فساد الحكومة!

عَلت الدّهشة تفاصيل وجهي وأنا أُطالع التقرير الذي أعدّته الزميلتان أم سلمة العشا ورشا التوم عقب تقرير لجنة حصر ومُراجعة الشركات الحكومية والتي بلغت (866) شركة، للوقوف على سلامتها والتّحقُّق من أيِّ تجاوُزات أو عمليات فساد.

التقرير الذي تمّ تقديمه جَاءَ شَامِلاً لكل المُؤسّسات الحكومية والتي تُساهم فيها الحكومة ولو بأقل نسبةٍ، بلغت فيها عمليات الفساد أكثر من (800) مليون دولار.

ما أدهشني هو أين كانت تلك اللجنة في الفترة السابقة، ومَن الذي كان يتولاها، ولماذا لم يصدر مثل هذا التّقرير سَنوياً لكل الشركات الحكومية، وهل هناك جهاتٌ نافذةٌ كَانت تُعيق ظُهُور مثل هذا التقرير؟

أسئلةٌ كثيرةٌ حائرةٌ بعد الاطّلاع على التّقرير تدور في ذِهن أيِّ قارئ أو مُتابعٍ، وكان حريٌّ بالسيد رئيس اللجنة مولانا محمد الغالي أن يجيب على تلك الأسئلة، للوصول إلى الحقائق بأيسر الطُرق بَعيداً عن البَحث والتّنقيب، وإهدار مَزيدٍ من الوقت مُجَدّداً.

نموذجاً واحداً أقدِّمه في هذه المساحة، حتى لا أفسد للقارئ مُتابعة التقرير شاملاً في الصفحة الثالثة، أقدِّم نُموذج بيع الفِلل الرئاسية التي اجتهدت فيها الحكومة وهَيّأتها كقصر ضيافة لاستقبال الرؤساء الأفارقة إبان القمة الأفريقية التي عُقدت بالخرطوم في عام 2006م، وليكون مقراً يُمزِّق فاتورة استضافة الرؤساء في الفنادق ويُقلِّل من التكلفة العالية.

الفلل الرئاسية بِيعت لبنك أبوظبي الوطني عبر (سمسار دولي) طبعاً، بمبلغ (50) مليون دولار تحوي «40» فيللاً في مساحة قدرها «60» ألف متر مربع بمقدار «615» متراً مربعاً لكل فيلا جنوب شارع النيل المُؤدِّي إلى بُــرج الاتصالات.

ليس ذلك هو المُدهش، بل أنّ ذات الفِلل، قام بنك أبوظبي وفي فترةٍ قليلةٍ جداً باستئجارها للسفارة الأمريكية بالخرطوم لاستخدامها كمقرٍ لمُوظّفي السفارة والمسؤولين العابرين لها بحسب العقد بمبلغ (50) مليون دولار في العام، بمعنى المبلغ الذي باعت به الحكومة الفِلل استرجعه بنك أبوظبي في عامٍ واحدٍ!

العام الذي بيعت فيه الفلل، كان بترول السودان يُغذِّي الخزينة بملايين الدولارات شهرياً، ولم تكن في حاجةٍ أو ضائقةٍ لتقوم ببيع الفلل بذلك السعر الزهيد.

أكثر ما أضرّ حكومة الإنقاذ (الدسديس والغتغيت) والمُحاماة لبعضهم البعض حتى وإن كانوا فاسدين، فالرئيس السّابق البشير كان على عِلْمٍ بتلك الصّفقة، وكان بإمكانه أن يوقفها، ولكنه جاء بعد البيع بأكثر من عامٍ ليقول إنّ (الفلل الرئاسية) بِيعت، فلم يعد في يد الحكومة ما يكفي من المقار لاستضافة قادة الدول الذين يزورون السُّودان..!

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى