براءة الدولار

*حينما بدأ الجنيه في الهبوط إبان الاحتجاجات التي تحولت إلى ثورة شعبية كانت الأسعار في السلع الغذائية وغيرها من الأسعار تسير عكس هذا الهبوط في العملة السودانية، وإن سألت حتى بائع اللبن في السوق لتحجج لك بارتفاع الدولار مقابل الجنيه.

*طيلة الأشهر الماضية لم تعرف الأسواق السودانية أسعاراً منخفضة، بل زيادة متسارعة حتى أصبح المواطن يخشى من المستقبل القريب.

*ارتفاع الأسعار البعض اتخذه ذريعة للثراء الفاحش “البعض نقصد بهم تجار السوق” وأصبحوا يبيعون بضائع جاءت إليهم بأسعار الأمس على أساس سعر اليوم للدولار الذي فقدت الدولة السيطرة عليه.

*الكثير من المعاملات يربطونها بارتفاع الدولار، في حين أن الكثير من السلع لا دخل للدولار فيها، ومنها على سبيل المثال اللحوم بأنواعها المختلفة، فما هي علاقة ارتفاع الأسماك مثلاً بالدولار، أو ارتفاع اللحوم الحمراء بالدولار وإن كانت الحجج بارتفاع الوقود لوجدنا العذر باعتبار أن هذه السلع ترحل من مكان الإنتاج إلى الاستهلاك، ولكن أن تكون الحجة بارتفاع الدولار فهذه حجة غير مقبولة للكثيرين.

*حسناً، خلال الفترة الماضية شهدت اللحوم الحمراء ارتفاعاً جنونياً غير مسبوق، حيث وصل كيلو اللحم الضأني إلى أكثر من أربعمائة جنيه، وهذا المبلغ كان هو سعر “خروف كامل” في إحدى ولايات دارفور قبل عام فقط.

*والآن مع اقتراب عيد الفداء دخل الهلع إلى قلوب المواطنين مقارنة بارتفاع سعر الخراف واضعين في الاعتبار سعر الكيلو الواحد من اللحوم قبل عيد الأضحى.

*من يصدق أن سعر الخروف الجيد في كردفان قد يصل إلى عشرة آلاف جنيه، وربما يكون أقل من هذا المبلغ للخروف الصغير.

*كردفان التي عرفت بثروتها الضخمة والتي تملك أجود أنواع الخراف يصل فيها السعر إلى هذا المبلغ، فما بال الخرطوم التي تكتظ بالكثافة السكانية.

*حسناً، إن أسعار الخراف قد يكون بها بعض المبالغة من التجار، وحسناً فعل اتحاد عمال السودان، وهو يوفر الأضاحي بأسعار معقولة ومقبولة للمؤسسات المختلفة وعلى أقساط تصل إلى عشرة أشهر.

*وخلاف أضاحي اتحاد العمال، فإن الأسواق في الخرطوم قد تشهد بعض المبالغة من التجار الذين يستغلون المواطنين وسعيهم لإحياء هذه السنة النبوية والعبادة المقبولة إن شاء الله، وقد يبدأ تاجر بسعر خمسة عشر ألف جنيه، ولكنه في النهاية يبيع بستة آلاف جنيه.

*نتوقع وكما يحدث في كل عام أن تشهد أسواق الخرطوم ارتفاعاً في الأسعار قبل يوم الوقوف بعرفة ثم تبدأ هذه الأسعار في الهبوط مع حلول اليوم الأول للعيد المبارك، وفي هذا دلالة كبرى على طمع التجار وسعيهم للربح السريع دون التفكير في وضع هامش ربح “حلال” لإسعاد الكثير من الأسر التى تسعى للأضحية.

*لا علاقة لارتفاع الدولار والذي يشهد هبوطاً منذ التوقيع على الوثيقة الدستورية، وبما يحدث في الأسواق إنما السبب الأساسي هو جشع التجار الذين لا يجدون رقيباً أو حسيباً على ما يفعلونه في السوق، فالدولار بريء من هذا الارتفاع براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى