مبعوث الاتّحاد الأفريقي “ولد لبات” في حوار الراهن

ضمانات إقليمية ودولية لتنفيذ الاتّفاق بين "العسكري" و"قِوى التّغيير"

الاتّفاق الذي تَمّ أكّد على شراكةٍ بين الطرفين

نتمنّى أن يعكس المجلس التشريعي الوجه المُتنوِّع والجميل للمُجتمع السوداني

رصد: محمد جادين

بَدَا مبعوث الاتحاد الأفريقي محمد الحسن ولد لبات مُتفائلاً بتنفيذ الاتّفاق الذي تم التّوصُّل إليه بين “المجلس العسكري” و”قِوى إعلان الحُرية والتّغيير” رغم الصُّعوبات المُتوقِّعَة أثناء تَحويله من الأوراق إلى أرضَ الوَاقِع، ورَغم وُجُود عَقبة أُخرى مُتبقية تتمثل في “المجلس التّشريعي”، يَخشى كَثيرون أن تَصبح “خَميرة عَكننة” تَنسف ما تمّ التّوصُّل إليه، ولكن تَمَسّك “ولد لبات” بتفاؤُله بتجاوُز تسمية “الطرفين” بـ “الشريك”.
وقال المبعوث الأفريقي في مُقابلةٍ مع قناة “إسكاي نيوز عربية” أمس، رصدتها (الصيحة)، إنّ الروح العالية بين “العسكري” و”التغيير” هي التي أوصلت السُّودانيين إلى هذا الواقع المأمول، وتَخطي جميع العقبات والصُّعوبات، وشَدّدَ على أنّ إرادة السُّودانيين أنفسهم هي الضمان الوحيد والكبير لتحقيق تَطَلُّعاتهم، وتحقيق أهداف الثورة التي حَلِموا بها ونَاضلوا من أجلها.. تَحَدّث الموريتاني محمد الحسن ولد لبات “مبعوث الاتحاد الأفريقي” عن العديد من النقاط، وتَوَقّعَ أن يتم تَوقيع الاتّفاق النهائي بين الطرفين خلال فترةٍ أقصاها أُسبوعٍ، مُؤكِّداً وجود ضمانات إقليميّة ودوليّة لتنفيذ الاتّفاق ودعمه، ووصفه بالحَدث الكبير جداً للقارة الأفريقية والعالم العربي وللعالم أيضاً، ولم يستبعد حُضُوراً مُكَثّفاً لبعض الرؤساء والزعماء في القارة الأفريقية والعالمين العربي والإسلامي لحُضُور مراسم التوقيع النهائي للاتفاق.

بدايةً.. كيف تَمّ توزيع فترة الرئاسة الدورية في المجلس السيادي؟

المُهم أنّه تمّ الاتفاق على مجلس وزراء لحكومةٍ مدنيةٍ ومجلس سيادي لمدةٍ مُعيّنةٍ، الفترة الأولى عشرون شهراً للعسكريين، ثم تليها فترة أخرى يتولي فيها المدنيون الرئاسة.

تَمّ التوافُق على أغلبيةٍ مدنيةٍ في مجلس السيادة.. ما هي تفاصيلها؟

تَمّ التوافُق على نسبة “5” للعسكريين و”6″ للمدنيين، بما يعني أنّ مجلس السيادة بغالبية مدنية، ليس المُهم في هذا الوقت التّفاصيل، والمُهم الاتفاق الكلى الذي حدث بين الطرفين على هذه الصيغة “5” إلى “6”، وكذلك على الرئاسة الدورية من حيث الأساس وعلى صَلاحِيَات سبق وأن وقّع حولها الطرفان تفاهُماً في العشرين يوماً الماضية وتم اعتماد التفاصيل على هذه التفاهُمات.

كيف ستكون صلاحيات المجلس السيادي على بقية المُستويات؟

هناك مُلاحظةٌ مُهمّةٌ، إنّ النظام الذي تَمّ التّوافُق عليه هو أقرب إلى “البرلماني”، لأن الحكومة المدنية ورئيسها “رئيس الوزراء” ستكون لهم صلاحيات واسعة وهذا هو المعمول به في النظم البرلمانية، ثُمّ تكون الرئاسة عند المجلس السيادي، والأطراف عكفت على بعض جوانبها معنا، ولكن من ناحية المُؤسّسية النظام برلمانيٌّ، وستظهر تلك التفاصيل عندما يتم اعتماد التّحرير النهائي للوثيقة، الشئ الذي أُريد أن أؤكِّد عليه هو الإرادة القوية جداً التي ظَهرت بين الطرفين، لأنّ كل الأمور التي ظَهَرت من الآن وصاعدا تتم وفق مبدأ الشّراكة، وزيادةً على هذا المبدأ اتّفقوا على جُملةٍ من المبادئ.

في هذه المرحلة، هل نَتَحدّث عن شَخصيّاتٍ مُعيّنة للمجلس السيادي ومجلس الوزراء وآلية اختيارهم؟

أنا وسيطٌ ولست سُودانياً وإن كان قلبي ودمي سُودانياً، والكشف عن هذه الأسماء تأتي من السُّودانيين أنفسهم، وعندما تتحدّد سيُعلنون للملأ اسم رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة واسم رئيس المجلس السيادي وأعضائه.

ما هي الأُسس التي سَيتم بها اختيار حُكومة الكَفَاءات وهَل سَتتم بناءً على مُحاصصةٍ؟

الذي تمّ الاتّفاق عليه على أن تكون هذه الحكومة المدنية حكومة مُتشكّلة من كفاءات وطنيةٍ مُستقلةٍ، وسيكون المِعيَار الأسَاسي لرئيس الوزراء والوزراء، هو الكفاءة والصفة الوطنية والاستقلالية عن التّدافُع السِّياسي، فالإكراهات الوطنية والاستعجالات تفرض أن تكون الحكومة من هذا النوع إذا كَانَ الشعب السُّوداني هَذِه رغبته، وعلى هذه الحكومة ورئيس وزرائها أن يشرعا فوراً في القضايا المُلحة.

هل سيكون المجلس السِّيادي مَرجعية للحكومة؟

المجلس السِّيادي يُقر ويعتمد رئيس الوزراء والحكومة، لكن سَيكون الرأي الأساسي في الحكومة للحُرية والتّغيير لكن بالتشاوُر مع المجلس العَسكري، والاتّفاق الذي تَمّ البارحة أكّد على الشراكة بين الطَرفين، ونسأل الله تعالى أن لا يكون في الحكومة المُرتقبة طرفان، بل نُريدها أن تكون طرفاً واحداً وفقاً لمبدأ الشراكة.

المجلس التشريعي لم يتم البت فيه وهل هُناك آلية واضحة لتشكيله؟

اتّفق الطرفان على جُملةٍ من الأفكار، واتّفقا مرةً أخرى على أنهما سيسعيان على التّوافُق لتشكيله وتوزيعه بمُختلف الفئات المهنية والاجتماعيّة والسِّياسيّة وكذلك الولايات، ومن المُهم جداً أن يعكس الوجه المُتنوِّع والجميل للمُجتمع السُّوداني.

متى سيتم التوقيع النهائي للاتّفاق، وما هي المرجعية لضمان تنفيذه إقليمياً ودولياً؟

الاتحاد الأفريقي تمشياً مع مبادئه الأكيدة، وتمشياً مع رغبة الشعب السوداني وقادته العسكريين والمدنيين والثوريين كذلك هي أن ينأوا بمسلسلهم عن أيِّ تدخُّل أجنبي، فالسيادة السودانية على الحِراك الداخلي هي أكيدة، والأطراف حريصون عليها بشدة، وهذا لا يعني أنّهما مُنغلقان عن المُساعدات والدعم من الخارج والتعامُل مع مُحيطهم الإقليمي والقاري والعربي والأفريقي والدولي، ولكنهم أكّدوا، وهذا شئٌ معقولٌ ونحن ندعمهم قوياً في ذلك، وأنّ الأمر يجب أن يبقى سُودانياً، أما متى سيتم التوقيع فهذه مسألة وهم لديهم سكرتارية تَعكف على التّرتيبات البروتوكولية للتوقيع على الاتفاق واستقبال الضيوف، لأنّ هذا حَدثٌ كَبيرٌ جداً للقارة الأفريقية والعالم العربي وللعالم أيضاً، وبالتالي ربما يكون هناك حُضُورٌ مُكثّفٌ لبعض الرؤساء والزعماء في القارة الأفريقية والعالمين العربي والإسلامي، والتوقيع النهائي أراه قريباً في أيّامٍ قليلة جداً ونتوقّعها أقل من أسبوع.

هَل هُناك ضماناتٌ واضحةٌ من الاتّحاد الأفريقي حال وقعت خلافاتٌ بين الطرفين؟

دعونا نتفاءل أولاً، وبالطبع ستكون هناك آليةٌ دوليةٌ لضمان تنفيذ الاتّفاق من الاتحاد الأفريقي والأمم المُتحدة وربّما الجَامعة العَربية والاتّحاد الأوروبي والإيقاد هذا شَئٌ مألوفٌ لتعبئة المُجتمع الدولي لدعم وإعمال وتنفيذ الاتّفاق، وأؤكِّد على شئٍ كَرّرتَه كثيراً أنّ الضمانة الأساسية لتنفيذ الاتّفاق هي إرادة السُّودانيين أنفسهم، وإذا كان المجلس السيادي وحكومة مجلس الوزراء على تَوافُقٍ لمُواجهة التّحديات والتّنسيق والعمل المُشترك من أجل أن يتم تطبيق الاتّفاق، وإذا تحقق هذا يبقى هذا الضمان الحقيقي.

هذا كلامٌ جميلٌ، لكن مَاذا إذا حَدَثت خلافاتٌ؟

لِمَاذا نَعترض على الكلام الجميل وهو الذي أنتج هذا الاتّفاق، نَعم لا يُمكن أن لا تكون هناك صُعُوبات حتى وإن لم تظهر خلال الفترة الحالية، لكن أعتقد أنّ إرادة الطرفين التي تَغَلّبت على صُعُوباتٍ أكبر من المُتوقِّعة، يُمكن أن نعول عليها بوصفها الأداة الرئيسية للصعوبات القادمة، ونرجو أن لا تكون كبيرة، ونحن في الوساطة وأصدقاء السُّودان والمَنظومة الدولية وكل الإرادات الحسنة التي شاركت بصُورةٍ مُباشرةٍ أو غير مُباشرةٍ في بلورة الأفكار التي أدّت إلى الاتّفاق المَرحلي سنكون سنداً وتحت تصرُّف الشعب السوداني، والمجلس السيادي والحكومة المدنية ودعمهم في تذليل الصُّعوبات إن شاء الله.

البعض يرى الثلاث سنوات لفترة الحكم الانتقالي طويلة؟

الفقه السياسي فيما يتعلّق بفترات الحكم الانتقالي فعلاً ينظر إلى هذه الفترة بأنها طويلةٌ، ولكن المُهم ليس الجُمُود العقائدي على هذه النُّقطة الفقهية في هذه المَجَال أو ذاك، والمُهم في هذه الفترة جَاءت نتيجةً لاتّفاق السُّودانيين بمعنى أنّها أداة نجاة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى