السياسي المخضرم ومؤسس اللجان الثورية عبد الله زكريا لـ(الصيحة):

وضع السودان لا يحتمل أن يبقى بلا حكومة أكثر مما بقي

لا يحق لقوى الحرية والتغيير أن تدّعي مِلكية الثورة

الأجاويد يجب أن يكونوا سودانيين والوساطة الأجنبية كلام فارغ

حكم الإنقاذ (إخواني) وليس عسكرياً حتى ولو على رأسه (عسكري)

هناك استهداف خفي للجيش من بعض الأحزاب وأنا مع (الحصانة)

على طرفي التفاوُض إكمال الاتفاق وتصحيح العيوب بالممارسة

من يرفُض الحصانة مخطئ ومن يقُل بإطلاقها مخطئ أيضاً

الحركات المسلحة يجب أن تساوِم بسرعة وتُدمَج في الجيش

الثورة قَدر إلهي ولا يمكن لألف حزب أن يعملوا ثورة ولو اجتمعوا

حوار: هويدا حمزة

تصوير: محمد نور محكر

حثّ السياسي المخضرم، ومؤسس اللجان الثورية، عبد الله زكريا، المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، على إكمال التوقيع على الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية ومعالجة العيوب وتصحيح المسار بالممارسة ليسير دولاب الحياة.

وقال زكريا إن السودان لا يحتمل وضع عدم الاستقرار بدون حكومة أكثر مما احتمل، ودعا الطرفين لوضع حالة اقتصاد البلد المنهار في الاعتبار، وأوضح زكريا أن الثورة قدر إلهي، ولا يمكن لألف حزب أن يعملوا ثورة ولو اجتمعوا، وقال إن هناك استهدافاً خفياً للجيش، محذراً من المساس به، لأنه حامي الأرض والعرض، داعياً إلى ضرورة مساومة الحركات المسلحة ودمجها في الجيش التفاصيل أدناه.

*هل ما تم التوصل إليه من اتفاق، وتم التوقيع عليه بالأحرف الأولى بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، يتناسب مع كل الجهود التي بُذلت والدموع التي ذُرفت في الفترة منذ 19 ديسمبر وحتى الآن؟

– السودان لا يحتمل أن يستمر في وضع عدم الاستقرار الذي وُضِع فيه بدون حكومة طوال الفترة الماضية، لذلك حتى إذا كانت هناك عيوب في الاتفاق فبالمُمارسة يمكن تصحيح المسار وتجاوز تلك العيوب، نريد حكومة ممثلة في مجلس الوزراء بسرعة كبيرة ليتحرك دولاب الحياة، التقييم الحقيقي بعد أن يكتمل الاتفاق، لأن السياسي نصف الاتفاق، شخصياً اعتقد أن هنالك مفاهيم يجب أن نتحدث حولها بصراحة، في العصر الحديث الدولة تُعرَف بالجيش، فالدولة أرض وشعب، مَن الذي يحرس الأرض والشعب؟ الجيش أليس كذلك؟

*أليس البشير كان قائداً للجيش؟

– تسمية الإنقاذ إنه حكم الجيش أو حكم العساكر، تسمية خاطئة، هو حكم حزب الإخوان المسلمين حتى لو كان البشير عسكرياً، ولكن هناك استهداف خفي للجيش، وأنا شخصياً أرفض أي مساس به.

– من الذي يستهدِف الجيش؟

الأحزاب، بعضها إن لم تكن كلها في قوى الحرية والتغيير، وهذا ممنوع .

* لماذا تُريد استهداف الجيش طالما أنه حامي الأرض والشعب؟

المفهوم الخاطئ، أن هناك حزباً سياسياً حكم بواسطة انقلاب، وهذا لا يعني أن الجيش كان حاكماً، ذلك الحزب سخّر الجيش، الجيش السوداني من أعظم الجيوش في أفريقيا وحارب 60 عاماً، فالمدنية مقصود بها البرلمان ومجلس الوزراء، أما السيادة فمسألة تشريفية يُشرّف بها الجيش، ومن ثم لا يجب أن يُمَس الجيش بأي سوء.

*القانون يمنع الجيش من ممارسة السياسة؟

– مهمة الجيش حراسة الأرض والشعب، ويجب أن نفصل بين السيادة والسلطة السياسية، وليس هناك أي احتكاك.

*هم يقولون إن الجيش امتداد للنظام السابق، ومن ذهب هو البشير فقط ؟

– لا، ذاك حزب استغل الجيش للحكم بواسطة انقلاب عسكري، كثير من أعضاء الحزب كانوا ضُباطاً واستمروا، لذلك يجب أن يتم الفصل بين أولئك وهؤلاء، الجيش هو الدولة السودانية، ويجب المحافظة عليه إذا كانت إعادة هيكلة الجيش مطلوبة، فالجيش يهيكل نفسه، هل هناك أي مدني يستطيع أن يقول إن هذا الضابط أحسن من ذاك؟

* نعود للاتفاق، هنالك ملاحظات أبدتها قوى الحرية والتغيير أو جزء من مكوناتها على الوثيقة الدستورية من ضمنها مسألة الحصانة والتي أدت لتأجيل التوقيع عليها، ما رأيك حول تلك الملاحظات؟

أنا مع الحصانة.

*لماذا؟

– لمناصبهم في القوات المسلحة.

* يمكن أن يرتكبوا ما يستدعي محاسبتهم ومعاقبتهم ولكنهم “ينفدون” من الحساب والعقاب بسبب تلك الحصانة؟ هل يتركون بلا حساب مثلاً؟

– الحصانة درجات، من يرفض الحصانة مخطئ، ومن يقول إن هنالك حصانة مطلقة مخطئ أيضاً، ثم إن الوقت ليس مناسباً لهذه الخلافات، أعتقد أن هذا الموضوع يجب أن يُعلّق .

*إلى متى؟

-إلى أن يحدث تحقيق في أي جرم ارتُكب، ومن الذي ارتكبه، هذه ليست مشكلتنا الآن، إذا شكّلنا لجنة تضم كل أجهزة القضاء كم ستأخذ من الزمن لتُنجز مهمتها؟ (بتطول صاح؟) يعني ليست مشكلتنا الآن قضية الحصانة، هذا الاتفاق بإيجابياته وسلبياته يجب أن يعبر ويتم الاتفاق على الإعلان الدستوري أيضاً، وتمضي الحياة، فاقتصادنا منهار، ويجب الانتباه لهذا، أنا أدعو لانسجام كامل بين المجلس العسكري وبين من سيكونون في مجلس الوزراء ومن سيكونون في مجلس السيادة لتمضي مسيرة الحياة بصورة سلسة.

* ما تعليقك على خروج بعض مكونات الحرية والتغيير منها بسبب عدم رضاها عن الاتفاق وادعائها بأنه تم تغييبها مثل الحزب الشيوعي؟

-المهم في الأمر، أن من تفاوضوا مع المجلس العسكري نريد منهم أن يكملوا التفاوض ويوقعوا على أي شيء، وهذه الخلافات يجب أن تتم تسويتها والحركات المسلحة يجب أن تُساوم بأسرع ما يمكن قبل التوقيع أو بعده، وهذا الحديث نوجهه للمجلس العسكري لأن الجيش السوداني هو من يحقق السلام .

*كيف تُساوم الحركات المسلحة؟ عن طريق الترضيات مثلاً، أي كما كان يفعل النظام السابق؟

– على قيادة الجيش والحركات المسلحة في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق أن يصلوا لصيغة سلام دائم، في رأيي الحوار مع الحركات المسلحة مسئولية الجيش.

*النظام السابق كان يتفق مع الحركات المسلحة وتتم ترضيتها بقسمة الثروة والسلطة، ثم لا تلبث أن تنشق منها حركات متمردة أخرى، يعني قصة الترضيات غير مُجدية أليس كذلك؟

-لا، هذه المرة يجب أن تكون الترضية شاملة، هم الآن في أديس يتفاهمون مع الجيش، لأن هناك إعادة دمج وأشياء يعرفونها مع بعضهم، لأن الطرفين حملة سلاح.

*ومن يرفض؟ ألا يمكن أن يكون (خميرة عكننة) لأي تسويات؟

– لا، هم حملوا السلاح ضد نظام معين، وهذا النظام لم يعد موجوداً، وبدأ عهد جديد، لذلك أرى أن يتفاهموا مع الجيش بخصوص التسريح وإعادة الدمج، وتدمج الحركات المسلحة في الجيش السوداني على وجه السرعة.

*يقولون الشيطان في التفاصيل، هل تتوقع أن يمضي الاتفاق قدماً أم إن الأشياء المُرْجأة مثل المجلس التشريعي يمكن أن تتعرض لذات الأخذ والرد الذي تعرّض له المجلس السيادي والوثيقة الدستورية؟

– يجب أن يمضي الاتفاق، وإذا حدثت اعتراضات (نجيب أجاويد) للطرفين؟

*أجاويد أجانب مثل آبي أحمد مثلاً؟

-لا، أجاويد سودانيون.

*ولكن قوى الحرية والتغيير سترفض كما رفضت من قبل وساطة محلية مقترحة؟

– نبحث عن سودانيين آخرين، فوساطة الاتحاد الأفريقي أو أثيوبيا أو اي دولة أخرى أو منظمة (كلام فارغ).

*ولكنهم رغم ما تقول نجحوا في الخروج من الوساطة باتفاق حتى وإن لم يكن مُرضِياً للطرفين؟.

-الطرفان يقولان لا نريد تدخلاً أجنبياً، ولكنهما يوافقان في النهاية.

*هل أتى الوسيطان الأفريقي والأثيوبي لأن قلبيهما على السودان أم أتيا بأجندة؟

-(القال ليهم تعالوا منو؟)

*السودان عضو مؤسس للاتحاد الأفريقي، وأثيوبيا جارة شقيقة تربطنا معها ملفات، وأمن السودان ضروري لها؟

– الطرفان مخطئان باستجلاب طرفٍ أجنبي.

*طيّب، هنالك مطالبة بخروج قوات الدعم السريع من المشهد السياسي أو من الشارع السوداني على الأقل؟

– نحن لدينا مفهومان السيادة والسلطة، الأولى للجيش والثانية للشعبـ، والسيادة يجب الا تكون شرفية فما دخل الدعم السريع؟

* ولكنهم لا يعترفون بالدعم السريع كقوة نظامية تكمل عمل الجيش .

– وما دخلهم في هذا الخصوص؟

* يعتقدون أن الدعم السريع مسئول عن فض الاعتصام؟

– هذا يتم إذا وافق الطرفان على حدوث تحجيم، أقصد الجيش والدعم السريع. ولكن أتساءل لماذا الهجوم على الجيش؟ وأُعيد إذا كانت الهيكلة مطلوبة فليقُم بها الجيش لوحده في إطار ترتيب البيت الداخلي.

*البعض يرى أن الجيش نفسه يعاني من انشقاقات بدليل المحاولات الانقلابية المُتكّررة مما يدل على تملمُل داخل هذه المؤسسة السيادية؟

-هذه مشاكل داخل مؤسسة الجيش، ويجب أن يحلها الجيش لوحده.

*ولكنهم أصبحوا شركاء رضينا أم أبينا؟

-شركاء، ولكن يجب معرفة الحدود، نعرف ماهية السلطة السياسية، ونفرق بينها وبين السيادية، ومهام كل واحدة.

*بصفة عامة، الإحساس العام وعدم الرضا عن الاتفاق من قبل الطرفين وعدم الرضا هذا (باين في العيون) ؟

– رغم التحفظات من الجانبين، يجب أن يتم الاتفاق لإنقاذ الاقتصاد المنهار، نريد تحركاً في كافة الخدمات، وأعلى قرار في أي اجتماع هو القرار السياسي، فماذا يريدون بعد ذلك؟ وهذه فترة انتقالية، هنالك نظامٌ حاكم تمّ خلعه، ويجب أن نأتي ببديل له، أدعو بسرعة لتجميد الخلافات وتشكيل الحكومة؟

*هنالك مبادرات طرحتها تجمعات ثوار مستقلة نرجو أن تقيّم لنا هذه المبادرات باعتبارك الرجل المؤسس للجان الثورية.

-الثورة الشعبية قدر إلهي، ولا يمكن لألف حزب أن يعملوا ثورة، ملايين الناس اجتمعوا على قلب رجل واحد، لذلك ليس من حق الحرية والتغيير أن تدّعي مِلكية الثورة،هذا الشعب عظيم ومعلم، ولا أحد طلب منه الخروج للشارع. كل الأحزاب تُريد سرقة الثورة السودانية .

*إذا وضعنا لك خيارات أيها تفضل، عسكرية كاملة الدسم أم انتخابات مبكرة أم الاتفاق الذي تم الآن؟

-أنا أفضل الانسجام بين المجلس السيادي مهما كان تكوينه وبين مجلس الوزراء.

*ماذا عن اللجان الثورية، كيف ومتى بدأت؟

– نحن حركة اللجان الثورية نؤمن بسلطة الشعب والقرار يجب أن يكون من جميع الشعب. بدات في انتفاضة أبريل وأول مؤتمر صحفي عقدته حركة اللجان الثورية 1985 ومستمرون كحركة، وتهدف لعمل مجتمع إنساني لا فيه دولة ولا حكومة ولا أحزاب.

*إذن فشلتم، لأن هدفكم لم يتحقق؟

– الآن هي حركة ثقافية وليست سياسية، تحاول نشر ثقافة أن كل السودانيين يكونون شركاء في اتخاذ القرار السياسي، والشعب هو الحكومة، وجرّبنا هذه المسألة في 1992- 1997 عملنا نظاماً سياسياً كاملاً هو نظام المؤتمرات الشعبية، الدولة كانت تريد دعماً من ليبيا وحتى يعطيهم القذافي دعماً طلبوا منا تأسيسها هناك، أي في ليبيا، لكن الحركة الإسلامية خافت، فأعادوا الأحزاب، والآن نحن نريد إعادة اللجان الشعبية والثورية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى