القيادي بالحرية والتغيير ساطع الحاج في حوار الساعة مع (الصيحة)

الوثيقة الدستورية لم تُسرّب وتم نشر النسخة الأصلية بقرارٍ من قيادات التغيير

لم نُطالب بأيِّ إقصاءٍ سياسي ولا بحل المؤتمر الوطني

لا يُوجد ما بين السطور في الاتفاق.. والحرية لن تخون

هُناك قوانين مُعيبة والفترة الانتقالية ستشهد إصلاحاً في دولاب العمل القانوني

الثورة السودانية ليس لها قائد وهذه ضمانة لحماية الاتفاق

حاورته: شادية سيد أحمد

تصوير: محمد محكر

ساطع أحمد الحاج القانوني والقيادي بقِوى الحُرية والتّغيير عُضو وفد التّفاوُض، عُضو اللجنة الفنية لصياغة الوثيقة الدستورية، وأحد رُمُوز التغيير خلال الثورة الشعبية التي قام بها الشعب السوداني، عُرف بمُعارضته الصّارخة للنظام السابق الذي يَحلو له أن يُسمِّيه بالنظام الاستبدادي الظلامي.. (الصيحة) جلست إليه، واضعةً على منضدته العديد من الأسئلة التي تتصل بالمرحلة ما بعد التوقيع على الوثيقة الدستورية وما ستتمخّض عنه المَرحلة المقبلة، وحول مَوقف الحزب الشيوعي الرافض للوثيقة وكيفية التّعامُل معه، وضمانات حماية التّوقيع بالأحرف الأولى، وماذا يعني التوقيع بالأحرف الأولى وإمكانية صُمُود هذا الاتّفاق أمام التحديات المَاثلة والعَديد من الأسئلة في الحوار التالي:-

*بدءاً ماذا يعني التوقيع بالأحرف الأولى، وهل يُشكِّل هذا التوقيع حمايةً للاتّفاق الدستوري، وهَل هُناك مِسَاحَة التّراجُع عنه؟

عبارة التّوقيع بالحرف الأولى عبارة مَعروفة في القانون الدولي العام ووردت في الكثير من الاتّفاقيات والمُعاهدات الدولية مثل مُعاهدة فيينا للعام1969، وهذه العِبَارة لديها مَدلُولات ومَعانٍ، وتَعني أنّ التّفاوُض قد اكتملت جوانبه، ومَا تَمَخّض عَنَ التّفاوُض يُكتب في مَتن، وهذا المتن قد اكتمل، فَضْلاً عن أنّ المادة (12) في اتفاقية فيينا تنص على إمكانية اعتبار التّوقيع بالأحرف الأولى قبيل التّوقيع النِّهائي عَلَى المُعاهدة إذا ثَبَتَ أنّ الطَرف المُفَاوض قد اتّفق على ذلك تماماً، والمقصود من التّوقيع بالأحرف الأولى أيضاً الإقرار بِصِحة مَا ورد في المُذكِّرة التي تم التّوقيع عليها، إلى جانب أن تكون هناك مساحةٌ لرجوع كل طرفٍ إلى قواعده وتنويره بالاتّفاق، خاصّةً بالنسبة لنا كحُرية وتغيير تضم مجموعة كبيرة من الأحزاب السياسية السودانية والمُنظّمات وغيرها، ويحق لهذه القوى أن تلقي نظرة على ما تمّ الاتفاق عليه، وهذه النظرة لا تعني تراجعاً أو مُراجعة عن ما اتّفق عليه فقط ولكنها مَسألة أدبية، وبنص المادة (12) لن يَكون هُناك تَراجُعٌ أو نكوصٌ عن الاتفاق، الى جانب التأكيد من الطرفين على عدم التّراجُع عن الاتّفاق، والتّوقيع بالأحرف الأولى كذلك يعني رضاء كل طرفٍ على ما تمّ الاتفاق عليه وهي خطوة أولى تجاه خطوة نهائية.

إذن يُمكن أن نقول إنّ عبارة التوقيع بالأحرف الأولى ليست لها علاقة بالسِّياسة وهي عبارة قانونية؟

نعم هي عبارة قانونية ومُلزمة، وليست عبارة سياسية، ولا داعي للتخوف.

*في رأيك هَل سَيصمد الاتّفاق الدستوري الذي تَوَافَق عليه الطرفان أمام التّحدِيَات التي تُواجه السُّودان؟

نَعم سَيصمد هذا الاتّفاق، أولاً لأنّ هذا الاتّفاق وَضع في الاعتبار كُلّ تَجارب الدِّيمقراطيات السّابقة وأسباب فشلها، وأنّ قصر الفترات الانتقالية من أهم عوامل الفَشل مُقارنةً مع المهام المنوط بالفترة الانتقالية، ولتحقيق نظام ديمقراطي نحتاج إلى إيقاف الحَرب وإقرار السَّلام وإعادة النّازحين وتَوطين اللاجئين، إلى جانب التّحرير الاقتصادي وتحقيق العَدالة الاجتماعية قبل الانتخابات القادمة، وأشياء أخرى، وكل ذلك يحتاج إلى فترة زمنية تُمَكِّن الأطراف من إنجاز هذه المَهام وإعادة التركيبة السياسية في ظل وجود أكثر من 200 حزب سياسي، وجمع المشاريع النّهضوية من حَالَة السُّيولة التي يعيشها السودان حالياً وبلورتها بلورة حقيقية وهذا يحتاج إلى زمنٍ حُدِّد ما بين ثلاث إلى أربع سنوات بحساباتٍ علميةٍ دقيقةٍ.

*مقاطعة.. هل لديكم برنامج مُعد مُسبقاً لقيادة البلاد؟

نعم بالتأكيد لدينا برامج حقيقيّة أُعدّت من قبل سقوط النظام منذ العام 2012، ونسّقنا مع الحركات المُسلّحة قبل سُقوط النَّظام، فَضْلاً عَن ضَمَان الإرادة الشَّعبيَّة التي قَامَت بالثورة التي لا تَشبه أيِّ ثَورة في العَالم “ثورة شعبية” ليس لها قَائدٌ، بل يَقُودَها الملايين وهذا من أهم الضمانات.

*تسرّبت الوثيقة وتم نشرها في العديد من الوسائل الإعلامية والمواقع والصحف، هل هذه هي الوثيقة الحقيقية؟

أولاً الوثيقة لم تُسرّب، وكَانَ هُنَاك قَرارٌ مِن قِيَادَة الحُرية والتّغيير بِنَشر الوَثيقة وتَمليكها للشَّعب السُّوداني وَهَذا لَم يَحدث مِن قَبل، إذن هي نُشرت بقرار من القيادة العليا للحرية والتغيير، والنسخة الأصلية هي النسخة المُوقّع أي نسخة لا تحمل التوقيع ليست لنا بها علاقة.

*هناك حديثٌ بأنّ الاتّفاق عالي نسب المُشاركة في المجلس التشريعي سَيُخضع للمُراجعة؟

تَمّ الاتّفاق منذ مايو الماضي على إنشاء مجلس تشريعي نسبةً لطول الفترة الانتقالية، ولا بُدّ من وجود مُؤسّسة تشريعية تُراقب أداء الفترة الانتقالية، وتوافقنا على نسبة 67% للحرية والتغيير، و33% للقوى السياسية الأخرى التي تشمل الحركات المسلحة المُوقّعة على إعلان الحرية والتغيير وغير المُوقّعة، إلى جانب الطرق الصوفية والإدارات الأهلية وقوى سياسية أخرى غير التي كانت مُشاركة حتى 11 أبريل وهذا ليس إقصاءً، ولكن هؤلاء كَانُوا جُزءاً من المشروع الاستبدادي، والآن نعمل على بناء مشروع ديمقراطي، وهؤلاء مُؤكّد لن يكونوا جُزءاً من بناة وحُرّاس المشروع الديمقراطي، من يؤمن بالمشروع الاستبدادي لا يُمكن أن يُؤمن بالمشروع الديمقراطي، ولكن لم يحدث أيِّ عزلٍ سياسي، ولم نُطَالب بحل المؤتمر الوطني الآن ولن نطالب بذلك، ونتحدث فقط عن المُحاسبة باعتبارها قضيةً أساسيةً، وسوف تكون هناك مفوضية للعدالة الاجتماعية ولا نتحدّث عن إقصاء أيٍّ من القوى السِّياسيَّة، وقمنا باستثناء الذين وقّعوا اتفاقات ومعاهدات سلام سابقة وشاركوا عبر هذه الاتّفاقات في النظام السَّابق، وهناك رُمُوزٌ صارخة وهذه الرموز سوف تستحي ولن تكون طرفاً في صناعة المُستقبل بأيِّ حالٍ من الأحوال، نريد برلماناً يُعبِّر عن كل التشكيلة الاجتماعية المُختلفة للشعب السوداني.

*كثر الحديث عن مواقف الجبهة الثورية قبل الاتّفاق؟

الجبهة الثورية جزءٌ من نداء السودان، ونداء السودان من المُكوِّنات الأساسيّة للحُرية والتّغيير، ونُؤكِّد أنّ قضايا إيقاف الحرب وتَحقيق السَّلام وإعادة تَوطين النازحين واللاجئين من أهم القضايا التي ستتم مُعالجتها خلال المرحلة الانتقالية، ولذلك اعتبرنا أنّ الأشهر الستة الأولى أولوية قُصوى لتحقيق السلام، وتم تضمين رؤية الجبهة الثورية في هذا الصدد بالمسودة الدستورية عبر بابٍ كاملٍ، وهذا يُعتبر اعترافاً من الحرية والتغيير بأهمية السلام والتنمية.

*ما بين سطور هذا الاتفاق الدستوري، هل هناك أشياء غير معلومة في هذا الاتفاق؟

أؤكد لك أنّه لا يُوجد ما بين السطور في هذا الاتّفاق، ولا يُمكن للحُرية والتّغيير التي تُعتبر جُزءاً من الشعب السوداني أن تتفق مع المجلس العسكري اتفاقاً غير شفاف وغير واضحٍ ولا يُصب في مصلحة الشعب السوداني، الذين يُفاوضون باسم الحرية والتغيير، هُم من دفعت بهم الحرية والتغيير إلى طاولة المُفاوضات، ولا يُمكن للحرية والتغيير أن تخون الحرية والتغيير، وبالتالي لا يُوجد أيِّ اتفاق سري أو بين السطور لهذا الاتّفاق وهو اتّفاقٌ شَفّافٌ وواضحٌ.

*هناك عددٌ من القيادات أبدت زُهدها للمُشاركة في الفترة الانتقالية.. كيف تقرأ هذا؟

من بينهم ساطع الحاج، وهذا ليس بتكتيكٍ سياسي.. الدستور ينص على أنّ من يرغب في دُخُول الانتخابات القادمة لا يجب أن لا يكون جزءاً من الفترة الانتقالية حتى لا يَكُون هُناك تَضارُب في المصالح وهذ النص واضحٌ وشَفّافٌ، ومعظم السِّياسيين يُريدون أن يكونوا جُزءاً في المرحلة ما بعد الفترة الانتقالية، لذا نُريد أن نكون جُزءاً من الفترة الانتقالية.

*هل نتوقّع بُرُوز سَاطع الحَاج ضِمن الفترة ما بعد الانتقالية؟

ليس ساطع الحاج وَحده، بَل الكَثير من القِوى السِّياسيَّة، إذا ربنا أمدّ في الآجال يُمكن أن نكون جُزءاً من المجلس التشريعي وانتخابات البرلمان، ونريد للفترة الانتقالية أن تكون واضحةً وشفّافةً وبدون مصالح وفترة تمهيدية للبناء الفعلي.

*القوانين الحالية هَل هِي كَفيلةٌ بتسيير الوَضع خِلال الفترة الانتقاليّة، أم أنّ هناك قَوانين مُعيبة وتحتاج إلى تَعديلاتٍ جَوهريةٍ؟

لا.. القوانين الحالية غير كفيلة بتسيير الأمور في الفترة الانتقالية وهناك قوانين مُعيبة وأخرى مُقيّدة للحريات وتحتاج إلى مُراجعاتٍ كثيرة، ولذلك هُناك إصلاح في دولاب العمل القانوني خلال الفترة الانتقالية، وستصدر قوانين خلال الفترة الانتقالية لتسيير مَهام الفترة الانتقالية، ومن أهم الأولويات في الفترة الانتقالية الإصلاح القانوني في دولاب العمل القانوني خَاصّةً التي تتعلّق بالمواطن بصُورةٍ مُباشرةٍ.

*مَاذَا بشأن الدستور الدائم؟

اتّفقنا أنّ إحدى مهام الفترة الانتقالية العمل على صنع الدستور الدائم، ولكن سيتم ذلك في نهاية مهام الفترة الانتقالية التي سَتشهد عَقد المُؤتمر الدستوري لمُناقشة ملامح الدستور الدائم.

*هُناك حَديثٌ عَن وُجود طلبٍ أمريكي أفريقي بعودة الفريق صلاح قوش الى المسرح السياسي.. ما قولك؟

أولاً الفريق صلاح قوش واحدٌ من سَدنة وبُناة وحُرّاس المشروع الاستبدادي، وظلّ مُخلصاً لهذا المشروع حتى آخر يوم عمل له، فهل يمكن أن يكون جُزءاً من بُناة وحُرّاس المشروع الديمقراطي؟ أعتقد الاجابة لا.. لا يمكن بأيِّ حالٍ من الأحوال أن يكون الفريق قوش الآن جُزءاً من المُستقبل، هذه كانت مرحلة والشعب السوداني قام بطي الصفحة وقلبها تماماً ولم يتبقَ منها سوى مُحاسبة الذين أفسدوا وأجرموا في حَق الشّعب السُّوداني، هذا هو الذي يربطنا بصفحة الماضي.. أما حُرّاس صفحتها بما فيها الفريق قوش، لا أعتقد انّ هناك شخصاً سودانياً واحداً يُريد أن يعيد هذه الصفحة مرة أخرى أو إعادة النظر فيها، هذا المشروع الاستبدادي وسدنته لن يكونوا ضمن حُرّاس المشروع الديمقراطي.

*موقف الحزب الشيوعي الرافض للوثيقة الدستوية كيف سيتم التّعامُل معه؟

الشيوعي حِزبٌ كَبيرٌ ومُنَاضِل ولا يُمكن تجاوُزه، ومن أشرس الأحزاب التي وَقَفت ضد مشروع الإنقاذ الظلامي الاستبدادي ودفع الثمن غالياً، وَهُو حِزبٌ مُؤثِّرٌ لا يُمكن تَجَاوزه بأيٍّ حالٍ من الأحوال.

*لا يزال السؤال قائماً، كيف سيتم التّعامُل مَعَهُ في ظل المُبرِّرات التي ساقها؟

الحزب اتّخذ موقفاً صحيحاً ونحن نحترم قَراره هَذا، وهو لم يَرتكب جَريمة كُبرى عندما أعلن موقفه الذي هو محل احترامٍ، ونحن كقِوى سياسية سَنُناقش الحزب الشيوعي في موقفه هذا وفق منهجية وعلمية وموضوعية، لكن الآن لا نملك إلا أن نُصفِّق له على كل النضالات التي قدّمها للشعب السوداني عَبر مَنَاحٍ مُختلفة، رجالاً ونساءً كانوا في مُقدِّمة الصُّفوف طيلة الثلاثين عاماً الماضية، وهو الآن جُزءٌ من تَحَالُف قِوى الإجماع التي هي جُزءٌ من الحُرية والتّغيير، ولا يُمكن أن يتم تجاهله أو التفريط فيه، ووجوده داخل قِوى الإجماع ضرورة لا يُمكن التفريط فيها ونحترم موقفه هذا، وهو كان سداً منيعاً أمام أيِّ انبطاحٍ خلال الفترة السابقة، رَغم أنّه في اللحظة الأخيرة فضّل أن يَنسحب من مَشهد التّفاوُض والوثيقة الدّستورية ولا يَكُون جُزءاً من ذلك، رُبّما هُناك إخفاقات رآها الحزب الشيوعي هي التي أدّت إلى هذا الموقف، ولَكن نَعتقد أنّ كل الإيجابيات التي تَحَقّقت حتَّى هذه اللحظة كَانَ للحزب الشيوعي دَورٌ كَبيرٌ في تحقيقها وسنتحاور بعُمقٍ مع الحزب الشيوعي خلال الأيام القادمة لتوحيد المواقف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى