فتح الجامعات.. مطالب وعقبات

الخرطوم: إبتسام حسن

في الوقت الذي يعود فيه معظم طلاب جامعات المنطقة لمقاعد الدراسة مع بدء الفصل الدراسي الثاني، يستمر إغلاق الجامعات الحكومية والخاصة في السودان على خلفية تصاعد الاحتجاجات ضد النظام السابق برئاسة الرئيس عمر البشير إلى أجل غير مسمى.

وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق   الصادق الهادي المهدي أعلن تعليق الدراسة فى 38 جامعة حكومية ونحو 100 مؤسسة خاصة للتعليم العالي في جميع أنحاء السودان بالتزامن مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد سوء الأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة في البلاد.د

 وكانت هناك محاولات فاشلة من قبل الحكومة لاستئناف الدراسة في الجامعات المغلقة منذ الحراك الذي اندلع في الشارع مؤخرًا بسبب الاحتجاجات التي تطالب بتنحي رئيس النظام السابق، خاصة أن تجميد العام الدراسي وتراكم الدفعات يمثل أسوأ كوابيس السلطات.

وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومجلس الجامعة ترك أمر استئناف الدراسة بالجامعات إلى مديري الجامعات.

 ويبدو ان ولايات السودان باعتبار أنها بعيدة عن الحراك إلى حد ما، كان لها السبق في اتخاذ القرار باستئناف الدراسة، إلا أن التحدي الأكبر كان إعادة فتح الجامعات الرئيسية وسط الخرطوم. 

وبحسب مسؤولين في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، منحت الوزارة الجامعات تقديرات ذاتية لاستئناف الدراسة فيها وفقاً لأوضاع النشاط السياسي داخلها وخارجها.

تخوفات

تخشى الوزارة تربص المشاركين في  الاحتجاجات حال إعلانها موعداً محددًا لاستئناف الدراسة في الجامعات دفعة واحدة، فتركت التقديرات لكل جامعة بالتنسيق مع الوزارة، غير أن خشية الوزارة وتحفظاتها يبدو أنها كانت في محلها سيما أن الاحتجاجات تسببت مرة أخرى في إغلاق الجامعات، وتاريخياً مثلت الجامعات في السودان بؤرة نشاط لممارسة العمل السياسي، كما كان لها دور بارز في الثورات الشعبية في 21 أكتوبر 1964 و6 أبريل 1985.

ضغوط 

 أعلن عدد من الجامعات فتح أبوابها أمام الطلاب واستئناف الدراسة التي تعطلت لنحو 7 أشهر على خلفيّة الاحتجاجات الشعبية، التي اندلعت في 19 ديسمبر 2018 وأطاحت بنظام عمر البشير في 11 أبريل الماضي. 

وقال مدير الإعلام والعلاقات العامة في جامعة الخرطوم الدكتور عبد الملك النعيم، فى تصريح سابق إنَّ إغلاق الجامعات طوال 7 أشهر سيؤدي إلى اكتظاظ في قاعات الدراسة، كما يشكل ضغطاً على هيئة التدريس، لكن لن يشكل الأمر أزمة بالنسبة إلى جامعة الخرطوم التي سبق ومرت بالأزمة ذاتها من قبل. 

وأشار إلى أنَّ فتح الجامعات في هذا التوقيت سيجنبها أزمة كبرى كانت ستواجهها لو استمر الإغلاق حتى أكتوبر المقبل، لأن الدفعة الجديدة من الطلاب الذين امتحنوا الشهادة الثانوية هذا العام سيلتحقون بالجامعات رسمياً في نوفمبر المقبل حسب النظام المتبع. 

 عثرات 

 شخصت بعد اندلاع الثورة وحراك الشارع الأخير مطالب كثيرة للجامعات على مستوى الإدارة وعلى مستوى الطلاب والأساتذة منها ما هو متعلق بالبيئة الدراسية وأخرى متعلقة بالأساتذة في ظل اندلاع ثورة يستشرف فيها التغيير لذا كانت المطالب بتغيير الوحدات الجهادية وتغيير اتحاد الطلاب وتغيير مديري وعمداء الجامعات، وكان تجمع الاستاذة المهنيين لديه عدد كبير من المطالب تقدم بها قبل تشكيل الحكومة من أبرزها كان تشكيل الحكومة في حد ذاتها، غير أن المطالب التي رفعت ما زالت معلقة، وعلى ضوء ذلك أغلقت الجامعات ونتج عن ذلك تنظيم عدة وقفات احتجاجية من قبل الطلاب وأخرى من قبل الأساتذة منها وقفات لجامعة بحري وجامعة النيلين ونتج عن ذلك غغلاق جامعة النيلين أبوابها في كل البرامج تحسباً وحماية للأرواح والممتلكات، إلا أن كل ذلك لم يحرك ساكناً سيما أن المطالب ما زالت معلقة حتى يومنا هذا، منها إعفاء مديري الجامعات ومجالس التعليم العالي وعمداء الطلاب، وإعفاء نائب المدير والوكيل من كل جامعة على حدة، فضلاً عن إعفاء الاتحادات الطلابية والوحدات الجهادية.

 ولم يقتصر أمر المطالب على ذلك، بل رفعت مطالب أخرى متعلقة بالنقابات وتعديل قوانينها وإسدال الستار على ما يسمى بنقابة المنشأ ويبدو أن فتح الجامعات مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتنفيذ تلك المطالب واستشراف التغيير المنتظر على مستوى مطالب التعليم العالي فيما يتعلق باللوائح. 

قصاص 

أهم مطلب من تلك المطالب حسب اساتذة جامعات هو  إصلاح المنظومة العدلية، وهو مطلب متعلق بالجامعات ويطالب الاساتذة بتعيين رئيس قضاة ونائب عام لأن هنالك إشكالية متعلقة بالانتهاكات من الذين قتلوا وجرحوا من الطلاب والشارع ينتظر القصاص فضلاً عن ضرورة  إصلاح المنظومة العدلية لأن الوثيقة نادت بمعاقبة ومحاكمة رموز النظام السابق محاكمة عادلة، وكل الشعب السودانى ينتظر هذا المطلب سيما أنه إذا لم يحدث إصلاح عدلي قانوني لن تكون هناك محاكمة عادلة لذلك يمكن أن يستغل الطلاب فى هذه الجزئية مما ينذر بتحركات واحتجاجات من قبل الطلاب . 

توقعات 

وتوقع أستاذ القانون بجامعة النيلين فضل الله العطا في تصريح لـ(الصيحة) أن استئناف الدراسة يحتاج إلى ترتيبات إدراية تمكن وزيرة التعليم العالي انتصار صغيرون من إدارة الجامعات خاصة، وأنها تدير عقولاً، حسب فضل ، كما توقع أن تصدر الوزيرة قرارات بصورة عاجلة في امر من يتولى مناصب مديري الجامعات، وقال إن استئناف الدراسة ليس ببعيد، لكن لابد من دراسة عميقة ووافية وعاجلة قبل استئناف الدراسة والنظر في المطالب الخاصة بالإحلال والإبدال وتولي من هو أصلح مؤكداً وجود مشاكل أخرى ترتبط باستئناف العام الدراسي من توفير المواصلات والوقود.

 وأبدى أستاذ القانون استحسانه لمجمل المطالب المرفوعة لجهة أنها لم تكن مطلوبات شخصية للأساتذة والموظفين من تحسين أجور وغيرها، بل تتعلق بمطالب وطنية وصفها بالشريفة والسامية والعفيفة مثل تحسين البيئة الجامعية ومطالب تتعلق بالإدارة، وقطع بأنه في حال تحقيق المطالب سوف يستمتع الطلاب بعام دراسي مستقر. وقال إن الوزارة إذا كانت ساعية لفتح الجامعات عليها بحل المشكلات.

اجتماع 

من المؤمل أن يعقد اليوم كل من وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي ووزير الداخلية وصندوق دعم الطلاب اجتماعاً للتقرير في أمر فتح الجامعات واتضاح الرؤية. وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة عز الدين بيلو في تصريح لـ(الصيحة) أن كل المشاكل التي تعوق الدراسة نوقشت باستفاضة، منها مشاكل سكن الطلاب وأمنهم، مشددا على قرار وشيك خلال اليوم يحدد ذلك . بعد أن أحال مجلس الوزراء عبر جلسة له أمس أمر استئناف الدراسة إلى ذوي الاختصاص.  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى