الجبهة الثورية..محاولات للحاق بقطار التفاوض

تقرير:  عبد الله عبد الرحيم

في بادرة جديدة ومفاجئة للوسط السياسي، أعلنت الجبهة الثورية رغبتها في لقاء منفصل برئيس وزراء إثيوبيا لبحث قضايا السلام، وقالت إنها ستدخل في مفاوضات منفصلة مع المجلس العسكري الانتقالي في السودان ما لم تعَد هيكلة تنسيقية تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير.  وقالت الجبهة في بيانها أمس إن الحل الناجع للأزمة يتمثل في وضع السلام على رأس القضايا التي يجب بحثها وتابع (لن يجدي فعل ذلك في غياب القوى السياسية المسلحة).

وبالرغم من أن الجبهة الثورية تعتبر أحد مكونات تحالف الحرية والتغيير، إلا أن الكثيرين يرون أن الموقف الجديد للجبهة الثورية يعتبر بمثابة تطور إيجابي ومسار جديد للحلول في إطار المساعي الكثيرة التي ظلت تُبحَث باستمرار في الساحة السياسية ووسط الكتل والأحزاب السياسية المختلفة، وذلك بغرض إيجاد مخرج لأزمة الحكم في السودان.

بيد أن الكثير من المتابعين عن كثب والمراقبين لمجريات الساحة السياسية السودانية بالداخل والخارج، يرون أن الموقف الجديد للجبهة الثورية يعتبر سيناريو جديداً يمكن أن يُعطي إشارات مغايرة لحلول جديدة لم تطرقها المبادرات ولا الوساطات الداخلية والخارجية، وقد تُحدِث مخرجاً عاجلاً إذا ما تعاملت معها الأطراف بذات الأهمية التي قابلت بها موفدي الوساطات الإقليمية والدولية وكيانات الداخل من إدارة أهلية وغيرها من البيوتات السياسية.  فهل ستأتي صحوة( الثورية) في زمن العصيان السياسي بجديد وتحديداً بخروقات إيجابية ومرضي عنها لدى كافة الأطراف في ظل التشبّث بالمواقف الذي تشهده الساحة السياسية؟.

غير مشلولة

وحول حديث الجبهة عن ضرورة مخاطبة قضايا الحرب والسلام التي عمدت إلى قرنها برهان تحقيق عملية التسوية السياسية الشاملة وتكوين جسم مرجعي شامل لكل القوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير باعتبار أنه الضمان لوحدة المعارضة ولضمان قيام حكومة غير مشلولة بالتشاكس طوال الفترة الانتقالية. استحسن د.  السر محمد علي، الأكاديمي بالجامعات السودانية والمحلل السياسي لـ(الصيحة) بالتحول السريع والعاجل للجبهة الثورية السودانية واستشعارها الخطر الذي يحدق بالبلاد ما يُعد خطوة إيجابية ومحمودة من الحركة التي كان تُراهن على السلاح في عملية التغيير، وزاد أن التشبث بالمواقف وعدم التحرّك منها نحو الحلول المستعصية واحدة من القضايا التي زادت من معاناة الشعب السوداني وأدخلت البلاد في دوامة الصراعات التي عانت منها سنين كثيرة، مؤكداً أن هذا الموقف يُحمَد للجبهة الثورية التي تُعد أحد مكونات إعلان الحرية والتغيير الذي يُحاور المجلس العسكري الانتقالي. بيد أن د. السر قال وهو يُحلّل المواقف السياسية، إنه لا يدري إمكانية انخراط قوى جديدة من رتل تحالف إعلان الحرية في مسار الجبهة الثورية والتي قد تُقوّي هذا الاتجاه الذي تسير عليه الجبهة الثورية، وإلا فإنها سوف تضطر لتقاتل لوحدها كل تلك القوى المعاندة والتي تختلف مع العسكري في الكثير من القضايا المطروحة في طاولة التفاوض كالمجلس السيادي وتفصيلات الاتفاق السابق إذا ما وافقت قوى إعلان الحرية والتغيير على الرجوع والعودة لمربع التفاوض بينها والمجلس العسكري دون قيود أو شروط كما طالب به العسكري لجهة أن قوى الحرية قد وضع أمام طاولة النقاش الكثير من الشروط على شرف المباحثات التي أجرتها مع آبي أحمد الرئيس الأثيوبي خلال زيارته للبلاد.

مسؤوليات عظام

ولكن الخبير العسكري الأمين الحسن، المتخصص في شؤون التسليح والجماعات المسلحة يقول لـ(الصيحة) إن المهددات التي واجهها نموذج الأمن الفريد الذي ينعم به السودان وضع كل القوى السياسية أمام مسؤوليات عظام، ولكن موقف الجبهة الثورية  كان مفاجئاً وفقاً للحسن للكثير من المراقبين الذين كانوا لا يتوقعون هذه الميول المفاجئ والسريع ما يُعَد موقفاً جديداً ومشجعاً لعملية التفاوض التي تجري الآن بين طرفي المجلس العسكري الانتقالي وتحالف إعلان الحرية والتغيير.

وزاد الحسن بأن هذا الموقف ربما دفع الأطراف مشتركة لإجراء خطوات إيجابية وعملية لكسب الوقت وإلحاق ما يمكن اللحاق به، بيد أن الوقت لا زال باكراً للاتفاق حول انتقال السلطة عقب التفجر الذي حدث في الموقف بين الطرفين (الحرية والعسكري).  وتساءل الحسن عن لماذا لا تكون الثورية أحد مكونات تحالف الحرية والتغيير ممثلة في التفاوض الذي يقوده التحالف مع المجلس العسكري معرباً عن أمله في أن يكون ذلك ناتج دون إقصاء، لأن ذلك قد يشعل الحرب مجدداً في التحالف إذا ما توصل إلى اتفاق مع المجلس العسكري ما يعد إشارة شؤم قبالة أية خطوات يمكن التوصل حولها بين الطرفين ونذير بإجهاض كل ما يمكن قد يتوصل إليه من حلول للأزمة السودانية باعتبار أنها ناتجة عن أطراف بعينها دون الأخرى.

مواقف الثورية

ولكن د. السر محمد علي المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي يرى في حديث سابق بأنه رغم تأخر الجبهة الثورية في الدخول لأجواء التفاوض مع المجلس العسكري، إلا أنه قال أن تأتي أخيراً خير من ألا تأتي بالإشارة إلى المواقف السابقة للجبهة الثورية إبان النظام البائد ،وهو الذي شهد ميلاد تشكيلها وتكوينها وإعلانها إسقاطه بكافة السبل. وربط السر المواقف السابقة لتعنّتها الدخول في مفاوضات للسلام بتعنت النظام البائد في عدم الاعتراف بها والبحث عن سبل تُوصِّل لاتفاق بينه وبينها ويضع أوزار الحرب، بعد أن توجّهت لبناء جسم يجمع كل التكوينات المسلحة من الحركات الحاملة للسلاح في دارفور والنيل الأزرق وكردفان، ولكن الخلاف الذي نشب بين تلك المكونات في رئاسة الحركة وبعض الأوضاع التفصيلية قد أجهضت كل المساعي التي يمكنها أن تجعل من الجبهة وقتها جبهة وحركة قوية تفرض نفسها ليس على الحكومة وقتها فحسب وإنما على المجتمع الدولي الذي يراقب الأوضاع في السودان عن كثب، وقال السر إن الخطوة الراهنة من شأنها تعجيل التوصل لاتفاق بغض النظر عن تفصيلاته ولكنه قد يكون شاملاً وحاوياً لكل الأطراف السياسية التي حتماً قد عَنتْها الجبهة الثورية وهي تتحدث عن رهان تحقيق عملية تسوية سياسية شاملة وتكوين جسم مرجعي شامل لكل القوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير باعتبار أنه الضمان لوحدة المعارضة ولضمان قيام حكومة غير مشلولة بالتشاكس، الشيء الذي يجعل من الأهمية بمكان النظر لجدوى الاتفاق بأنه هل سترضى عنه كل الأطراف إذا ما خاطب كل تلك القضايا التي لم يتفق بشأنها بعد، في وقت لا زالت فيه وساطة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لم تتجاوز مطبًا لعدم الثقة بين العسكري والمهنيين وهو الذي طالبت الجبهة الثورية بضرورة خلق لقاء بينها والمجلس العسكري لبحث الأزمة السودانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى