وكيل وزارة الثروة الحيوانية د. محمد يوسف لـ(الصيحة)

ما يُخصص للقطاع من الدولة ضعيف جداً

 مشكلة حصائل الصادر لهذه الأسباب…..

ارتفاع الأسعار المحلية بسبب فوضى الأسواق

3 ملايين رأس حجم الصادر المستهدف هذا العام

سياسة الدفع الآجل تعتبر سياسة مدمرة للاقتصاد وعلى بنك السودان مراجعتها

حوار: إنصاف أحمد

تسعى الدول لتعظيم الفوائد الاقتصادية من خلال الموراد الطبيعية واستغلالها بصورة مثلى لتوفير إيرادات من العملات الأجنبية للبلاد، ولكن واقع السودان غير ذلك فقد حباه الله بالعديد من الموارد الاقتصادية التي كان يمكن أن تصل بالسودان لمصاف الدول الاقتصدية الكبرى.

ويعتبر قطاع الثروة الحيوانية، من أكبر تلك الموارد، إلا أن الإهمال الذي وجده من قبل الحكومات السابقة أقعده عن دوره المنوط به، رغم امتلاك البلاد ثروة تقدر بـ(109) ملايين رأس من الماشية، قد صاحبتها العديد من الإشكالات في كل المجالات خاصة الصادر مع ارتفاع أسعارها داخلياً، وحدوث فجوات في بعض المنتجات الحيوانية.

(الصيحة) جلست إلى وكيل وزارة الثروة الحيوانية بالإنابة د. محمد يوسف لمعرفة المزيد.

*بالرغم من أن قطاع الثروة الحيوانية يعتبر مهماً في الاقتصاد، إلا أنه وجد إهمالاً من قبل الحكومات السابقة ما هو تعليقكم؟

أولاً، فيما يخص قطاع الثروة الحيوانية، فهو قطاع رائد حيث نمتلك الآن ما يقارب 109 ملايين رأس من الأنعام وهي كقيمة اقتصادية خاصة في مجال التربية والتسويق والصادر كرأس مال، إذا حولناه لقيمة مادية بجانب توفير الاستهلاك المحلي من اللحوم والألبان وتوفير الأمن الغذائي للمواطن، فهو القطاع الوحيد الذي لا يستورد من الخارج، وهذا يعتبر عائداً اقتصادياً كبيراً، فإذا كنا نستورد فهذه تمثل إشكالية كبيرة مما يزيد من ميزان المدفوعات، ولكن رغم امتلاكنا للقطاع منذ عهود، لم يجد الاهتمام من الحكومات السابقة، ولم تخصص له الميزانيات التي تساهم في الزيادة في الكم والكيف، ما يخصص للقطاع من وزارة المالية حتى الآن يعتبر ضعيفاً جداً بالنسبة لميزانية التسيير والعلاجات والتنمية، وهي واحدة من الإشكاليات، نمتلك المحاجر منذ العام 1904 وصدر اول قانون للثروة الحيوانية بالنسبة للصادر في العام 1913 فهو إجراء قديم حتى المحاجر لكنها لم تجد ما وجدت الاهتمام في التطوير، حتى تعتمد بكفاءة، وتكون مواكبة للمواصفات الدولية بالنسبة لصادرات المواشي على مستوى العالم، خاصة وأننا ننافس العديد من الدول، نأمل في العهد الجديد أن يكون هنالك اهتمام كبير بالقطاع باعتباره قطاعاً رائداً متجدداً لإسهامه في الدخل القومي ما يقدر بـ20 إلى 22% من عائدات الصادر حتى على مجال القطاع الزراعي تمثل 60% من العائدات، ووصل حجم عائد الصادر العام الماضي المليار دولار، وهذه بتحفظات كبيرة، فإذا زدنا قيمة الأسعار فإن العائد سيكون الضعف، فما زلنا نتمسك بأسعار ضعيفة، فوزارة المالية تضع لكل رأس 100 دولار، أما الهجن التي تشارك بها الدولة فيصل عائد الرأس 10 آلاف دولار، وهذا رسم كبير إذا قورن بعائد صادرات البترول أو غيره، فالقطاع إذا وجد الدعم سنزيد من الإنتاج.

*ولكن ذلك لم ينعكس على الدخل القومي وتطوير القطاع؟

إذا أخذنا الوضع الاقتصادي بالنسبة للمربي، فاليوم قيمة الرأس من الضأن تجاوزت الـ5 آلاف تقريباً، وهذا يمثل قيمة اقتصادية كبيرة بالنسبة للمالك، أما بالنسبة للمستهلك فيزيد قيمة الاستهلاك بالنسة للكيلو من اللحوم، الأمر بالنسبة لمربي الأبقار الأسعار مشجعة كقيمة، والتي تفوق الـ20 و30 ألف جنيه، فهذه تعتبر قيمة اقتصادية، لكن بالنسبة كعائدات للقيمة فهذه محتاجة إلى إعادة في التسعيرة المفروضة على الصادارت بشكل عام، فتضاعف العائد بزيادة الرسوم بالنسبة للصادر.

  • *هنالك شكوى من وجود تقاطعات بين الوزارة ووزارة التجارة وبنك السودانردكم ؟

صحيح، هنالك تقاطعات بين وزارة التجارة في مجال الصادر فيما يخص إثبات الأحقية، فلابد من توفر مستندات للشركات المصدرة والتي تكون مسجلة بأوراق رسمية، والذي يكون من اختصاص وزارة التجارة، أما وزارة الثروة الحيوانية، يتم عمل مراجعة لتلك الشركات وبنك السودان يصب اختصاصه في السياسات المالية كحصائل الصادر وكيفية تحصيلها، ووضع السياسات العامة، أعتقد أن سياسة التحصيل التي تتم بصورة فورية كسياسة الدفع الآجل التي وضعها البنك المركزي كان لها وقع كبير بتحسين عائدات الصادر، وأعتقد أن سياسة الدفع الآجل تعتبر سياسة مدمرة للاقتصاد، فلابد للبنك المركزي من مراجعتها .

*دخلت بعض الجنسيات في مجال الصادر ما أحدث فوضى في السوق ما هو دوركم؟

هذا من اختصاص زارة التجارة، فمن المفترض أن تتحقق من الأمر في ظل وجود تجنيس للأجانب بإعداد كبيرة من قبل الدولة وإعطائهم الاحقية في ممارسة الأعمال التجارية، فليس لدينا الحق في منعهم من العمل في المجال، فلسنا الجهة التي تمنع التعامل معهم، فالإشكالية الحقيقية تقع على عاتق الدولة باستضافة الأجانب ومنحهم الجنسية السودانية، بالتالي إذا تم ضبط السياسات وطبق القانون بالصورة المطلوبة وإيقاف هذه الإجراءات سيسير العمل بالصورة الصحيحة، فعمل الشركات يكون عبر تسجيلها في المسجل العام بوضع اشتراطاتها، فإذا تم التحقق منها بالتالي تكون لها أحقية العمل في مجال الصادر، فعلى وزارة التجارة ضبط هذه الإجراءات باعتبارها الجهة الوحيدة المسؤولة عن هذا المجال .

*هنالك شكاوى من المصدرين من ارتفاع حجم حصائل الصادر التي تقدر بـ10%؟

حصائل الصادر سياسة بنك السودان، ولكنها لا تخدم الغرض الذي قامت من أجله في ظل قيام عدد كبير من الشركات الوهمية والانتفاع بها من قبل أشخاص بعينهم، ولم توجه التوجيه السليم لخدمة المواطن السوداني.

*الصادر أقل من المتوقع ما هي الأسباب؟

من باب التأكيد تجاوزنا ثلاثة ملايين رأس من الصادر حتى الآن، وهذا نفس الرقم العام الماضي، فالظروف الاقتصادية التي مرت بها البلاد في الفترة الماضية من انعدام وقلة السيولة، وحتى ارتفاع الأسعار التي أدت إلى ارتفاع أسعار الماشية، يمكن القول إن المعادلة بالنسبة لنا موزونة في ظل انسياب الصادر، بالرغم من شح الموارد وعدم تأهيل مواعين ، فالصادر يسير بصورة منتظمة، فلم يتم تسجيل إرجاع أي شحنة من البواخر، أو اشنباه، ونتمنى أن تغطي حصائل الصادر لو جزءاً من العجز في الميزانية العامة.

*أرجع البعض ارتفاع أسعار السوق الداخلي لارتفاع حجم الصادر؟

نؤكد أن حركة الصادر ليس لها أي تأثير على السوق المحلي، خاصة وأن هنالك وفرة كبيرة من الإنتاج، لكن أعتقد أن الهلع والجشع الكبير في ظل ارتفاع أسعار السلع أدى لارتفاع المنتجات الحيوانية، فليست هنالك أسباب جوهرية لارتفاع الأسعار، فوجود السماسرة والوسطاء أدى إلى ذلك، في ظل انتشار أجهزة الاتصال، فكلما ارتفع السعر بالمركز فمن الطبيعي أن تشهد الأسعار بمناطق الإنتاج زيادة، فإذا لم تتم عملية ضبط للأسعار وتحديد سقف محدد، فلن تحل المشكلة، فسياسة التحرير الاقتصادي أضرت بالمواطن السوداني، فلا يمكن أن نكون دولة منتجة ومصدرة، ولكن تشهد الأسعار ارتفاعاً كبيراً في نفس الوقت، فالصادر المستهدف لا يدخل الأسواق المحلية فذريعة أن الصادر أثر على السوق المحلي، فهذه مقولة غير صحيحة.

  • *أين دور الوزارة في معالجة المشكلة؟

هذا ليس من اختصاص الوزارة، بل من اختصاص المحليات والولايات، فوزارة الثروة الحيوانية اختصاصها فني فقط، هنالك ولايات واتحادات يمكنها التدخل وحل المشكلة عبر الشراء مباشرة من مناطق الإنتاج لمعالجة الارتفاع، ولكن في ظل ارتفاع استهلاك اللحوم والذي يعتبر واحدة من سلوكيات المجتمع السوداني ترتفع معها الأسعار.

*شهدت أسعار الألبان ارتفاعاً كبيراً ما هي الاسباب وما هي المعالجات؟

بالنسبة لارتفاع الالبان يرجع لارتفاع أسعار الأعلاف خاصة وأن الدولار يشهد ارتفاعاً يوميًا بجانب وجود سعر تأشيري، وتعدد أنواع البيع عبر الشيك والكاش، فهذه إذا لم يتم وضع معالجات لها عبر وجود حكومة قوية وتحد من الظاهرة، فإن التجار يتلاعبون بحق الناس، فعند ارتفاع أسعار الدولار تزيد أسعار المدخلات كالأعلاف والمركزات والأمباز، ومن ناحية، فإن حجم الصادر من الأعلاف زاد في الآونة الأخيرة لإدخال عائد بالدولار للدولة متناسين وجود منتجين محليين، مما خلق فجوة في الألبان، ومن المفترض دعم أو إيقاف صادر الأمباز للخارج، وتوجيهه للإنتاج المحلي للألبان والدواجن، ولكن لا توجد حماية للمنتج المحلي، هنالك اتجاه لوضع سياسة لتغطية الفجوة عبر استيراد أبقار “فرزيان”، لكن استقرار الأوضاع السياسية في البلاد حال دون ذلك، ونتوقع بعد قيام مشاريع إنتاجية كبيرة تغطية الفجوة وإيقاف استيراد اللبن البدرة .

*هل هنالك أسواق جديدة للصادر؟

بالنسة للصادر تمثل السعودية حجر الزاوية لصادرات الضأن، الآن مصر نصدر إليها أعداداً كبيرة من الأبقار والجمال، وهنالك اتجاه للتصدير لدولة العراق ولبنان والصين وتركيا، فعدد من الدول ترغب في الاستيراد من السودان، فهذه لا يتم تصديرها في صورة مواشٍ حية، بل في شكل لحوم، ونبشر بأن مسلخ الكدرو تم تأهيله تأهيلاً تاماً بشراكة مع شركة جياد للخدمات المتعددة، وإنشاء مسلخ جديد بمواصفات عالمية سيكون له دور في تغيير موازنة الصادرات الحية، بالإضافة لمسلخ الساحل الحديث ببورتسودان، وهو في طور الاعتماد من قبل السعودية ومسلخ جمبو والشهيد الذي تم إنشاؤه حديثاً وتم اعتماده للمشاركة في عملية الصادر، فهذه مشاريع جديدة مشاركة في عملية الصادر، لدينا أكثر عشرة مسالخ حديثة تحت الإنشاء فإذا اكتملت ستغير الواقع.

*هنالك شكاوى من ضعف التمويل المقدم؟

هذه سياسة عامة بالنسبة للبنوك، فالبنوك التجارية مفتوحة لتمويل الصادر، فلا توجد عقبة خاصة الجهات الجادة لا توجد عقبات، فدخلت العديد من البنوك في هذا المجال بجانب الوكالة الوطنية لتأمين الصادر، لها دور في عملية تأمين الصادرات للثروة الحيوانية، وأعتقد أنها من المصدرين أنفسهم التي تتمثل في الالتزام بالسداد وتشكل إشكالية بين المصدرين والبنوك .

*هل هنالك أي دعم خارجي؟

الدعم الخارجي في السابق يتركز في مجالات محددة كالأوبئة ومكافحتها عبر المنظمات الدولية، فالمقدم شحيح، ولكن منظمة “الفاو” لها دور كبير جداً في الدعم في برامج التطعيم على مستوى الولايات عدا ذلك لا يوجد تمويل خارجي يدعم، ونحن كدولة بدأنا نكتفي ذاتياً في مجال إنتاج اللقاحات، ونتوقع أن يرتفع حجم الإنتاج المحلي بمعمل البحوث البيطرية بسوبا.

*ارتفاع أسعار الأدوية البيطرية من أكبر المشاكل التي تواجه المنتجين ما هي المعالجات؟

الأدوية البيطرية تخضع لنفس النظام المتبع في عملية الاستيراد الذي يتوقف على قيمة الدولار، فالدولة لا تدعم الأدوية البيطرية، ولكن تدعم استيراد الأدوية البشرية من حصائل الصادر التي تم تخصيص 10% منها، طالبنا بتخصيص 1% من العائدات للاستيراد للتخفيف على المربي بالتالي على المواطن.

*هل هنالك اتجاه لتوطين صناعة الأدوية؟

نمضي نحو توطين الصناعة داخلياً، لكن لم نصل مرحلة الاكتفاء الذاتي قامت بعض المصانع كمصنع “باشفارم” والذي لا يستطيع تغطية الفجوة، نحتاج لعدد من المصانع لتحسين صحة القطيع القومي، وفي حال وجود مشكلة يمكن أن يحدث ما لا يمكن أن يحمد عقباه .

*ماهي خطة الوزارة للمرحلة القادمة؟

حسب الميزانية السنوية والخطة القومية والتي تمتد لأكثر من 25 عاماً تُراعى فيها تنمية الثروة الحيوانية وتغطية الفجوات الداخلية، وتصدير اللحوم ومنتجاتها، وتقليل صادر الماشية الحية وتطوير نظام التربية والإرشاد وتوطين صناعة الجلود والاستزراع السمكي عبر الاستفادة من الشواطئ والسدود للوصول إلى الاكتفاء الذاتي، وهذه برامج تصب في زيادة العائدات، ورفد الاقتصادي القومي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى