرة في أن تتمكن حكومة دكتور حمدوك من التعامل باحترافية ونجاعة مع الأزمات والاختناقات المميتة .

* كما قلنا من قبل، فإن العدالة وسيادة حكم القانون مبدأ مهم، والامتناع عن أفعال وسلوكيات الإقصاء والضيق بالآخر مبدأ لا يقل أهمية، أما تكريم أسر الشهداء فأمر مطلوب ومحمود، وليت الأمر يشمل أسر كافة الشهداء الذين فدوْا ورووْا تراب هذا الوطن بدمائهم الزكية، وليمتد الأمر للمُعاقين والمُصابين والمفقودين خلال الأحداث الأخيرة الذين يتوجب تكثيف البحث عنهم وحسم مصيرهم، إنّ من أبسط حقوق أسرة الشهيد والمفقود وبالذات الوالدة والوالد، معرفة مصير ابنهم وأين هو إن كان مفقوداً، وأين جثته إن كان في عداد الشهداء الكرام .

* في تقديري فإن استكمال مشوار السلام يمثل أولوية قصوى، ذلك أنه ليس من الحكمة والكياسة القفز على واقع ومعطيات ومخلفات الحرب والنزاعات ومحاولة “تتفيهها” والتقليل من أثرها وتأثيرها، وما حدث بنيالا والفاشر والفاو في مواجهة قادة وممثلي “قحت” لمؤشر حقيقي وواضح على مدى الاحتقان وخطورة والموقف، والحرب كُلفتها عالية جداً، في الأنفس والمال وفي الانطباع السيئ الذي ترسمه على صورة البلاد، وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأولوية الثانية المتمثلة في كبح جماح الأسعار والغلاء الطاحن وتأمين الخدمات وبالذات الكهرباء والدواء والخبز والوقود والنقود .

* الدعاء خالصاً لله أن يوفق السيد رئيس الوزراء وحكومته في الاضطلاع بمهامهم الجسيمة والتركيز على الأولويات واستصحاب كافة أهل السودان في معركة النهضة والبناء، التغيير لم يكن ليكتمل لولا فضل الله ثم فعالية الشارع بشبابه ونسائه وكافة قطاعاته الحية وانحياز المنظومة الأمنية بكل مكوناتها، حيث كانت حجر الزاوية في نجاح الثورة، كلُّ أولئك ومن خلفهم الأغلبية الصامتة شركاء ويجب أن يعملوا معاً في الاتجاه الإيجابي بعيدًا عن العبث الذي يمكن أن ينتهي بغضبة واستقالة لحمدوك لا نتمناها.

الرقم 0912392489 مخصص لاستقبال رسائلكم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى