“الخلاف أبو نقطة”…!

لم يأتِ الوسيطان الأفريقي والإثيوبي بجديدٍ في مُؤتمرهما الصحفي أمس، فالخلاف بين المجلس العسكري وقِوى الحُرية والتّغيير في الاتّفاق السَّابق وهذه اللحظة، يتمحور منذ البداية في نقطةٍ خلافيةٍ واحدةٍ، وأُعلن من قبل أنّ الحُرية والتّغيير حَازَت على 95% من السُّلطة في المُتّفق عليه من قَبل، لكنها بسبب الـ5%المُتبقية نَسفت بالتّعنُّت والتّصعيد مَا تمّ التّفاهُم حوله وجَعلت الأُمـــور تَتَعَقّد حتى وصلت إلى ما وصلت إليه.

وحتى يتم تَجَاوُز النقطة الخِلافيّة المُتعلِّقة بنسب المُشاركة وعدد العسكريين والمدنيين في المجلس السيادي ورئاسته، لا بُدّ من الإقرار أولاً أنّ منطق الحُرية والتّغيير مِعْوجٌ وسيكون سبباً في تَعطيل التّفاوُض، فمن ناحية يصرون على أنّ المجلس السِّيادي لن تكون له صلاحيات كاملة إنّما منقوصة وتشريفية لا تسمن ولا تُغني من جوع، ومن الناحية الأخرى بلغت روحهم الحلقوم وهم يلهثون وراء المُشاركة في هذا المجلس وأخذ الأغلبية فيه والتناوُب على رئاسته!!

فإذا كان المجلس السيادي هو نقطة الخلاف المُتبقية، من الأفضل التوقيع على الاتفاق المُتضمِّن الحكومة الانتقالية والمجلس التشريعي الانتقالي بالمُناصفة، والاتّفاق على مدة الفترة الانتقالية، وترك كل ما يتعلّق بالمجلس السيادي إلى وقتٍ لاحقٍ يعتدل فيه الطقس والمناخ السياسي وتقل حِدّة التعاطي مع هذه القضايا وتهدأ النفوس، هذا بالطبع إذا كان تَصوُّر المجلس السيادي على الشاكلة التي تَرَاها قِوى الحُرية والتّغيير .

وحتى لا نتشاءم، لا تُبدو صُورة الاتّفاق المُنتظر والمُرتقب كَمَا صَوّرها الوسيطان الأفريقي والإثيوبي أمس، هناك الكثير من التفاصيل التي قَد تَعصف بالتّفاوُض وتُعيد الأمور إلى مربع الخلاف، فالتّصعيد الذي أعلنته قِوى الحُرية والتّغيير مهما كان تبريره، ستُقابله من جهة المجلس العسكري ردود أفعال تجعله يبحث عن خياراتٍ أُخرى، تسقط الحليف المُحتمل من حساباته تماماً، وعندئذٍ لا أحدٌ يعلم ما الذي سيكون.

من المُحزن حقاً أن يكون هناك وسيطٌ خارجيٌّ في مَسائل من صميم شؤون السُّودانيين الداخلية التي لا تَحتمل تدخُّلاً خارجياً سَافِراً بهذا الشكل، ويتحدّث مبعوث الاتّحاد الأفريقي كأنّه مبعوث العناية الإلهية لأهل السُّودان، ينصح ويتعثر في الحديث كأنّه أعرف بقضايا السودان وتعقيداتها من أهل الشأن أنفسهم، وينسى في ذات الوقت أنّ الاتّحاد الأفريقي هو الذي يُعلِّق عُضوية ونشاط السُّودان حالياً ولا يسمح لمُمثلي بلادنا في أيِّ مُستوى من المُشاركة في نشاطات المُنظّمة القارية، ونحن نعلم أنّ الأيام الفائتة، اعتذرت بعض مُؤسّسات الاتّحاد الأفريقي عن وجود ومُساهمة عددٍ من الخُبراء السُّودانيين في اجتماعات تُعقد حالياً ببعض العواصم الأفريقية، ويُعد هؤلاء الخُبراء من أميز وأفضل الكَوادر الأفريقيّة، وظلُّوا يعَملون بكفاءةٍ عاليةٍ وإخلاصٍ كبيرين في ترقية ورِفعَة العمل الأفريقي المُشترك..!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى