برنامج سياسي

*

لا حديث أعلى صوتاً بعد حديث الواقع الاقتصادي المؤلم الذي تعيشه البلاد هذه الأيام، غير الحديث عن ضرورة إنجاز (برنامج سياسي) متفق عليه من الجميع ليخرج البلاد من أزماتها المختلفة، وهي الوثيقة الدستورية التي يعتزم المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير التوقيع عليها خلال الأيام القادمة.

* عشرات السنين والدورة السلطوية ما زالت تراوح مكانها (انقلاب عسكري شمولي، ديمقراطية فاشلة، انقلاب عسكري شمولي، ديمقراطية فاشلة… إلخ).

* عشرات السنين ولم نصل بعد لحزب الدولة الرشيد الذي يقود الشعب والدولة لا مؤسساته ومنسوبوه ولم نصل في الوقت نفسه لنظام حكم يتراضى عليه الجميع!.

* الواقع والشواهد تؤكد أن أحزابنا مُنيت بفشل سياسي وفكري ذريع يعود لعدم قدرتها على إقناع الشعب السوداني بجدوى برامجها العامة.

* ذات الشواهد والوقائع تؤكد كذلك أن جميع الأحزاب قد فشلت في امتحان (المنفستو) والبرامج فما قدمته جُل أحزاب الساحة السياسية إلى الآن لم يتجاوز مرحلة الشعارات والمزايدات السياسية والوعود الكاذبة للناخب المغلوب على أمره فقط!

* أن تكونوا (مصدقين) تعالوا وابحثوا معي بين مكوِّنات الساحة السياسية (حكومة ومعارضة) أي من الأحزاب من يطابق قوله الفعل؟

* وأي أحزاب منها قدم السودان والمصلحة الوطنية على أهدافه السياسية والفكرية ومصالحه الذاتية في برنامجه العام؟.

* وأي منها لم يجعل من برنامجه لإضعاف المنافس الآخر أو إسقاطه، وإن جاء ذلك على أنقاض الوطن وأشلاء المواطن الذي اكتوى كثيراً بفعل قادة تلك الأحزاب كنا نلتمس منهم رشداً سياسياً، لكننا ما زلنا نبحث عن رجل رشيد بينهم!

* إذن فالمحصلة الكلية تشير إلى رصيد تراكمي من الفشل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، ترقد عليه (محصلتنا السياسية) توارثناه من لدن خروج المستعمر الإنجليزي حكومة عن حكومة وجيلاً عن جيل فيما لا نزال نبحث فيه عن معادلة سياسية تقينا شر التمزق والتشرذم والحفاظ على ما تبقى من أشلاء الوطن!.

* نعم، قد يقول قائل بأن الساحة السياسية يعتمل فيها الآن كثير تغيير في جملة مشهدها، وإن كثيرًا من بشرياتها قد بدأت تقترب من ملامسة أشواق المواطن السوداني الذي يرنو إلى دولة يحكمها جميع أبنائها نصاً وروحاً.

* لن أذهب مذهب السياسيين بمختلف ميولهم الفكرية والسياسية في تشخيصهم للواقع السياسي للبلاد، وإضفاء أجندة على لغة خطابهم!!

* دعونا سادتي نذهب مذهب جد ونقولها بتجرد بأن الجميع الآن أمام امتحان (وطني) حقيقي يقتضي تغليب الخيار الوطني على الذاتي.

* سادتي جميعنا مطالب اليوم ببسط يديه لمزيد حريات وتقديم تنازلات أكثر لإثبات حسن نواياه السياسية، فتغيير الوجوه وإن عظمت لن يغني من التغيير في شيء إن لم يستصحب ذلك تغييراً في العقلية التي تدار بها الدولة.

* بقية القوى السياسية الأخرى مطالبة كذلك بتناسي جراحات الماضي السياسي والأوبة إلى رشد العمل السياسي الذي يجعل من (فن الممكن) بوصلة له.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى