أين تسير هذا المساء ..

*أخطر (اللباني)  زبائنه بحارتنا هذا المساء، لحظة كتابة هذا المقال،  بأن رطل اللبن من الغد سيكون بمبلغ اثنين وعشرين جنيهاً، وعليه فإن سعر اللبن عند نشر هذا المقال سيكون بالفعل قد أصبح بمبلغ 22  جنيهاً بالتمام والكمال .

* ولا نعرف على أي مقياس يرتكز هذا القرار الذي بطبيعة الحال ليس هو الأول ولن يكون الأخير، لأن أسعار هذه السلعة قد تضاعف خلال شهور قليلة، وإذا استمرت الأمور على هذا النحو سيتضاعف  لا محالة مرة أخرى خلال الفترة القليلة القادمة، وما يقع على سلعة اللبن ينطبق على كثير من السلع الهامة التي لا يمكن الاستغناء عنها.

* تساءلت ويتساءل الكثيرون، على أي أسس تتم هذه الزيادات المستمرة على أسعار السلع، وإن كان الأمر  يحسب على أساس سعر الدولار مقابل سعر العملة المحلية، المسوغات التي كانت سائدة في ظل ارتفاع أسعار العملات الأجنبية المضطردة مقابل الجنيه السوداني،  غير أن ثمة مفارقة تفتأ تُربِك كل الحسابات والمسلمات القديمة، بحيث أصبحت الأسعار لا تنتظر سعر الدولار لكي يرتفع حتى ترتفع هي الأخرى، بل يصادف أن يزداد سعر السلعة الواحدة في اليوم الواحد عدة مرات والدولار يراوح مكانه،  فضلاً عن العمليات المعتادة التي تتعلق بتحرك الأسعار في اليوم التالي !! 

* واضح جداً من خلال هذه الفوضى الضاربة أن أمر الأسعار والأسواق ليست له علاقة بأي منطق تجاري أو اقتصادي، بقدر ما أن الأمر له علاقة بحالة الانفلات التي تضرب كل مؤسسات الدولة، بحيث أن هنالك شبه سقوط للدولة السودانية، وبدا أن شعار (نسقط بس) قد تحقق بالفعل على الأرض، وأن القانون الآن بيد الجماهير تفعل به ما تشاء. 

* على أن خطورة هذا الأمر يكمن في أن القوة الشرائية للمواطنين قد بلغت منتهاها ووسعها تماماً، وأن المواطن الآن يعيش مرحلة ما فوق الوسع والاستطاعة، ذلك مما يفضي إلى حالة اضطرب الأوضاع تحت ظل التغيير المستمر، على أن المواطن في نهاية المطاف سينظر إلى حال معاشه وخدماته إن كانت تبدلت إلى الأحسن، وإلا أن الثورة ربما تكون بحاجة إلى ثورة أخرى، ومن ثم تغرق البلاد في بحور الحراك الثوري اللامتناهي، وذلك لعمري يهيئ المناخ إلى صناعة مسوغات  حكم عسكري آخر طويل الأمد.. و… و.. 

* يا جماعة الخير، يفترض أن الجميع يتنازل لصالح إتمام هياكل المرحلة الانتقالية، وعلى الأقل تسريع عملية تشكيل الحكومة لتلحق بالأسعار والأسواق والدولار، وهموم المواطن واحتياجاته الضرورية التي لا تحتمل التأخير، ولن يحدث ذلك ما لم يتخلى السياسيون عن عمليات الترف الحزبي، وليس أدل على عمليات الترف السياسي هذا من مبادرة (لجنة المعلمين) التي رفضت أن يتحرك قطار الحياة ويدور دولاب العمل، بفتح المدارس وتدارك العام الدراسي، وذلك عندما بادرت هذه اللجنة بعمليات مناهضة استئناف الدراسة، فلعمري متى يبلغ البنيان يوماً أمامه أن كنت تبنيه وغيرك يهدم.. وليس هذا كل ما هناك….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى