الجرس ضرب

كعادتى كل عام… قضيت ليلة مؤرقة في انتظار بزوغ فجر اليوم الأول من العام الدراسي الجديد وكأنني المعنية بأمر الجلوس على مقاعد الدراسة التي بارحتها منذ أمد بعيد.

هذا الأرق الحميد بدأ يلازمنى مذ طرقت أمومتي أبواب المدارس بحثاً عن مستقبل أكاديمي ملائم لأحلامي المؤجلة التي علقتها على عاتق أبنائي….

فأظل كل يوم أراقب الساعة بين الفينة والأخرى خشية أن يمعن سلطان النوم في إغوائي فأستسلم له فيتجاوز سائق الترحيل أبنائي حانقاً بذريعة التأخير بعد أن أطلق بوقه أمام منزلنا مرات عديدة.

وأعترف لكم بالتقصير مع أبنائي في حل الواجبات المدرسية والجلوس لساعات طوال نمضيها معاً في الحفظ والاستذكار… فأنا للأسف من الأمهات الملولات العصبيات… لهذا أحاول أن أجنب أبنائى مغبة العواصف الرعدية التي يحدثها اعتلال صبري. وفي رواية أخرى تجدوني أحاول تجنيب نفسي مغبة الجلطة الدماغية أو السكتة القلبية جراء اجترار المقررات المدرسية العقيمة والحسرة على وقت أبنائي المهدر في تحصيل مواد أكاديمية جوفاء ولا تمثل أي إضافة نوعية لمستقبلهم ولا تواكب الحراك العالمي العلمي والتعليمي من حولنا.

المهم….ضرب الجرس…. وأعلن رسمياً انطلاق العام الدراسي الجديد بعد مطاولات وتأجيلات أفقدته معناه وقيمته على ضعفها. ونهضت مع أبنائي صبيحة الأحد المنصرم بحماس متواضع وحاولنا برغم الأوضاع المحيطة افتعال الفرح والتفاعل…. وخرجنا في موكبنا المدرسي ما بين الثانوي والأساس…. ووجبت هنا الإشارة عرضاً لكون ابنتى الجامعية تفكر في مشروع (داندرمة) بمناسبة الصيف القائظ للاستفادة من الشهور الطويلة التي ستمضيها في انتظار فتح أبواب الجامعة!!

وبالعودة لحكاية يومنا المدرسي الأول فسأسرد عليكم أهم النقاط باختصار شديد:

  1. وجدنا الكهرباء مقطوعة في كلتا المدرستين الثانوية والأساس.
  2. ارتفاع كبير في رسوم التسجيل والدراسة.
  3. ارتفاع موازٍ في نفقات الترحيل الشهرية من وإلى المدرسة مع احتمال كبير لعدم التزام سائق الترحيل الكامل نسبة لتذبذب أزمة الجاز.
  4. قد تؤثر أزمة الخبز بشكل أو آخر في أسعار ووفرة الساندوتشات المدرسية للمعتمدين عليها.

هذا.. بالإضافة للزيادة المبالغ فيها في أسعار الأدوات المدرسية والزي المدرسي وغيرها!!

وكنت قد فكرت في وضع خطة لتوفير هذه النفقات المدرسية وحاولت إقناع أبنائي بفكرة التنازل عن الاشتراك في الترحيل المدرسي والاستعاضة عنه بالمشي لاسيما وأن المدرسة ــ بحساب ما كانت عليه مدارسنا ــ قريبة من المنزل.

ولكني عدلتُ عن الفكرة من فرط إشفاقي عليهم من المستجدات السالبة والمخيفة التي انتظمت مجتمعنا هنا وهناك، وتجلت بوضوح رغم إصرار البعض على دفن رؤوسهم في الرمال واتهامنا بالمبالغة وتشويه صورة المجتمع السوداني الطاااهرة!!!!!

ومع كل ما تقدم نخلص لكون العام الدراسي قد بدأ بداية متعثرة تقلقني على الصعيد الشخصي…. ومهدد كعادته بالمزيد من التعثر لدواعي الخريف والظروف السياسية والاقتصادية وغيرها من تقلبات غير متوقعة.

ولكني من قلب هذا القلق والإحباط والنظرة الشخصية القاتمة تجدوني أتمنى لكل التلاميذ عاماً دراسياً مستقراً وموفقاً يساهم بفاعليه في تأسيسهم وتوعيتهم وتسليحهم بالعلم والمعرفة لمجابهة الحياة واقتحامها وتحقيق كل الأحلام التي عجزنا عن تحقيقها لضعف الإمكانيات التي وفرت لنا في تلك الأيام… وإن كنت أتحدى كل الأجيال الحديثة في أن يمضوا حقبة تعليمية مميزة كتلك التي أكرمنا الله بالانتماء لها ذات يوم وخرجنا منها مدججين بالثقافة والأخلاق قبل الشهادات والحمد لله.

تلويح:

النقاط الواردة أعلاه مرفوعة للسيد وزير التربية والتعليم حال توفره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى