أداء القَسم.. مَشَاهد على دفتر الانتظار

تقرير ـ مريم أبشرـ هبة محمود

عَقِب جولة من المُفاوضات والاجتماعات الماراثونية، بين قِوى الحُرية والتّغيير تارةً، وبين أعضاء المجلس العسكري تارةً أخرى على مدار الأيام الماضية، أدّى بالأمس أعضاء مجلس السيادة مُجتمعين (مدنيين وعسكريين) عدا العضو “محمد حسن التعايشي”، القَسَم أمام مولانا عباس علي بابكر، ليحسم بذلك الجدل حول السيادي، وتُفتح صفحة جديدة للنقاش والجدال حول اختيار عُضوية مجلس الوزراء المدني برئاسة الدكتور “عبد الله حمدوك”.

لم يكن نهار يوم أمس بالقصر الجمهوري كسائره من الأيام الأخرى، الجميع في انتظار تصريحات أعضاء مجلس السيادة بعد أدائهم القَسَم، سيما المدنيين منهم، وفي الخاطر تَطُوف ذكرياتٌ وبعض من مشاهد النظام القديم، فبالأمس القريب كان “البشير” و”ابن عوف” و”حسبو” وكانت الإنقاذ، واليوم يتبدّل المشهد، ولكنها سُنة الله في الحياة، لتسكن القصر دماءٌ جديدة قوامها شراكة بين الساسة والعَسكر.

قسم البرهان

استبق رئيس المجلس العسكري للفترة الأولى من عُمر الحكومة الانتقالية الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أعضاء المجلس بأدائه القسم أمام رئيس القضاء، مولانا عباس علي بابكر، بحضور الأمين العام للقصر الجمهوري الفريق محمد علي إبراهيم صباح أمس بالقصر الجمهوري إيذاناً بدخول البلاد في الفترة الانتقالية التي ستُنقل في نهايتها البلاد لحكومة مدنية منتخبة انتظرها الشعب السوداني طويلاً.

عائشة.. يوم مختلف

قدم المجلس السيادي في شقه المدني الدكتورة عائشة موسى عضو المجلس السيادي الأكبر سناً في المؤتمر الصحفي الذي أعقب أداء عشرة من أعضائه القسم أمس أمام رئيس القضاء كلمتها المكتوبه بعناية بتحية الإسلام، وإبداء الأسف على الربكة التي سبقت إلقاءها للكلمة لإصرارها على قراءة ما خطته بيدها على الورق، وقالت إن طول اليوم في (إشارة للاجتماع المطول الذي استمر ثلاث ساعات متواصلة مع رئيس المجلس عقب أداء القسم) لأن اليوم يستحق أن يكون طويلاً.

لهؤلاء.. التحية

وبعثت عائشة بالسلام والاحترام للشعب السوداني العظيم وثواره الأبطال وأرواح الشهداء والشهيدات التي تطل في فجر القبول، وحيت الآباء والأمهات الذين سرقت فرحتهم بالفقد الموجع لفلذات أكبادهم، وبعثت أيضاً بالسلام والمحبة للآباء والأمهات الذين ينتظرون بصبر موجع الابن والابنة الغائبة وحيت الثوار بقولها (التحية للأقدام التي لم تعرف الراحة والحناجر القوية التي لم يجرحها الهتاف على مدى الشهور)، وحيت النساء والرجال الذين يتقدمهم شباب وشابات سجلوا للتاريخ أقوى ثورة شاملة جابت في عنفوانها كل الفوارق التي عاقتها في الزمن الخراب.

موسى: لهؤلاء نتعهد

ووصفت اليوم بالتاريخي وتعهدت نيابة عن زملائها في المجلس أمام الشعب السودانى الذي فجر هذه الثورة المجيدة، وأمام نساء السودان قاطبة في مقاماتهن السامية في مجالات العمل والتعليم والدور في الخيام وعلى قارعة الطريق يسعين للرزق الحلال، وأمام قبور فلذات أكبادهن الشهيدات والشهداء وأمام رجال وشباب السودان الذين بذلوا الدماء بسخاء ووقفوا سنداً صلباً لرفيقاتهم فكانوا عماداً ووقوداً ونصرا مؤزراً، ونتعهد للشهداء البواسل والشهيدات بأن تسعة وثلاثين شهراً سيبذلها المجلس للمساهمة في رحلة الخروج بهذه السفينة إلى بر الأمان والانعتاق والنضال من أجل تحقيق أهداف إعلان الحرية والتغيير الذي ارتضاه الشعب السوداني ميثاقاً يجمعنا تحت راية الثورة التي لن تخبو ولن تضيع شعاراتها حتى نصل لتحقيق غاياتنا المنشودة في التحول الديمقراطي وتحقيق شعارات الحرية والسلام والعدالة، وأكدت أن المجلس السيادي هو تتويج للمجهودات التي أتت لتحقيق شعارات المواطنة والتعايش السلمي والديمقراطية والعدالة والتنمية المتوازنة.

بت نصرة.. أمثل النساء

وختمت عضو المجلس السيادي حديثها بإعلانها أنها عائشة موسى السعيد بت نصرة محمد إبراهيم من كردفان، تمثل كل نساء بلادها قاطبة، وأنها ستعمل جاهدة كي ترفع رأس هذه الأمة التي رفعت رؤوسنا عالياً بين الأمم بثورة عظيمة وملهمة.

وأقول كان حلماً وكان البدء وميلاد الطقوس وقد صار. ولفتت إلى أن اللقاء المطول مع رئيس المجلس بحث ملفات هامة وشائكة ستكون مثار الاهتمام في الفترة القادمة.

هذه ملفات عاجلة

عضو المجلس السيادي الأستاذ محمد الفكي سليمان، أشار في المؤتمر الصحفي إلى أن جملة من الملفات العاجلة تم تناولها في الاجتماع الذي اعقب أداء القسم أبرزها ملف تعيين رئيس القضاء، والنائب العام، حيث تم التداول حولها، وأضاف أنه نسبة لتباين وجهات النظر في الأسماء المطروحة تم النظر في الاختيار، على أن تحسم في الساعات القليلة القادمة بالتوافق كما درج الفريقان على العمل بتناغم كامل في مثل هذه القضايا الحساسة.

مهام حمدوك

ولفت الفكي إلى أن الوثيقة تم فتحها لإضافة هذه النقطة، وعبر عن أمله في التوصل لاتفاق تام حولها في غضون الساعات القادمة، وأشار لصدور مرسوم عاجل بتعيين رئيس الوزراء حتى يتمكن من أداء القسم أمام رئيس القضاء بسبب الملفات العاجلة التي تنتظره حتى يتمكن من مباشرة المهام بصورة عاجلة.

وقال إن البلاد تمر بالعديد من الأزمات خاصة وأن هناك فراغاً لمدة أربعة أشهر، هنالك أزمة في السيولة، وسيول وأمطار، وعدد من المشاكل عجلّت بالتوافق وحسم أمر رئيس الوزراء.

اللائحة المنظمة

ووصف عضو المجلس السيادي الاجتماع الذي جرى أمس بالإجرائي، غير أنه كشف عن تسلم الأعضاء اللائحة المنظمة للعمل الداخلي التي سيتم تدارسها ومناقشتها صباح اليوم في اجتماع المجلس بالقصر الجمهوري، بجانب ملفات أخرى كثيرة جرى نقاشها.

ونفى الفكي وجود أي أسباب أخرى أدت لتغيّب الأستاذ محمد الحسن التعايشى عن أداء مراسم القسم أمس، وقال إن وجوده بالخارج كان وراء التأخير، وتوقع وصوله مساء أمس وأداءه القسم أمس أو صباح اليوم.

دم الشهيد هو الزاد

الأستاذ حسن شيخ إدريس عضو المجلس، قطع بأن دماء الشهداء ستكون النور الذي ينير للمجلس الطريق، ويحدد المسار والبوصلة للقناعة التامة بأن هذه البلد مضى عليها وقت طويل، وتحتاج لعمل كبير، وقال في تصريحات صحافية إنه ينتمي لمنطقة الهامش الفقير التي يموت فيها الأهل بالآلاف بسبب الجوع والمرض، وأكد أن همه في الأساس سيكون خدمة هذه الفئة وشعب السودان وأهله وكل المهمشين والفقراء والمشردين، واصفاً إياهم بالشريحة الأكبر على مستوى السودان، وأكد أن هذه الملفات ستكون مسئولية المجلس، ودعا الشعب السودانى للتضحية والعمل من أجل المهام وتعويض ثلاثين عاماً من الدمار والخراب والفساد والقتل التي عاشها السودان خلال الحقبة الماضية.

غياب العَسكر

ساعات طوال بين ردهات القصر الجمهوري، قَضَاها الصّحفيون والإعلاميون بمُختلف تَخَصُّصاتهم وقنواتهم، بدأت منذ وقتٍ باكرٍ للوقوف على تصريحات الأعضاء، الذين أدّوا القَسَم في الواحدة ظهراً، ولكن اجتماعاً طويلاً بين عُضوية السِّيادي مع الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في أول اجتماعٍ، بَحث ملامح المرحلة المُقبلة، جَعل الجَمع يقضي السَّاعات الطوال في الانتظار حتى حَضَرَ أعضاء السِّيادة إلى قاعة المركز الإعلامي بالقصر في الثالثة ظهراً.

حُضُور عُضوية السيادي لم يكن مُكتملاً داخل المركز الإعلامي، فَضْلاً عن غياب محمد الحسن التعايشي لأسباب فنية تتعلّق بموعد وصول طائرته بحسب ما صرح به العضو السيادي محمد الفكي سليمان.

بالمُقابل، شَكّلَ غياب أعضاء السيادي من العسكريين علامات استفهام واسعة، وذهب البعض إلى أنّ للأمر دلالات ربما تكشف عنها الأيام المُقبلة.

رَبكَــــــــــة!

مقدِّمة وفد السيادة المدني، تقدّمته الأستاذة عائشة موسى متوشحة بثوبٍ أزرق متوكأة عصاها، ومن خلفها د. صديق تاور وحسن شيخ إدريس، ثم محمد الفكي سليمان وتلته الأستاذة رجاء نيكولا العضو الحادي عشر.

رَبكَــــــــــة صاحبت مشهد التصريحات بالبحث عن الورقة التي خطت عليها كلمة المدنيين، والتي فيما يبدو أنهم توافقوا على تلاوتها من قِبل أستاذة عائشة، وبعد انتظار دَقائق جِيئ بالورقة، فاختارت البداية بعبارة (ما شاء الله)، في إشارةٍ منها للحُضُور الإعلامي الكثيف.. كلمة قوية قالتها عائشة وهي تُؤكِّد على أنها جاءت لتمثل المرأة السودانية، وقد أعقبها في الحديث الأستاذ محمد الفكي سليمان الذي كان حديثه بمثابة مُؤتمرٍ صحفي، الإعلاميون يسألون وهو يُجيب، في وقتٍ امتنع فيه د. تاور عن التصريح، بينما صرّح حسن شيخ إدريس، مُؤكِّداً أنه جاء ليمثل الهامش.

أنا سُودانية ما مسيحية

بعض الهتافات بعبارة “مدنية” أثناء كلمة أعضاء السيادة من بعض الموجودين بالقاعة أثارت سخط الجميع، فيما أثار رفض وتعنت أعضاء السيادي من التصريحات الخاصة استياء الصحفيين، فعائشة رفضت الحديث تماماً مُكتفيةً بما صرّحت به عبر ورقتها، وتاور يرفض الحديث تماماً للإدلاء بأيِّ تصريحات، فيما فضّلت رجاء نيكولا الاكتفاء بحديثها الذي قالته ورفضت المزيد وهي تُؤكِّد أن الأعوام الثلاثة كافية للتصريحات وتعد بالمزيد، وبحصارها من قبيلة الصحفيين خارج القصر أصبحت تُردِّد عبارة أنها ليس لديها ما تقوله الآن، قالت: ليس لديّ ما أقوله الآن، نحن نريد أن نرفع من شأن البلاد اقتصادياً وتنموياً وتجارياً ومن كل النواحي، وأضافت: (ما تقولوا دي مسيحية جاية عندها ملف واللا كدا)، أنا سودانية قبل أن أكون مسيحية، وأولوياتي مُكملة لأولويات مجلس السيادة، وزادت: لا اعتبر نفسي عضواً حادي عشر أنا مثلهم جميعاً أعضاء السيادي وسوف أعمل مثلهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى