العصيان المدني ما بين النجاح والفشل

تباينت الآراء حول إعلان قوى الحرية والتغيير تعليق الإضراب والعصيان المدني، ففي الوقت الذي يؤكد فيه الناطق باسم تجمع المهنيين د. محمد يوسف أحمد المصطفى، نجاح الخطوة بنسبة 75%، ينفي أمين العلاقات الخارجية باتحاد العمال، خيري النور، حدوث إضراب أصلاً، وقال إن ما حدث لا يمكن تسميته بالإضراب.

“الصيحة” استنطقتهما ـــ كلاً على حدة ـــ ودافع كل طرف عن رؤيته ومبرراته.

أجرى المواجهة: جمعة عبد الله

الناطق باسم تجمع المهنيين د. محمد يوسف المصطفى لـ “الصيحة”

علّقنا الإضراب والعصيان المدني لهذه الأسباب.. ونسبة تنفيذه 75%

* بدءاً، لماذا علقتم الإضراب والعصيان المدني؟

الأمر خاضع لتقديراتنا، وهي التي اقتضت تعليق العصيان المدني ورفع الإضراب.

*ما هذه التقديرات؟

بقدر ما حقق العصيان المدني والإضراب من نجاح، كانت هنالك تبعات إنسانية تضرر منها بعض المواطنين، لذلك اتخذنا القرار احتراماً للشعب السوداني، وأعلنا تعليق العصيان المدني ورفع الإضراب لأجل غير مسمى.

*الجهات الرسمية تقلل من العصيان واتحاد العمال ينفي حدوث إضراب أساساً؟

هذا حديث غير منطقي، لكنه متوقع من جهات تتبنى خطاب الحكام، فمن يأتي بأشخاص موالين له، بالتأكيد سيقولون حديثاً معبراً عن خط الحكومات، لكننا جميعنا رأينا توقف مظاهر الحياة بالأسواق وإغلاق المحال التجارية والأسواق، وبعض القطاعات أصابها الشلل الكلي، فالإضراب والعصيان المدني نجحا تماماً، وحققا الهدف، ووصلت الرسالة واضحة للمجلس العسكري.

*يقولون إنكم لستم ممثلين للعمال؟

المجلس العسكري، واتحاد العمال يدركان جيداً مدى نجاح العصيان المدني والإضراب، ومن قال إن تجمع المهنيين لا يمثل العمال؟ هل كل العمال واصلوا العمل، كثير من العمال قرروا المشاركة في الإضراب والعصيان المدني، هل استمرت كل المؤسسات الحكومية والخدمية في تقديم الخدمة، وهل ظلت الأسواق على حالها.

*إلى أي مدى تقيس نجاح الإضراب والعصيان المدني؟

خلو الشوارع من المارة خلال الأيام السابقة يعطي لمحة عن حجم وقوة الإضراب والعصيان المدني، حيث كانت نسبة نجاحه 75% حيث أغلقت المحال التجارية والصيدليات، وكثير من المتاجر المختلفة أبوابها، كما تقلصت حركة مركبات النقل وتوقفت العديد من الأعمال حتى في المؤسسات الحكومية.

*هل تناول لقاؤكم مع رئيس الوزراء الإثيوبي رفع الإضراب؟

قطعاً لا.. لم نتحدث حول هذا الموضوع، وكما قلت لك هو قرار يخص قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين، واتخذ وفق التقديرات التي ذكرتها لك.

*هل يعتبر الأمر تراجعاً عن بعض مواقفكم المعلنة؟

هو ليس تراجعاً عن مواقفنا، ونحن مستمرون في رؤيتنا للتفاوض مع المجلس العسكري بحسب تقديرات الأحوال، والرؤية الحالية اقتضت رفع الإضراب وتعليق العصيان المدني.

*قلتم إن التعليق “لأجل غير مسمى”؟

نعم، هو لأجل غير مسمى وفقاً للتقديرات المذكورة، وقد نرجع وننفذه مجدداً في أي لحظة بحسب مجريات الأحداث.

*تعودون للتفاوض مع المجلس العسكري “دون شروط”؟

طبعاً، هذه رؤيتهم، وهم يريدون ذلك، لكن ما هذه الشروط المقصودة، هل سنتفاوض صامتين أم هناك قضايا لا يريدون التفاوض حولها؟ من المؤكد أننا سنقدم طرحنا، ومواقفنا معلومة وثابتة.

*هل تعتقد أن المجلس يضع خطوطاً وموجّهات للتفاوض؟

عودة المجلس للتفاوض يعني ضمنياً قبوله الاستماع لرؤية من يفاوضه، ونحن لدينا رؤيتنا وسنطرحها خلال المفاوضات لنصل إلى حالة معقولة من التوافق، وإن كان المجلس يضع خطوطاً فلن نقبلها وإلا كيف سنتفاوض.

*ما توقعاتك لمستقبل المفاوضات؟

نأمل أن يتفهم المجلس العسكري طبيعة الثورة وأسباب خروج الشعب السوداني للشارع لتأسيس واقع جديد، ومطالب الثورة التي لا تنازل عنها وضرورة الحكومة المدنية.

*غير نسب ورئاسة المجلس السيادي ما الذي تبقى للتفاوض بشأنه؟

 هنالك الكثير من القضايا الجوهرية التي تحتاج لحسمها، وهو ما سنعمل عليه عبر التفاوض المقبل، لكن هنالك ثوابت لا تقبل التنازل مثل الحكم المدني وهناك اختلافات حول التركيبة التي ستكون عليها الحكومة المدنية، ورؤيتنا الأولى كانت عدم مشاركة العسكريين فيها، وأن يقتصر دورهم على المجلس السيادي، على أن يكون مجلس الوزراء من التكنوقراط والبرلمان كذلك حسب النسبب المتفق عليها.

————

أمين العلاقات الخارجية باتحاد العمال خيري النور لـ “الصيحة”

ما حدث ليس إضراباً وتجمع المهنيين لا يمثل العمال

*تجمع المهنيين يقول إن الإضراب كان ناجحاً؟

في الأصل لم يكن هناك إضراب بالمعنى الحقيقي للإضراب، ولا يمكن تسميته بأنه إضراب حتى ينجح أو يفشل، كما أن القاعدة العمالية لم تعلن دخولها في إضراب، وما حدث هو محاولة سياسية منهم لاستغلال المواطنين والعمال لتحقيق أهدافهم، فلم تتوقف الخدمات من المؤسسات الخدمية والإستراتيجية كما لم تتوقف الخدمة المدنية.

*هل تقول إن المحاولة كانت “فاشلة”؟

بالطبع، وهي تكتيك سياسي سعى للزج بالعمال في قضية تخصهم، فالقواعد العمالية والنقابات والاتحادات المهنية التي تمثلهم بالقانون لم تدخل في إضراب فكيف لا يفشل.

*ولماذا فشل؟

لأنه صادر عن جهات لا تمثل العمال، ولأنه قام على الابتزاز السياسي وليس على مطالب عمالية.

*لكن هنالك مظاهر توقُّف في عدد كبير من القطاعات؟

التوقف كان نسبياً، وهو مسلك يتماشى مع الوضع العام السائد في البلاد بسبب الأحداث الجارية، ولا يمكن القول إنه إضراب للعمال، صحيح توقف البعض عن مزاولة أعمالهم لأسباب مختلفة، لكن ذلك شيء لا يذكر.

*إن كان ما حدث ليس إضراباً فما هو الإضراب؟

الإضرابات الحقيقية هي التي يقودها العمال بأنفسهم وتخرج منهم وتعبر عن مطالب محددة تخصهم، لا يمكن أن ينفذ جسم غير محسوب على العمال ولا يمثلهم خطوة ما، يسميها إضراباً، لذلك ما حدث مؤخراً لا يمكن تسميته بالإضراب بالمعنى، وهو كما قلت عمل سياسي.

*هل تعتقد أن تجمع المهنيين سعى للوصول لأهدافه باستغلال العمال؟

بالضبط، لكن خاب مسعاهم وعندما تأكدوا من الفشل تراجعوا عن الفكرة.

*بعيداً عنهم.. اتحاد العمال يرفض الإضراب دائماً؟

ليس صحيحاً، نحن لا نرفض الإضراب لأي سبب كان.. بل نرفضه لأسباب منطقية، ونرفض الإضرابات السياسية، هل نفذت القاعدة العمالية إضراباً رفضته قياداتهم النقابية، نحن ضد استغلال النقابات في الوصول لأهداف سياسية من جهات خارج العمال.

*الاتحاد محسوب على الحكومة؟

الاتحاد يقف مع من يحقق مطالب العمال، وسيقف ضد من يتغول على مكتسبات العمال، هذا هو المفهوم، فلسنا تابعين لحكومة، ولا شأن لنا بالعمل السياسي، بل قضيتنا هي العمال فقط ومكتسباتهم وحقوقهم.

*الوقائع تشير لحدوث إضراب؟

ما هي النقابة العمالية أو القاعدة العمالية التي أعلنت إضرابات، إن كنت تقصد تجمع المهنيين فهم سياسيون أولاً وقاموا بعمل سياسي لا علاقة له بالعمال، وموقف العاملين كان متوازناً حتى في السجل المدني والمطارات والعمل كان مستمراً، والتوقف الذي تم في بعض المتاجر والأسواق لا يسمى إضراباً للعاملين، وحتى هذا التوقف تم لأسباب متعددة كنوع من تأمين الممتلكات والحفاظ على العمل، لأن الوضع كان مضطربًا وتوجد متاريس تمنع الحركة، وتقلل من وصول الجمهور، وقد تحدث حرائق وإتلاف للمحال والبضائع.

*لا تستطيع نفي تضرر العمل؟

نحن نتحدث عن حدوث إضراب من عدمه، ما هي المؤسسات التي توقفت عن العمل حتى المطارات والموانئ والمؤسسات الخدمية واصلت عملها كالمعتاد، هل قاموا بعمل استفتاء وعرفوا كم من العاملين مع هذا الإضراب المزعوم.. ستجد النسبة ضئيلة، هؤلاء ليس لديهم وجود في الخدمة المدنية وحتى الذين توقفوا قد يكون تأثروا بمطلبهم للتوقف لأسباب يرونها.

*ما أثر الفراغ الحكومي على العمال؟

صحيح، لا توجد حكومة، ولكن هذا لا يعني ضياع حقوق العمال، فموازنة الدولة تعمل كالمعتاد، وحقوقهم موفورة بحسب ما تم تضمينها، والحركة النقابية حريصة على حقوق القاعدة العمالية.

*حدث تأخير في تسليم سلة رمضان؟

التأخير في تسليم سلة رمضان، لأن الحركة النقابية كانت مجمدة وولاية الخرطوم هي التي تأخرت، وليس الاتحاد والنقابات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى