للحالمين فقط

* قال لي صديقي اليساري سيندم الشعب السوداني على أيِّ يوم رضي فيه صَبْغ دولته بصبغة الإسلام الذي جَلَبَ له العداوة من الغرب والشرق وجعله في ذَيل الأمم.

* سألته: متى سَيندم الشّعب؟! أجابني: عندما يتم ترميم علاقات السُّودان وينفتح على العالم بلا عقد صادرة ولا اتهامات واردة. فيصبح عضواً في منظومة الاقتصاد العالمي وتستخرج مكنوناته وتسخّر إمكاناته وتنفتح أمامه أبواب التمويل والأسواق العالمية. ثُمّ أضاف: سنمسح النحس وعار التّخلُّف الذي ألصقه الكيزان بالسودان.

* قلت حسناً عزيزي.. إنّ صدام حسين لم يكن كوزاً وحزب البعث العراقي لم يكن مُؤتمراً وَطنياً. وقد جاءت أمريكا وحشدت أكثر من ثلاثين دولة لضرب العراق! قَاطعني: لكن صدام كان خَطراً على إسرائيل. قلت نعم وأمريكا ضَربت العراق بحجة السلاح الكيماوي المزعوم وأنّها تُريد أن تُخلِّص الشعب العراقي من الطاغية صدام وتُساعده على إقامة دولة العَدل والحرية والديمقراطية!! فحكمت أمريكا العراق بجانب الشيعة حتى أُعدم صدام وتَمّ تَفكيك حزب البعث ودَولته العَميقة!! ثُمّ سلمت العراق للشيعة واليوم العراق تَمَزّق أشلاءً لا يأمن المــــرء فيه على نفسه وأهله ومُمتلكاته، ناهيك عن العدل والحرية والديمقراطية التي مَنَّته بها أمريكا! إذن لم يُخلع صدام ويُقتل لأنّه كوز. ولم يمت بعض المارينز من أجل سواد عُيُون العراقيين وتحريرهم من طُغيان صدام وتَوفير الحياة الكريمة لهم.

* واستدركت وقلت يا أستاذ لماذا نَذهب بعيداً. فدُونك جنوب السودان وهو غير مُسلم حسب نُخبته المسيحية الحاكمة وأغلبيته الوثنية. سَاندوه في حَربه على الشمال حتى انفصل وكانوا قد منوه بدولة أفريقية نموذج وهو مُؤهّل بموارده لها. فكيف هي دولة الجنوب الآن؟! حرب وجوع ومرض ونزوح ولجوء.

* قال لي: ليس هناك منطقٌ يجمع بين ما جَرَى للعراق وما هو جارٍ في جنوب السودان. قلت له: مَهلاً عزيزي.. فالرجل الأبيض يرى أنّ الموارد على ظهر الأرض قد شحت وأن الشعوب السوداء والمُلوّنة تتكاثر بمتوالية هندسية وأكثر أرضها بكر، وأنّها شعوب لا تستحق العيش إلا بقدر ما تخدم الرجل الأبيض. وبذلك فالرجل الأبيض يشعل الحُرُوب في هذه الشعوب ليُسَوِّق مخزونه من السِّلاح فيصنع أحدث منه وليخفص عدد هؤلاء (المخاليق) غير المرغوب في بقائهم. ويُحاصر بعض الشعوب حتى تجوع وتمرض فتهلك.

* قلت له فلا تحلموا بدعم منهم يجعل من السودان دولة مُتقدِّمة. فالسُّودان قد جمع كل ما يحفِّزهم للحرب على شعبه (بشعبه) حتى مَرحلة الإبادة فاللون والتّكاثُر وثراء المَوارد كلها أسباب تستوجب تَعطيله وعدم تمكينه من ذاته حتى ولو حكمه لينين.

* سيتفاجأ الحالمون أن نصير اليوم المُتخفي سيتركهم غداً علناً ويتخلّى عنهم ليُواجهوا التّحديات الاقتصادية والأمنية وكافة تحديات دولةٍ هي هشة في كل شيء وقابلة للانفجار في أيِّ لحظة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى